بروز أيمن الظواهري أخطر المطلوبين بعد بن لادن باعتباره العقل المدبر لهجمات نيويورك وواشنطن

زعيم تنظيم الجهاد زار أميركا سرا لجمع أموال مول بها تفجير السفارة المصرية في باكستان

TT

مع دعوة واشنطن لحركة طالبان في افغانستان لتسليم كل قادة تنظيم القاعدة، عاد اسم الدكتور ايمن الظواهري ( 50 عاما) رئيس عمليات اسامة بن لادن وزعيم تنظيم الجهاد المصري ليبرز باعتباره الرجل الثاني الذي تطالب به الولايات المتحدة.

ويعتقد ان الظواهري هو الشخص المرجح ان يكون يملك القدرات التنظيمية لتخطيط هجمات الاسبوع الماضي في نيويورك وواشنطن وذلك وفقا لخبراء حول تنظيم بن لادن، كما انه الشخص الذي اثر في معتقدات بن لادن من اجل مقاتلة من يعتبرهم اعداء الاسلام.

وحسب اوراق قضية في احدى محاكم القاهرة عام 1999 اعترف شخص يدعى خالد ابو الذهب بأن الظواهري قام بجولة في الولايات المتحدة عام 1995 حيث جمع تبرعات بمئات الالاف من الدولارات لعائلات ضحايا الحرب الافغانية واستخدم جزءا من الاموال في تفجير السفارة المصرية في اسلام اباد. ودخل الظواهري الولايات المتحدة باسم الدكتور عبد المعز والتقى زعماء الجاليات الاسلامية في نيويورك وكاليفورنيا وتكساس. وقال مسؤول امني مصري سابق ان الظواهري استخدم جوازات سفر فرنسية وسويسرية وهولندية بأسماء مزيفة ولا يستبعد ان يكون قد دخل الولايات المتحدة باحدها. ولم يكن الظواهري ولا بن لادن على القائمة الاميركية للمطلوبين وقتها.

وايمن الظواهري من اسرة ارستقراطية مصرية واسمه الكامل ايمن محمد ربيع الظواهري من مواليد 19 يونيو (حزيران) 1951 وتخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1974، وعمل طبيبا وجراحا وتزوج عام .1979 ووالده هو الدكتور محمد الظواهري أشهر اطباء الامراض التناسلية في مصر وكانت له عيادة في حي السيدة زينب، ووالدته هي السيدة اميمة عبد الوهاب وله شقيقان مهندسان هما محمد وحسين وشقيقتان هما هبة وأمينة.

ويتحدر الظواهري من عائلتين لهما تاريح ديني وفكري طويل، فجده لأبيه هو الشيخ الظواهري شيخ الازهر الاسبق، وجده لأمه هو الدكتور عبد الوهاب عزام عميد كلية الآداب ورئيس جامعة القاهرة وسفير مصر لدى باكستان والسعودية.

وحسب رواية المحامي محفوظ عزام خال والدة الظواهري فإن الظواهري درس في المدرسة الثانوية العسكرية بحي المعادي الذي تسكنه اسرته وهو يعد احد الأحياء الراقية في مصر، ثم قضى فترة تجنيده بمنطقة دهشور بعد ان تخرج في كلية الطب وفتح عيادة له بالمعادي، وقال ان عيادته ظلت قائمة حتى قبل سنوات قليلة بعدها قام الامن برفع لافتته من واجهة العيادة، ثم قررت عائلته التنازل عنها لمالك العقار بعد سلسلة من المضايقات الامنية.

واضاف عزام لـ«الشرق الأوسط» حسب وصفه للظواهري انه كان دمث الخلق رقيقا وضحوكا، وان قراءاته الكثيرة وتفكيره الجيد جعلاه متميزا للغاية بين اقرانه فضلا على انه جراح متميز حسب وصف اساتذة عالميين التقوه في باكستان اثناء رعاية المجاهدين هناك. ويقول انه رجل مسلم ويتحدر من اسرة كلها علماء ترجع جذورهم الى محافظة الشرقية، وان طباعه الخاصة ليست عنيفة بدليل انه حصل على براءة في قضية الجهاد الكبرى في اعقاب اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981 وان الحكم الذي حصل عليه بالحبس 3 سنوات كان في تهمة احراز سلاح فقط، مشيرا الى انه كان احد الشبان الذين عاصروا الحركة اليقظة التي اثرت على كثير من الرموز الاسلامية في مصر والعالم في فترة السبعينيات.

ويضيف عزام ان للظواهري شقيقين هما محمد وحسين، الاول عمل مهندسا بالسعودية وفي منظمات الاغاثة في البوسنة ويقال انه مقبوض عليه الآن لدى الاجهزة المصرية، اما الثاني حسين فهو مهندس ايضا وعمل في السعودية ثم انتقل الى ماليزيا ثم تمت اعادته الى مصر وهو حاليا يعيش طليق السراح.

اما عن حياة الظواهري التنظيمية فإن الروايات المشتركة لمحاميه منتصر الزيات وأحد زملائه في تأسيس «تنظيم الجهاد» كمال حبيب تقول ان علاقته بالجهاد بدأت مع يحيى هاشم واسماعيل طنطاوي ومحمد عبد الرحيم الشرقاوي ونبيل البرعي ضمن مجموعة عصام القمري الذي كان ضابطا في الجيش برتبة رائد في فترة الستينيات والتي كانت من اكثر المجموعات سرية. وهذا ما كان له السبب الرئيسي في عدم ورود اسم الظواهري في معظم العمليات التي نفذها التنظيم الذي تولى قيادته من خارج مصر عام .1991 ورغم ان اسم الظواهري كان متراجعا في قائمة المتهمين في قضية «الجهاد الكبرى» عام 1981 والذي كان ترتيبه فيها رقم 113 وصدر ضده حكم بالحبس 3 سنوات فإنه جاء على قائمة المتهمين في قضية «العائدون من ألبانيا» وصدر ضده حكم غيابي من المحكمة العسكرية بالاعدام. وكان الظواهري قد خرج من السجن عام 1984 وعاد لعمله كطبيب واستمر على ذلك حتى غادر مصر الى جدة للعمل فيها عام 1985 بعد حصوله على حكم بوقف قرار منعه من السفر. وبعد عام من ذلك انتقل الى مدينة بيشاور الباكستانية للعمل كطبيب لمداواة جرحى المجاهدين الافغان. ومثلما بدأت علاقة الظواهري بزعيم تنظيم الجهاد السابق عبود الزمر الذي يقضي عقوبة المؤبد في قضية الجهاد الكبرى الخاصة باغتيال الرئيس السادات، بدأت علاقته بابن لادن في اواخر الثمانينيات عبر الفلسطيني عبد الله عزام الذي تم اغتياله في وقت لاحق. ومنذ تعارف الظواهري وبن لادن بدأ نشاط الاول في ازدياد وبدأت تنقلاته بين اليمن والسودان والفلبين واذربيجان وحتى اميركا.

وفيما بدأت حرب تحتية بين قيادات الجهاد ونظرائهم من الجماعة الاسلامية لاستقطاب بن لادن، نجح الظواهري في كسب المعركة وحصل على تأييد بن لادن وقربه منه، خاصة ان الظواهري نصب شبكة من الموالين له حول بن لادن ضمت ابو عبيدة البنشيري الذي مات غرقا عام 1996 قرب السواحل الصومالية، وعادل القدوس ومرجان مصطفى سالم وسعيد سلامة وثروت شحاتة وأبو حفص المصري. والتفتت اجهزة المخابرات الاميركية الى خطورة الظواهري بعد اعلان تأسيس الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين في فبراير (شباط) 1998 وتفجيرسفارتيها في كل من نيروبي ودار السلام في 4 اغسطس (آب) 1998 والتي ادت الى مقتل نحو 224 شخصا واصابة آلاف آخرين.

وخاض الظواهري عدة معارك تنظيمية على فترات متباعدة كانت بدايتها برفض ولاية عبود الزمر للتنظيم من داخل محبسه، ثم رفضه فكرة الاندماج بين الجهاد والجماعة الاسلامية، وايضا ولاية الدكتور عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية للتنظيم، اضافة الى معركة اخرى مع طلعت فؤاد قاسم في افغانستان حول العلاقة بابن لادن واخرى مع منظر التنظيم سيد امام الشريف. وثانية مع نائبه محمد مكاوي والتي وصلت الى حد التلاسن الاعلامي.

وفي عام 1999 اعلن عن استقالة الظواهري من قيادة التنظيم وثار خلاف حول كونه أقيل أم استقال، وفشلت محاولات كثيرة لمعرفة اسباب هذا الموقف، كما تزايدت الاحتمالات بانها بسبب خلافات داخل التنظيم حول التحالف مع بن لادن. ورغم ذلك فان كل المؤشرات اكدت بعد ذلك ان الظواهري ما زال يدير التنظيم ويسيطر عليه بقوة.