اتفاق عربي على تأييد تحالف عالمي لمكافحة الإرهاب يُشكّل بقرار تتخذه الأمم المتحدة وبمعزل عن إسرائيل

الحريري وفارس يحملان إلى مجلس الوزراء بعد غد حصيلة اتصالاتهما الدولية

TT

يناقش مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الأسبوعية المؤجلة من الخميس الماضي الى بعد غد الاثنين، حصيلة، ما سيعود به رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ونائبه عصام فارس من معطيات في ضوء المحادثات والاتصالات التي يجريانها في باريس ومنها مع عدد من عواصم القرار في شأن التطورات الاقليمية الجارية والتحضير الاميركي ـ الدولي للعملية العسكرية ضد معاقل تنظيم «القاعدة» الذي يقوده اسامة بن لادن المشتبه فيه الرئيسي في الهجمات الانتحارية في نيويورك وواشنطن الاسبوع الماضي.

وقالت مصادر لبنانية لـ «الشرق الأوسط» ان مجلس الوزراء سيعلن بعد هذه الجلسة موقفاً من مجمل هذه التطورات ومما طلبته الادارة الاميركية منه مباشرة او عبر الاقنية الدبلوماسية لجهة التعاون معها في مجال مكافحة الارهاب. وهذا الموقف تم التنسيق في شأنه مع دمشق عبر اتصالات ومشاورات جرت وتجري بين الرئيس اللبناني اميل لحود والرئيس السوري بشار الاسد منذ حصول الهجمات الانتحارية في واشنطن ونيويورك وكذلك من خلال المحادثات التي اجراها الرئيس الحريري قبل ايام مع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ومع رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو التي توجه على اثرها الى باريس، فضلاً عن المحادثات التي اجراها نائب رئيس الحكومة عصام فارس مع الرئيس الاسد والتي توجه على اثرها الى العاصمة الفرنسية وقد ينتقل منها الى واشنطن على الارجح، على ان يعود والحريري الى بيروت غداً.

وينتظر ان يرسم الموقف اللبناني خطاً احمر بين المقاومة والارهاب، بمعنى انه سيميز بين المقاومة لتحرير الارض والاعمال الارهابية التي تطاول المدنيين اياً كانوا والى اي دولة انتموا. وهو لن يكون بعيداً عن الموقف السوري الذي تبلغه فارس من الرئيس الاسد، وورد في البرقية التي بعث بها الرئيس السوري الى نظيره الاميركي جورج بوش ودعا فيها الى ايجاد تنسيق عالمي لمكافحة الارهاب.

وذكرت اوساط فارس لـ «الشرق الأوسط» ان الموقف العربي الذي تمت صياغته في الاتصالات بين الدول العربية يؤكد ان التحالف العالمي لمكافحة الارهاب يجب ان يتم بمعزل عن اسرائيل اذا كانت الولايات المتحدة تريد النجاح له، على ان يتم تشكيله بقرار يصدر عن الامم المتحدة.

وقالت اوساط فارس انه اتصل بالحريري اثر وصوله الى باريس اول من امس وقد التقاه امس. واكدت انه يجري اتصالات بعيدة عن الاضواء في كل الاتجاهات. وهي تتركز على التطورات الاقليمية والدولية وقد يتوجه في ضوئها الى واشنطن.

الى ذلك قالت مصادر لبنانية مطلعة انه اياً تكن مطالب واشنطن من لبنان في اطار ما تسعى اليه دولياً لتشكيل تحالف يكافح الارهاب، فإن قدرة هذا البلد على «التعاون» في هذا المجال تبقى رهناً بحجم هذه المطالب وطبيعتها، فإذا كان مطلوباً منه تسليم مقاومين او رموز من المقاومة التي دحرت الاحتلال الاسرائيلي عن ارضه، او تسليم اشخاص يترتب على تسليمهم نكء جروح الماضي وفتح ملفات طواها اللبنانيون الى الابد، فإن الامر سيكون صعباً جداً. واذا كان مطلوباً الدخول في اشتباكات داخلية، سياسية وعسكرية، للامساك بمطلوبين متوارين في مناطق او مخيمات فلسطينية، فذلك سيكون امراً يصعب على لبنان القيام به، الا اذا برزت مشيئة اقليمية ودولية اقوى منه وجعلت هذا الامر الصعب سهل المنال.

لكن هذه المصادر استبعدت ان يتلقى لبنان من الادارة الاميركية مطالب محرجة له او تفوق قدرته على التلبية، لان المسؤولين الاميركيين يدركون جيداً ان هذا البلد الخارج من حرب لا يزال يعمل على تطويق ذيولها، لا يتحمل اعادة فتح ملفات حساسة او من شأنها ان تحدث انقساما بين اللبنانيين او بينهم وبين دولتهم. وتضيف هذه المصادر ان تحكيم العقل في هذه الظروف هو الاكثر فائدة قبل حشد الجيوش والاساطيل، وان تصنيف العالم بين معاد للارهاب اذا سار في ركب التحالف الدولي ومؤيد لهذا الارهاب اذا لم يسر في ركب هذا التحالف، كما قال الرئيس الاميركي جورج بوش في كلمته اول من امس امام مجلسي الشيوخ والنواب الاميركيين، من شأنه ان يعيد العالم الى سياسة المعسكرين والى الحروب الباردة والساخنة معاً، اذ لا يجوز ان يصنف من يرفض الحرب على انه داعم للارهاب في عالم بات السلام سر بقائه واستمراره، فيما قلة من دول هذا العالم، ومنها اسرائيل، لا تزال ترى في الحرب سر بقائها واستمرارها لانها تجد في السلام نهاية لها. ولهذه الغاية فإنها تعرقل عملية السلام في المنطقة وتمعن في قتل الفلسطينيين وكل ما تيسر لها من العرب.

وتعتقد المصادر ان الموقف الذي سيصدر عن مجلس الوزراء اللبناني بعد غد سيكون دعوة صريحة للولايات المتحدة الى تحريك عملية السلام في موازاة تشكيل التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، الى جانب التأكيد على ان يكون هذا التحالف ثمرة قرار تتخذه الامم المتحدة وبمعزل عن اسرائيل الساعية حالياً بدعايتها واعلامها و«اللوبي» المؤيد لها في الولايات المتحدة وبكل ما أوتيت من امكانات لتجيير اهداف هذا التحالف لمصلحتها وتصوير الفلسطينيين المنتفضين عليها لإحقاق حقوقهم في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس على انهم «ارهابيون» وكذلك تصوير العرب جميعاً على انهم ارهابيون، فيما هي تمارس ارهاب الدولة وغير الدولة ضد العرب منذ اغتصابها لفلسطين عام 1948 وحتى اليوم.