شارون يهدد الفلسطينيين بالعودة لسياسة الاغتيالات

لقاء عرفات ـ بيريس يؤجل للأسبوع المقبل

TT

اقدمت اوساط مقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، امس، على تسريب تصريح يهدد فيه الفلسطينيين بالغاء اوامر وقف النار التي اصدرها مطلع الاسبوع والعودة الى سياسة الاغتيالات التي مارسها وقتل فيها عددا من الكوادر والقيادات الفلسطينية (مثل ابو علي مصطفى، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير لتحرير فلسطين، وجمال منصور احد زعماء حركة حماس وغيرهما).

وصدر هذا التهديد جنبا الى جنب مع النقاش الذي دار داخل المجلس الوزاري الامني المصغر في الحكومة الاسرائيلية واستمر حتى فجر امس، حول ما سمي بـ«الخرق الفلسطيني لوقف النار» وكيفية الرد عليه. ولم تصدر عن هذا المجلس قرارات، لكي لا يفهم الفلسطينيون ان اسرائيل ستسكت على العمليات المتواصلة ضد قوات الاحتلال. ولكن انتهاء الاجتماع على هذا النحو، يعني ان المجلس قرر اعطاء فرصة اخرى للقيادة الفلسطينية حتى تفرض وقف نار تاما، وذلك رضوخا للطلب الاميركي بهذا الشأن الذي يحظى بتأييد وزير الخارجية الاسرائيلي، شيمعون بيريس، وبقية وزراء العمل وكل المعارضة اليسارية والعربية في الكنيست.

لكن المجلس لم يسمح لبيريس بان يلتقي الرئيس عرفات، الا بعد مضي 48 ساعة على وقف النار وقفا تاما. وعليه، فان اللقاء تأجل مرة اخرى. وحسب مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية، فان اللقاء سيعقد الاسبوع المقبل في اي حال من الاحوال. لكنه سيتم بشكل سري، وربما لن لا يعلن عنه الا بعد عقده.

وكانت جلسة المجلس الوزاري المصغر صاخبة للغاية، كما اشار احد الوزراء، وذلك بسبب الخلاف الحاد حول تقويم اغراض سياسة عرفات وضرورة او عدم ضرورة لقائه مع بيريس. وانقسم الوزراء قسمين، بيريس ووزراء حزبه (العمل) من جهة، ووزراء اليمين من جهة اخرى، فيما بدا رئيسهم شارون محافظا على خط الوسط، يتعاطف مع اليمين، ويميل الى قبول رأي بيريس. اما ممثلو الجيش، فقد اتخذوا موقفا متطرفا حادا، مثل اليمين واعلنوا ان عرفات لم يتنازل عن خطه الاستراتيجي في انتهاج طريق الارهاب وان قراره وقف الارهاب هو تكتيكي وغير كامل. تكتيكي، لانه لا يستطيع الاستمرار في الارهاب على نطاق واسع كما فعل منذ بدء الانتفاضة وحتى وقوع التفجيرات في نيويورك وواشنطن، بسبب خوفه من رد الفعل الاميركي، وغير كامل، لان الفصائل الفلسطينية، بما فيها تنظيم «فتح»، فهمت انه يمنع الآن العمليات من المناطق المعروفة بصفة «أ» (الخاضعة للسيطرة الفلسطينية) وفي تخوم اسرائيل ما قبل احتلال 1967، واما في المناطق «ب» (التي تخضع لاسرائيل امنيا لكنها اداريا مع السلطة الفلسطينية) و«ج» (التي ما زالت اسرائيل تحتلها بالكامل) فهي من مسؤولية اسرائيل.

واختلف مع الجيش حتى وزير الدفاع بنيامين بن اليعزر، الذي قال ان عرفات يحاول بشكل ملحوظ وقف العمليات. والدليل انه منذ وقف النار نفذت 19 عملية (مقابل حوالي 100 عملية اطلاق رصاص في اليوم، بالمعدل). واضاف: «ان هذه العمليات خطيرة. وانا لا ارى ان علينا القبول بها. ولكن هذا الانخفاض الحاد هو امر لا يمكن تجاهله او الاستخفاف به، بل يستحق ان نعطيه فرصة. واعتقد ان لقاء بيريس ـ عرفات سيؤدي الى تخفيض اكثر».

وكان وزير العمل والرفاه، شلومو بن عزري (من حزب اليهود الشرقيين المتدينيين «شاس») قد توجه خلال الجلسة الى قادة الجيش سائلا عن مدى الاضرار التي قد يحدثها لقاء بيريس ـ عرفات من الناحية الامنية، فتدخل شارون ومنعهم من الرد على السؤال. وقال: «ليس من حق قادة الجيش ان يقرروا للقيادة السياسية كيف تتصرف». وفهم هذا التصرف على انه دعم من شارون لبيريس.

وذكرت اوساط اعلامية مطلعة، امس، ان شارون اتفق مع بيريس على ان يضع شروطا «مخففة» للفلسطينيين، حتى يتم اللقاء بين الطرفين وينطلقا نحو استئناف المفاوضات. ومن هذه الشروط، كما نشرتها صحيفة «هآرتس» أمس: ـ الاستئناف الفوري للجنة التنسيق الامني العليا المشتركة، للاسرائيليين والفلسطينيين، التي يشارك فيها ايضا مندوب المخابرات الاميركية كمشرف عليها وحكم يحسم في كل خلاف بينهما. وكانت اسرائيل قد توجهت بطلب في هذا الخصوص الى الفلسطينيين، فردوا بان اللجنة لن تجتمع الاّ بعد لقاء عرفات ـ بيريس قد فتوجهت الى الولايات المتحدة، ولم ترد بعد.

ـ وقف اطلاق النار ضمن اتفاق تدريجي، كما اقترح بيريس قبل فترة. مثلا، في قطاع غزة اولا او في بيت جالا اولا وهكذا، بحيث يتم تخفيف الحصار بشكل نسبي مضطرد، حسب الوضع الميداني.

ـ حين تستمر العمليات الفلسطينية، تقوم اسرائيل بالرد كما يحلو لها.

وذكرت مصادر سياسية ان شارون عقد جلسة ثنائية مع بيريس، امس، وابدى تفهما لموقفه بأن «ليس من السهل على عرفات ان يفرض وقفا تاما للنار خلال يوم واحد»، وقال انه لهذا السبب يوافق على الذهاب نحو وقف اطلاق نار تدريجي، و«لكن بشرط ان يكون وقف النار حقيقيا في كل منطقة يتقرر فيها».