خلافات في إدارة بوش بين الصقور والحمائم حول أولويات أميركا في حملتها على «الإرهاب»

باول يريد التركيز على قاعدة بن لادن، وولفويتيز يدعو إلى انتهاز الفرصة لإسقاط صدام

TT

يثور الجدل داخل ادارة جورج بوش حول حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب، بعد ان ظهر انقسام في داخلها يعبر عن وجهتي نظر متعارضتين. ويتركز الجدل حول ما اذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم جبروتها العسكري في شن حرب واسعة تتخطى المشكلة المباشرة لأسامة بن لادن ومنظمته المسماة بـ«القاعدة»، ومن يقف وراءها؟

وثمة قضية اخرى تشكل محور الاختلاف، وهي حسب قول مصادر مطلعة في الادارة، مشكلة العراق، وبصورة اقل، الدول الداعمة للارهاب.

وما اصبح سمة فريق السياسة الخارجية في ادارة بوش، هو وجود وجهتي نظر متضاربتين; احداهما يتزعمها رئيس الدبلوماسية وزير الخارجية كولن باول، والثانية الاستراتيجي الاول في وزارة الدفاع (البنتاغون)، نائب الوزير بول وولفويتيز.

فقد ظل وولفويتيز في كل اجتماعات رسم الاستراتيجية منذ اعلن الرئيس بوش الحرب، يصر على ضرورة توسيع المهام لتشمل حملة شرسة تسقط الرئيس صدام حسين، وذلك رغم ما يمكن ان يظهر من معارضة من القوى الدولية مثل روسيا والصين.

ويقول مصدر من الملمين بتفاصيل الجدل، طلب عدم ذكر اسمه، «يعتبر العراق مهمة لم يتم انجازها، وهذه فرصة لاكمال تلك المهمة. وهو (اي وولفويتيز) وآخرون في البنتاغون يحملون مشاعر الثأر من صدام، ويعتقدون ان ازاحته ضرورية بصرف النظر عما حدث في 11 سبتمبر (ايلول) الجاري (اي تفجيرات نيويورك وواشنطن)، ويعتقدون ان اللحظة المناسبة قد حانت الآن».

ولكن باول ينادي بأن تشن الولايات المتحدة حملة اضيق، تركز اساسا على تنظيم القاعدة وتمثل هدفا يمكنه ان يضمن تحالفا واسعا يسنده، من دون احتمالات الانهيار اللاحق. وحذر باول (وهو الجنرال السابق الذي نسق عملية عاصفة الصحراء عام 1991، التي اخرجت العراق من الكويت)، من اخطار المواجهة الواسعة مع العراق وغيرها من الدول الداعمة للارهاب.

ويعكس هذا الجدل عمق الخلافات داخل معسكر بوش، حول مكانة اميركا في العالم.

ويمثل وولفويتيز رمز التيار الذي يقول «اميركا اولا» الذي يعتمد على القوة والتفوق والانفراد، اي ان تقوم اميركا بالعمل وحدها، بصرف النظر عن المواقف والمشاعر العالمية.

اما باول، فيقف على رأس الفريق الذي يشعر بأهمية التعايش والتعاون في جو تسوده العولمة.

ويقول جيفري كيمب الموظف السابق في مجلس الامن القومي ابان ادارة رونالد ريغان: «هذه معركة لها ابعادها. فأحد الطرفين يعكس الخوف من ان اميركا القوية ستفقد مكانتها اذا لم تتصرف بحزم كاف. ويقول الطرف الآخر ان الطريقة الوحيدة لتحافظ اميركا على قوتها هي بالعمل مع الحلفاء وكسب الرأي العام العالمي الى صفها، بدلا من التصرفات المعزولة».

يذكر ان وولفويتيز ظل لفترة طويلة، اقوى الدعاة داخل الادارة لإسقاط صدام. وفي تصريح نقلته شبكة الاخبار التلفزيونية الاميركية «CNN» قال وولفويتيز: « ان هذا الرجل (صدام) خطر. انه يريد ان يسقط جيرانه، ويريد ان يحصل على اسلحة الدمار الشامل».

وردا على سؤال ان كانت الادارة الاميركية ستسير في خط اسقاط صدام، قال وولفويتيز: «عندما نصل الى الطريقة الملائمة لعملها (اي اسقاط صدام) اعتقد ان علينا ان نفعل».

ويعتقد البعض ان الخبر الذي ظهر يوم الثلاثاء حول ان احد الخاطفين التقى بعميل للمخابرات العراقية، مما يشير الى علاقة عراقية ما بالاحداث، كان نتيجة تسريب متعمد قامت به مجموعة من المحافظين المتحالفين مع وولفويتيز. هذا الادعاء الذي وصفته الادارة في ما بعد بأنه كان كاذبا، يرمي الى ابقاء اسم بغداد حيا في الاذهان، بعد ان صرح نائب الرئيس ديك تشيني يوم الاحد، ان البينات تشير فقط الى بن لادن و«القاعدة»، وليس الى بغداد.

باول، من جانبه، يضع بن لادن على رأس القائمة، فقد قال اول من امس: «عندما نحسم الامر مع القاعدة، المنظمة، وبن لادن، الفرد، سنوسع حملاتنا في ما بعد لمطاردة الارهابيين الآخرين، والاشكال الارهابية الاخرى عبر العالم».

ونأى باول بنفسه عن تصريح وولفويتيز الاسبوع الماضي حول «انهاء» بعض الدول. وقال يوم الاثنين: ان الولايات المتحدة تأمل في «اقناع» بعض الدول بالكف عن دعم الارهاب. «ولكني اعتقد ان نقطة «انهاء الارهاب» هي النقطة التي سأتركها للمستر وولفويتيز ليتحدث عنها بنفسه».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»