طالبان تعمل على تدعيم تحالفاتها وتنزل عناصرها إلى شوارع قندهار للتظاهر ضد الملك السابق

TT

تحولت حركة طالبان الافغانية الحاكمة امس الى توفير وسائل الدفاع عن نفسها بدلا من الاتجاه نحو التفاوض، وسعت لكسب دعم حلفائها القدامى وجذب اصدقاء جدد والحفاظ على رجالها. وفي الوقت الذي تحشد فيه اكثر قوة عسكرية تطورا في العالم قواتها، تصور طالبان الازمة التي تواجهها على انها حرب يخوضها الاسلام ضد الولايات المتحدة.

وقالت تقارير من داخل افغانستان ان وزراء من حكومة طالبان يجوبون البلاد وكثيرا منهم يسافر من العاصمة كابل للاجتماع مع زعيمهم الملا محمد عمر في معقله الجنوبي في قندهار. ويقوم اخرون بجولة في الجنوب والشرق لتشكيل تحالفات جديدة ومطالبة قواتهم بالدفاع عن هدف الحركة التي احتفلت الاسبوع الماضي بالذكرى الخامسة لسيطرتها على العاصمة. وتوجه وزير الدفاع عبيد الله الى مدينة جلال اباد الشرقية للتحدث مع المقاتلين. وفي محاولة لتعزيز حكمها والحيلولة دون حدوث انقسامات داخلية، توصلت طالبان الى اتفاق قبل يوم مع شيوخ القبائل في ثلاثة اقاليم شرقية.

ومن جهتها اشارت مصادر مطلعة في واشنطن نقلا عن مصادر مقربة من المخابرات الاميركية «سي اي ايه» الى بلورة افكار لدى صناع القرار في العاصمة الاميركية لتزويد التحالف الشمالي الافغاني المناوئ لطالبان بمساعدات عسكرية عاجلة لتحقيق تقدم على الجانب العسكري ضد طالبان التي تسيطر على 90 في المائة من اراضي افغانستان.

ويقول خبراء في المجال الدفاعي في واشنطن، ان المساعدات العسكرية لقادة التحالف الشمالي ستكون على غرار المساعدات العاجلة التي تلقاها المجاهدون من اميركا ابان سنوات الحرب ضد الغزو السوفياتي لافغانستان في الثمانينات. ويضيف الخبراء ان المساعدات العسكرية للتحالف الشمالي ستشمل اسلحة ثقيلة ومضادات للدروع، ومعدات متطورة في مجال الاتصالات ومعلومات واموالا، والهدف منها سيكون زعزعة قدرات الحركة الحاكمة في كابل.

ولم يكن موقف طالبان وزعيمهما اكثر خطورة مما هو عليه الان، اذ توجد اشارات متزايدة على الانشقاق داخل مناطق سيطرة طالبان، بتقدم المعارضة الى الخطوط الامامية. كما تهدد واشنطن بشن هجمات اذا لم تسلم طالبان بن لادن الذي تقول انه المشتبه فيه الرئيسي في الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي. وليست هناك مؤشرات على ان الملا محمد عمر مستعد للتوصل لتسوية حول ضيفه بن لادن. واعلنت طالبان في مطلع الاسبوع لاول مرة منذ الهجمات الارهابية ان بن لادن موجود تحت حمايتها. وكانت طالبان تقول من قبل انه مختف. وصرحت طالبان بانها تخفيه في مكان سري لسلامته وانه لم يرد على طلب مجلس العلماء له بمغادرة البلاد طواعية وفي الوقت الذي يناسبه.

وحتى باكستان الدولة الوحيدة التي ما زالت تعترف بطالبان نأت بنفسها عن حليفتها السابقة اول من امس عندما سئل الرئيس الباكستاني برويز مشرف في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية ما اذا كانت ايام طالبان في السلطة معدودة فاجاب قائلا: «يبدو هذا».

وفي اشارة على ان طالبان تدرك الخطر الذي تواجهه قام الملا عمر باجراء غير معتاد، اذ القى كلمة على شعبه يوم الاحد الماضي في راديو «صوت الشريعة» الذي يبث برامجه على مدار ثلاث ساعات يوميا، حذر فيها الملك الافغاني السابق محمد ظاهر شاه من التدخل في الشؤون الافغانية. وقال عمر موجها حديثه للملك السابق: «انس افغانستان فانت لن تستطيع حل قضية افغانستان في حياتك».

وتوصل الملك السابق الذي خلعه ابن عمه في انقلاب عام 1973 والمقيم في المنفى الى اتفاق في روما مع التحالف الشمالي الافغاني المعارض بعقد اجتماع لمجلس يضم زعماء القبائل الافغانية لتمهيد الطريق امام انتخاب رئيس للبلاد وحكومة انتقالية. ولم يتضح على الفور اين ومتى سيجتمع المجلس. وحدث انشقاق في الصفوف بسبب مشاركة الملك السابق. وفي مناطق واقعة تحت سيطرة طالبان قالت السلطات الاسبوع الحالي انها القت القبض على ستة افراد يوزعون منشورات موالية للولايات المتحدة وتطالب بعودة الملك السابق.

وفي اسلام اباد قال مسؤولون محليون ان الاف الافغان ساروا في شوارع مدينة قندهار بجنوب افغانستان احتجاجا على الهجمات الاميركية المتوقعة ضد البلاد واحرقوا خلال المسيرات صورا مجسمة للرئيس الاميركي جورج بوش.

وقال عبد الرحمن هامات، مدير وكالة طالبان الرسمية «بختار»، ان «آلاف الاشخاص نزلوا الى شوارع المدينة للاحتجاج على عودة ظاهر شاه». وقال هامات ان هذه المظاهرة هي الاولى التي تحصل في قندهار، حيث يقيم زعيم الطالبان الملا محمد عمر، منذ اعتداءات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.

ومن ناحية اخرى اجتمع دبلوماسي بريطاني بارز مع مسؤولين من حركة طالبان الحاكمة في افغانستان امس للضغط من اجل اطلاق سراح الصحافية البريطانية ايفون ريدلي التي احتجزت الاسبوع الماضي بعد تسللها الى افغانستان متنكرة. وقال دبلوماسي من المفوضية العليا البريطانية في العاصمة الباكستانية اسلام اباد: «انتهزنا الفرصة للاعراب عن قلقنا من الاعتقال وطلبنا من طالبان سرعة اطلاق سراحها».

ولم يتسن على الفور معرفة تفاصيل الاجتماع بين هيلاري نيكولاس سينوت المفوض البريطاني لدى باكستان وسفير طالبان الملا عبد السلام ضعيف. وكانت ريدلي (43 عاما) ترتدي النقاب عندما احتجزت الاربعاء الماضي، مع مرشدين بالقرب من جلال اباد على بعد 15 كيلومترا من الحدود الباكستانية.

=