إسرائيل تشعر بالقلق من مبادرة بوش بشأن الدولة الفلسطينية رغم تطمينات السفير الأميركي في تل أبيب

TT

إزاء القلق الذي أبداه اليمين الاسرائيلي، وعلى رأسه ارييل شارون رئيس الوزراء، اتصل السفير الاميركي في تل ابيب، دانئيل كريتز، مع عدد من القادة السياسيين الاسرائيليين وطمأنهم باسم وزير الخارجية الاميركي، كولين باول، بأنه لا يوجد تغيير في السياسة الاميركية تجاه الشرق الأوسط.

وقال كريتز: في اتصالاته العديدة، امس واول من امس، ان ما قاله الرئيس جورج بوش حول الدولة الفلسطينية يتماشى مع ما قاله بهذا الشأن شارون نفسه «فهو ايضا اعرب عن تأييده لقيام دولة فلسطينية».

واكد السفير الاميركي في اسرائيل ان الادارة في واشنطن لم تطرح مبادرة اميركية للتسوية في الشرق الأوسط، وانه «حين تكون هناك مبادرة واقعية كهذه، لا يمكن ان تطرح للبحث قبل ان تطلع عليها اسرائيل». وعندما سئل كريتز: «.. اذن، ما هو الدافع للنشر حول مبادرة كهذه، في صحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» في آن واحد؟»، فأجاب: «هذه تسريبات لمناقشات تدور لدى الادارة، هدفها ارضاء العالم العربي واقناعه بان واشنطن تأخذ بكل الجدية الموضوع الفلسطيني. ولا تهمله».

وفي اعقاب هذه التطمينات، اصدر وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس، تصريحا للاعلام قال فيه ان «السفير كريتز، دائما يبعث على الطمأنينة». لكن بقية المسؤولين في الحكومة، خصوصا المقربين من شارون، لم يشعروا بالاطمئنان. ورأوا في تصريحات بوش والتسريبات حول المبادرة الاميركية، ما يدل على ان واشنطن قررت احداث انعطاف جاد في سياسة الادارة، أي الانتقال من موقف «الوقوف على الحياد وترك الطرفين يحلان مشاكلهما الى سياسة تدخل فاعل يفرض عليهما حلاًّ».

واكدوا ان التسريبات حول المبادرة وتزامن ذلك مع تصريحات بوش عن الدولة الفلسطينية، لم يكن صدفة. انما يدل على بداية اتجاه جديد، وآلية عمل، خطيرة، ربما لا يبدأ تطبيقها حاليا بسبب الانشغال الاميركي في اسامة بن لادن، لكن هذا التطبيق سيأتي لاحقا.

ولكن اصواتا في مكتب شارون، راحت تطمئن الجمهور، امس، بأنه «سيعرف كيف يناور ايضا ازاء مبادرة كهذه» و«ما زال الطريق طويلا جدا حتى نصل اليها، فنحن الآن ازاء تطبيق توصيات لجنة ميتشل. وهذه لا يمكن ان تطبق قبل وقف تام للنار. ويجب ان يسبقها تطبيق تفاهم تينيت اولاً بل هناك من يراهن على الجانب الفلسطيني ان «يغضب الاميركيين، قبل ان يفتح الباب للمبادرة او في اي مرحلة من مراحل بحث المبادرة». وادعى هؤلاء ان شارون ليس قلقا بتاتا من التطور الجديد في الولايات المتحدة.

وكان شارون قد اعلن امس ان اسرائيل تخوض احدى اشرس معاركها في التاريخ، «معركة صعبة مع الارهاب ومعركة لا تقل قسوة في الميدان السياسي». ثم قال: «لكننا اقوياء كفاية، وعلاقاتنا مع اصدقائنا متينة كفاية، حتى نعبرها بنجاح».

من جهة ثانية رحب اليسار الاسرائيلي ومؤيدو المسيرة السلمية بالتطور الاميركي الجديد، واعتبره يوسي بيلين من حزب العمل، وهو احد مهندسي اتفاق اوسلو وشغل منصب وزير القضاء في حكومة باراك، «تطورا رائعا، سوف يخلّصنا من حكومة الوحدة العسكرية التي يقودها شارون». وقال: «عند اعلان المبادرة الاميركية رسميا، سوف يقبلها بيريس وبقية وزراء حرب العمل، ولن يستطيعوا رفضها وسيرفضها شارون ولن يستطيع قبولها. وسيكون امامه ان يخسر بيريس والادارة الاميركية او ان يخسر وصوتيه. وفي الحالتين ستتفكك حكومته وتسقط. ونعود الى المعركة الحقيقية في البلاد، ما بين قوى السلام وقوى الحرب».

ويذكر ان الفلسطينيين رحبوا بالتطور الاميركي الجديد واعتبروه انتصارا لقضيتهم، وقال نبيل شعث، وزير التخطيط والتعاون الدولي، ان «هذا التطور هو ثمرة جهود الاشقاء العرب في الحوار المتواصل مع واشنطن. ونأمل في ان لا ترتدع عنه الادارة الاميركية، في اعقاب رد الفعل الاسرائيلي».