«مقاتلو الظل» الأداة الرئيسية في المرحلة المقبلة لحرب الولايات المتحدة في جبال أفغانستان

استخدام القوات الخاصة سيجنب العسكرية الأميركية أخطار السوفيات والبريطانيين

TT

ما هي الخطوة المقبلة في حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب؟

ان تنقض مروحيات «بلاكهوك» التابعة للجيش الاميركي والمجهزة بمجسات واجهزة توجيه تعمل بالاقمار الصناعية على بعض المواقع المختارة بعناية في جبال افغانستان، فيما سيحلق بعضها فوق بعض على المناطق المحددة. بعد ما يقل على الدقيقة، ستنزل من على متن الطائرات مجموعات من افراد فرق الكوماندوز الذين يسمون «بمقاتلي الظل» عن طريق الحبال لبدء مهمتهم الشاقة، أي القاء القبض على اسامة بن لادن واعوانه. ستستخدم قوات الكوماندوز القنابل الصاعقة لشل حركتهم، كما سترصد حركتهم من خلال ميكروفونات لها قوة التقاط دقيقة مع استخدام قنابل سريعة الطلقات تجري عملية تحديد اتجاه نيرانها بالليزر. هذه حتى الآن السيناريوهات التي تحدث عنها بعض الخبراء في مجال التكتيك المرتبط بعمليات الكوماندوز. وحتى عندما تبدأ هذه العمليات، لن يتمكن الناس من مشاهدتها على شاشات شبكة «سي ان ان» CNN او على صفحات الصحف، أي ان الناس لن يشاهدوا هذه التفاصيل بصورة مباشرة. كما ان بعض العمليات السرية في حرب الولايات المتحدة على الارهاب ربما لا يكشف عنها مطلقا.

تكمن مهمة قوات الكوماندوز في تعقب واخراج الارهابيين والعناصر التي توفر لها الحماية داخل افغانستان وربما في اماكن اخرى.

وقال مصدر عسكري ان غارات الكوماندوز على افغانستان ستبدأ في وقت قريب. السؤال الآن، من هم افراد هذه القوات؟ تتكون هذه القوات من مجموعة من مختصين بارعين في الجوانب الاستخباراتية وعدد من القناصة واللغويين وخبراء المتفجرات ومقاتلين محترفين لا تعرف حتى امهاتهم وزوجاتهم طبيعة عملهم. هم معروفون بأسماء مثل «رينجرز» و«ذوي القبعات الخضراء» و«قوات دلتا» و«القوات البحرية والبرية والجوية» و«وحدات العمليات الخاصة».

وتقول مصادر وزارة الدفاع الاميركية ان حوالي 12 فردا من هذه القوات يعملون بصورة سرية داخل افغانستان في الوقت الراهن وان هناك المزيد من هذه القوات في الطريق الى داخل الاراضي الافغانية. وتقول هذه المصادر انهم يجرون عمليات استكشاف ارضية ويبعثون بمعلومات استخباراتية حول تحركات قوات بن لادن وقوات طالبان التي توفر لها الحماية.

تجري فرق الكوماندوز كذلك تدريبات لقوات المتمردين المناوئة لطالبان بهدف شن هجوم على نظام طالبان الحاكم خلال استمرار الغارات الجوية والقصف الصاروخي. من المتوقع ان تتبع قوات الكوماندوز قوات اخرى هجومية محمولة على مروحيات، اذ يقول الخبراء ان هذه القوات ستخوض حربا مفاجئة، في ظل استمرار الضربات على مواقع طالبان والارهابيين في دول مجاورة، مع عمليات اجتياح على الارض تستمر بضع ساعات على الاكثر.

المطلعون على تاريخ الجيوش السابقة التي ندمت على غزو افغانستان، يرون ان القوات الاميركية مصممة على تجنب اخطاء العسكريين البريطانيين والسوفيات الذين خاضوا حروبا واسعة النطاق ضد قوات غير تقليدية هزمت البريطانيين والسوفيات في نهاية الامر.

ولم تكشف وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) حتى الآن عن العمليات التي تعتزم القوات الخاصة (45 ألف جندي وضابط) تنفيذها داخل الاراضي الافغانية، أي انها محاطة بسرية مطلقة تماما مثل سرية «قوات دلتا» التي لا يعرف عن مجمعها في «فورت براغ» أي معلومات حتى بواسطة مجموعات الكوماندوز الاخرى.

وكل فرع عمليات خاصة له تخصصاته المحددة:

ـ الجيش: «دلتا فورس» و«اصحاب القبعات الخضراء» و«قوات رينجرز» تقوم بتنفيذ كل انواع العمليات من انقاذ الرهائن الى النزول بالمظلات من ارتفاعات شاهقة خلف خطوط العدو. وتستخدم العمليات السيكولوجية البث ووسائل الاعلام المقروءة للتأثير في معنويات العدو وتدمير ارادته على القتال مع السعي الى كسب جانب المدنيين.

ـ القوات الجوية: تتكون من افراد متخصصين في انقاذ اطقم الطائرات العسكرية التي تسقطها نيران العدو، كما انها تعمل في تنسيق الضربات الجوية.

ـ البحرية: «القوات البحرية والجوية والبرية»، وهي قوات متخصصة في عدد من المهام تتراوح من التدمير الى الانزال سرا على الشواطئ، بيد ان هذه القوات لا يتوقع أن تلعب دورا كبيرة في افغانستان التي تفتقر الى أي حدود بحرية.

ـ قوات مشاة البحرية الاميركية لها مهارات وقدرات مشابهة، غير انه لا توجد بها وحدة منفصلة للعمليات الخاصة.

ـ «نخبة مقاتلي النخبة»: جزء من قوات دلتا وتتكون من 360 فردا تتركز مهامهم، الى جانب مئات من افراد «قوات رينجرز»، على تعقب الارهابيين المختبئين في الكهوف. ستساند هذه القوة وحدات «ذوي القبعات الخضراء»، الذين يدربون قوات تحالف الشمال المعارض المناوئة لطالبان.

وتنقسم فرقة كوماندوز القبعات الخضراء التي شكلت في عهد الرئيس الاميركي الراحل جون كنيدي خمس مجموعات كل منها تتكون من 1200 جندي يعملون في مجموعات صغيرة تضم متخصصين في الاستطلاع والاتصالات والتدمير والاسلحة.

وجماعة العمليات الخاصة الخامسة ومقرها في فورت كامبل بولاية كنتاكي متخصصة في اسيا الوسطى. ويتحدث بعض اعضاء القوة اللغات الافغانية وعلى معرفة بالحضارة المحلية. ويبدو ان مجموعة اخرى وهي القوات الخاصة العاشرة ومقرها في فورت كارسون بولاية كولورادو وفي المانيا، مؤهلة للعمل في التضاريس الجبلية الوعرة في افغانستان. وتتخصص مجموعة القوات العاشرة الخاصة في مهام الحرب الباردة وتتدرب على استخدام الزحافات الجليدية والاحذية الخاصة بالسير وسط الثلوج.

وتتميز القوات الخاصة الاميركية بالعديد من الميزات. فتلك القوات اكبر سنا واكثر خبرة من القوات المقاتلة الاخرى، ويتم اختيار رجالها بسبب مهاراتهم الجسدية وصلابتهم وحزمهم العقلي. والاختبارات الخاصة باللحاق بقوة «القبعات الخضراء» في غاية الصعوبة، اذ ان اقل من خمسين في المائة من الذين يسعون للانضمام الى الفرقة يفشلون. غير ان فرق الكوماندوز الاميركية ستواجه، في افغانستان وهي ارض وعرة يقطنها مقاتلون اشداء، تحديات في غاية الصعوبة.

وذكر دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي ان الكثير من انتصارات فرق الكوماندوز لن تعلن. اما فشلهم ـ ولاسيما اذا نتج عنه قتل اميركيين ـ فسيعلنه العدو على العالم بأكمله.

وتجدر الاشارة الى انه بعد أن سحلت القوات الصومالية جثة جندي اميركي من فرق «رينجرز» في شوارع مقديشيو في عام 1993، بدأت ادارة كلينتون في سحب القوات الاميركية من هناك.

وقد تركت القوات الخاصة بصماتها في عدد من المعارك في السنوات الاخيرة، واحيانا كوارث. ففي عام 1980 ادت مهمة انقاذ الرهائن الاميركيين في ايران الى مقتل ثمانية من افراد القوات الخاصة عندما اصطدمت طائرة شحن من طراز سي ـ 130 بطائرة هليكوبتر. وكان لبعض العمليات الاخرى نتائج متباينة. ففي عام 1984، ادى التنسيق السيء خلال غزو غرينادا لانقاذ طلبة اميركيين في الجزيرة الواقعة في البحر الكاريبي الى مقتل 18 جنديا نظاميا اميركيا وافراد القوات الخاصة. وبعد خمس سنوات في بنما، انقذت «قوات دلتا» اميركيا من السجن.

وفي عام 1991 اثناء حرب الخليج، تسللت قوات القبعات الخضراء الى العراق لتحديد الاهداف وتوجيه الغارات الجوية.

وتتعرض تلك القوات الخاصة الى مخاطر لا تواجهها القوات الاخرى، ومقتل بعض رجالها في عمليات في غاية السرية لا يتم الاعلان عنها على الاطلاق.

وهناك فرق كبير بين قوات العمليات الخاصة، التي تصل ميزانيتها الى 4 مليارات دولار سنويا، وباقي القوات المسلحة الاميركية. كما يوجد مقر اقليمي للقوات الخاصة يطلق عليه قيادة العمليات الخاصة في قاعدة ماكديل الجوية في تامبا بولاية فلوريدا، وقد تولى الجنرال شلتون رئيس هيئة اركان الحرب المشتركة، الذي تقاعد لتوه، قيادة العمليات الخاصة قبل ان يشغل منصبه الاخير.

ويشير الخبراء الى وجود ادلة مشجعة على ان «مقاتلي الظل» يمكنهم النجاح في ما يتوقع ان يكون مواجهات وحشية وجها لوجه في افغانستان.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»