أحد المطلوبين في لائحة الـ22 كان في قبضة المباحث الأميركية وأفلت منها

TT

اعترفت السلطات الاميركية مساء اول من امس ان واحدا من الارهابيين المطلوبين في القائمة التي اعلنها الرئيس الاميركي جورج بوش يوم الاربعاء الماضي كان قبل ثماني سنوات في قبضة مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي (اف بي آي) بسبب الاشتباه في لعبه دورا في التفجير الاول لـ«مركز التجارة العالمي» عام 1993، لكن السلطات اطلقت سراحه وسمح له بمغادرة الولايات المتحدة.

وكان عبد الرحمن ياسين (41عاما) من ضمن 22 اسما في القائمة التي تطلب الولايات المتحدة القبض على اصحابها. وخضع ياسين للتحقيق بواسطة «مكتب المباحث الفيدرالي» قبل حوالي8 سنوات اثر الاشتباه في تورطه في الانفجار الاول لمركز التجارة العالمي، الذي ادى الى مقتل 6 اشخاص وجرح ما يزيد على الف آخرين. وشمل التحقيق معه سكنه مع شخصين آخرين في شقة بجيرزي سيتي ادانتهما المحكمة فيما بعد بالتورط في التفجير. كما جرى التحقيق معه حول كيفية وجود آثار للكيماويات المتفجرة على جدران الشقة. وطبقا للسلطات الامنية الاميركية وستيفن سمرشتاين، محامي ياسين، فإن تحقيق «اف بي آي» معه شمل التحري حول علاقته مع رمزي احمد يوسف، الذي ادانته المحكمة بوصفه العقل المدبر للمخطط برمته. وقال سمرشتاين ان ياسين قدم نفسه طوعا لـ«مكتب المباحث الفيدرالي» فيما يتعلق بالتحقيق في التفجير الاول لـ«مركز التجارة العالمي» بنيويورك عام 1993 ليخلى سبيله فيما بعد اثر اقتناع المحققين بافاداته، غير ان المسؤولين بوزارة العدل ومكتب المباحث رفضوا التعليق على هذا الامر.

وتشير حالة ياسين الى مشكلة عالمية تواجه السلطات الامنية الاميركية التي يجب عليها جمع ادلة اثبات كافية قبل الابقاء على أي متهم في الحبس حتى اذا كان مشتبها في تورطه في اعمال ارهابية. ويقول ناقدون ان اهمية هذه الحالة لا تكمن فقط في فشل السلطات في تحديد القضية بل فشلت كذلك في منع المشتبه فيه من الفرار خارج اراضي الولايات المتحدة.

وكانت هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي قد طرحت العديد من الاسئلة مجددا حول مقدرة «مكتب المباحث الفيدرالي» والدوائر الاستخباراتية الاميركية برمتها على التفسير الصحيح لمؤشرات الانذار ذات الصلة بالارهابيين. ويعني وجود ياسين ضمن قائمة المطلوبين التي اعلنها بوش يوم الاربعاء الماضي احتمال اثارة المزيد من الجدل حول مقدرة هذه الجهات على تحديد الارهابيين وحبسهم. وقال مسؤول مكافحة الارهاب السابق بوكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي إيه)، فينس كانيسترارو، ان «ياسين مطلوب بشدة، لكنه الآن في العراق، وان مكتب المباحث يجب ان يشعر بالحرج تجاه حالته». وكان ياسين، الذي ولد في انديانا لأبوين عراقيين، قد اطلق سراحه في نفس اليوم الذي خضع فيه للتحقيق. وبعد اسبوع من حادثة التفجير سافر من مطار في نيويورك الى الاردن ثم الى العراق، فيما يبدو، رغم ان السلطات ابلغت المطارات بمراقبته. وفي اغسطس (آب) عام 1993 اتهم ياسين بانه واحد من المشاركين في التفجيرات، وحددت وزارة الخارجية جائزة مقدارها مليونا دولار لمن يرشد عنه. وظل ياسين منذ ذلك الوقت بعيدا عن متناول الاجهزة الاميركية التي تعتقد انه موجود بمكان آمن ببغداد. فالعراق ليست له اتفاقات لتبادل المجرمين مع الولايات المتحدة. وقال احد مسؤولي مكتب المباحث ان الفشل في القاء القبض على ياسين اصبح موضوعا للتحقيق بعد مغادرته البلاد.

وقال جيمس كالسترم الذي صار رئيسا لمكتب المباحث الفدرالي في عام 1995: «ثار نقاش حول اننا لم نضيق الخناق على الرجل بصورة كافية منذ الوهلة الاولى.. وانا لا انتقد هنا بنظرة ارتجاعية، ولكن كانت هناك بعض الخيوط».

ولكنه دافع عن المكتب وقال ان موظفيه لم يكونوا يملكون ما يمكن ان يقود خطاهم بعد الهجمات مباشرة. وقال نيل هيرمان، المشرف السابق بـ«إف بي آي»، الذي اشرف على تحقيقات تفجيرات مركز التجارة العالمي في ذلك الوقت ان ياسين : «أثار شكوكنا تماما.. وقد تم التحقيق معه بصورة مكثفة». وقال هيرمان ان المحققين لاحظوا اثناء التحقيق موضع حريق كيماوي على فخذ ياسين مما جعلهم يعتقدون انه اشترك في تركيب مادة النيتروجلسرين وغيرها من العناصر الكيماوية التي استخدمت في التفجير. ولكن هيرمان اضاف: «بناء على البيانات التي تجمعت وبعد التشاور مع مكتب المدعي العام» قررت السلطات اخلاء سبيله. وقال ان السلطات لم تربط اسمه بالتفجيرات الا مؤخرا، وبعد الفحص المعملي اللاحق وبعد التعرف علي صورته من قبل الشهود.

وقال سمرستاين، الذي لم يبدأ الدفاع عن ياسين الا بعد التحقيق معه، ان موظفي اف بي آي، كانوا يربطون بين موكله وبين التفجيرات حتى قبل اكتشاف الحريق الذي على فخذه. واضاف: «لماذا انتبهوا الى هذا الحريق اذا لم يكونوا يربطون بينه وبين التفجيرات.. أعتقد انه جاء اليهم وهو يرتدي بنطاله»، ومع ذلك فان سمرستاين يعتقد ان ياسين لم يلعب أي دور في التفجيرات. وقال انه جاء الى الولايات المتحدة بحثا عن العلاج، وانه استهدف بصورة ظالمة لارتباطه بيوسف والآخرين الذين كانت لهم صلة بالمخطط. لقد كان شابا عاديا، وهو مذنب فقط لان لائحة الاتهام تتهم ياسين ويوسف ورجلا آخر، بقضاء الاشهر الاولى من عام 1993 في انتاج مادة النيتروجلسرين ونترات اليوريا وغيرها من المتفجرات بالشقة بشارع بامرابو، بمدينة جيرسي. وكذلك وجهت اتهامات لياسين بطرق اخرى، وقالت ان المتآمرين وضعوا القنبلة في شاحنة مستأجرة وقاموا بتفجيرها تحت مركز التجارة العالمي في 26 فبراير (شباط) ولكن السلطات لم تقل ان ياسين كان تحديدا داخل الشاحنة.

بعد اسبوع من التفجيرات، أي في مارس (آذار) 1993 طار ياسين الى العاصمة الاردنية عمان، وطار الآخرون الى باكستان والاردن والسعودية بناء على ما تقوله لائحة الاتهام.

* خدمة لوس انجليس تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»