لبنان يستغرب فتح واشنطن «دفاتر قديمة» ويؤكد أنه لم يتسلم لائحة أميركية بالمطلوبين

TT

رغم تأكيد رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ان الوضع اللبناني الداخلي بات اكثر من اي وقت مضى محكوماً بالتماسك، تخوفت مصادر سياسية مطلعة من السلوك الاميركي مع لبنان في ملف معالجة الارهاب فالخارجية الاميركية لم تكتف بالتأكيد ان «حزب الله» اللبناني وحركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» الفلسطينيتين هي منظمات مدرجة على لائحة المنظمات الارهابية، بل عمد مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي (اف. بي. آي) الى ادراج اسماء ثلاثة لبنانيين على قائمة تتضمن اثنين وعشرين شخصاً وصفهم الرئيس الاميركي جورج بوش بأنهم «الارهابيون الاخطر في العالم». واللبنانيون الثلاثة هم: عماد مغنية وحسن عز الدين وعلي عطوي. وهم متهمون بخطف طائرة اميركية تابعة لشركة (تي دبليو اي) عام 1985 الى مطار بيروت الدولي وتعذيب احد ركابها وقتل آخر. وفيما تستغرب المصادر السياسية لجوء الولايات المتحدة الى دفاتر قديمة لتصفية حساباتها، الأمر الذي سيدفعها لاحقاً الى ادراج اسماء لبنانية كثيرة على قائمة الارهاب، نفى وزير الخارجية اللبناني محمود حمود، اثر لقائه امس مع السفير الاميركي فنسنت باتل، ان يكون السفير قد قدم له لائحة بأسماء مطلوبين لبنانيين. وردا على سؤال عما اذا كان لبنان سيوافق على تسليم اللبنانيين الثلاثة (عماد مغنية وعلي عطوي وحسن عز الدين) اذا طلبتهم الولايات المتحدة في ظل عدم وجود اتفاق استرداد بين الجانبين، قال حمود: «ننظر في الامر على اساس القانون اللبناني».

اما السفير باتل فقال للصحافيين انه «تحدث» مع الوزير حمود في موضوع المطلوبين، مضيفا «قدمت الآن اللائحة التي تقلقني لان عدداً من الصحافيين هنا يعطون تفسيرات لمختلف اللوائح وما تعنيه. وانا لن اعطيكم شرحاً شاملاً بشأنها، الا ان بياناً حكومياً اعطى حديثاً لائحة بـ 22 اسماً لمطلوبين مدعى عليهم في الولايات المتحدة الاميركية بسبب نشاطات قاموا بها. واسماؤهم جاهزة امام قفص الاتهام في محاكم الولايات المتحدة وهم على ارتباط بالادعاءات الجنائية. وهؤلاء الاشخاص تتوافر عنهم معلومات تسمح لنا بايجادهم بسهولة وجلبهم الى الولايات المتحدة بسبب ادعاءات جزائية».

وسئل باتل اذا كان قد طلب استرداد اللبنانيين الثلاثة، فأجاب: «ليس هناك اجراء سهل للاسترداد بين لبنان والولايات المتحدة. وأنا اتفهم القانون اللبناني لا سيما في مجال استرداد المدنيين، حيث لا يستردون الى بلد آخر، لذا تبقى قضية الاسترداد قيد البحث بين البلدين». وتحدث عن «تعاون مثمر مع الحكومة اللبنانية في المجال الامني لمكافحة الارهاب لا سيما في مجال تأكيد المعلومات المتعلقة بشبكة الاشخاص الذين قد يكونون ضالعين، (في الارهاب) خصوصاً حول زياد الجراح».

ولم تشأ المصادر اللبنانية التأكيد ما اذا كانت واشنطن قد طلبت من بيروت البحث عن المطلوبين اللبنانيين الثلاثة على قائمة الـ22 وتسليمهم للعدالة الاميركية، مشيرة الى ان لا اتفاق بين لبنان والولايات المتحدة على استرداد الموقوفين والمطلوبين، وان قانون العفو العام الذي صدر في لبنان عام 1991 (وفقاً لاتفاق الطائف الذي باركته الولايات المتحدة الاميركية) يشمل الاشخاص الثلاثة الذين تطالب بهم لمحاكمتهم امام المحاكم الاميركية. أما «حزب الله» المعني بالاسماء الثلاثة، كون الولايات المتحدة تعتبرهم ناشطين في صفوفه، فقد اعتبر انه غير معني بتقديم تقرير لأحد عن هذا الموضوع. وقال الحزب انه اذا كان لا بد من الحديث عن اسماء ارهابيين ومنظمات ودول ارهابية فلا بد ان تكون البداية باسرائيل ورئيس حكومتها ارييل شارون وكل الذين يدعمون الارهاب الاسرائيلي. ولفت «حزب الله» الى ان هناك محاولات ضغط تمارس عليه لوقف مقاومته وتغيير مواقفه «لكن سياسة الحزب واضحة وثوابته معروفة في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي حتى تحرير كل الارض، وانه اذا كان المطلوب التسليم للاحتلال فهذا أمر غير وارد لا الآن ولا غداً».

وحول الوضعية القانونية للمطلوبين اللبنانيين الى العدالة الاميركية تقول مصادر قضائية لبنانية: اذا وردت الى لبنان ملفات طلبات تسليمهم، وهي لم ترد حتى الآن، فستكون مشابهة تماماً في حال العثور عليهم لوضعية روبير صعب المتهم بتبييض الاموال، حيث رفض لبنان طلباً اميركياً بترحيله اليها في غياب اي معاهدة قضائية ثنائية بين البلدين، علماً ان الولايات المتحدة رفضت سابقاً تسليم لبنانيين اثنين، هما غسان توما المحكوم عليه بالاعدام والمتهم بجريمتي اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رشيد كرامي واغتيال رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» داني شمعون وعائلته وغيرهما من الجرائم، وروجيه تمرز المتهم باختلاس اموال عامة طائلة.

اما بالنسبة لـ«عصبة الانصار»، التي يتزعمها الفلسطيني احمد عبد الكريم السعدي المعروف بـ «ابو محجن»، واتهامها باعمال ارهابية، ومحاولة واشنطن دفع لبنان الى اقتحام المخيمات الفلسطينية وخصوصاً مخيم عين الحلوة لالقاء القبض على عناصرها، فتقول المصادر القضائية ان لبنان يعتبر ان موضوع المخيمات مرتبط بالصراع العربي ـ الاسرائيلي وبالحل السلمي لهذا الصراع.