عائلة الطيار الجزائري المتهم بتدريب مختطفي الطائرات تتحدث لأول مرة لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل توقيف رايسي

والدته: ابني بريئ ودفعنا ما لدينا لتحقيق حلمه كي يصبح طيارا * زوجته الفرنسية: الشرطة ألبستنا بدلا بيضاء واقتادتنا إلى مخفر بادينغتون وإني أرفض مغادرة عملي

TT

لم تجف عيناها حسرة وحرقة على ابنها لطفي رايسي الطيار الجزائري المحتجز منذ 21 سبتمبر (ايلول) الماضي في احد السجون البريطانية بتهمة لم تثبتها فرق التحقيق حتى الآن، وهي تدريب المختطفين الاربعة للطائرات التي قادت هجمات على مراكز حيوية في نيويورك وواشنطن. انها ربيعة رايسي والدة لطفي، سيدة جزائرية وأم لثلاثة اطفال (محمد ولطفي واخت لهما)، انفردت «الشرق الأوسط»، اول من امس، بها وبعائلتها للحديث عن لطفي وابنها محمد الذي اطلق سراحه بعد التحقيق معه لمدة ثلاثة ايام. «الشرق الأوسط» التقت السيدة ربيعة في بيت ابنها محمد الواقع في واست هانسلو جنوب غربي لندن، حيث كانت توجد كذلك سونيا زوجة لطفي، الشابة الفرنسية، التي حبست هي الاخرى عند قيام اسكوتلنديارد بحبس زوجها. وتمكث سونيا في الوقت الحالي مع اهل زوجها في انتظار اطلاق سراحه، خصوصا انه تتعذر عليها العودة الى بيتها الذي قامت الشرطة وفرق الطب الشرعي برش كافة جدرانه بمسحوق اسود. وقالت أم الطيار ان الشرطة لم تأخذ من بيت لطفي الا كومبيوترا ووثائق خاصة، في حين اخذت من بيت اخيه محمد كل لباسه حتى الداخلية للتحليل.

وقدمت والدة الطيار من الجزائر خصيصا للوقوف الى جانب ابنها الذي تؤكد وتصر على براءته، لكونها رافقته في معظم مراحل حياته وعملت مع والده الذي عمل في قطاع الطيران على دفع تكاليف دراسته في الولايات المتحدة حتى يحقق حلمه ويصبح طيارا، رغم ما كلف ذلك العائلة من تضحيات. كما تألمت السيدة كثيرا لألم ابنها الذي كان يصرخ لدى حصولها على فرصة الحديث معه عبر الهاتف قبل مغادرته لمخفر الشرطة، قائلا لها «أمي، لقد سرقوا مني حلمي، اني أرى نفسي وكأنني في فيلم، لا اعرف من يتحدثون عنهم ولم ادرسهم ولا علاقة لي بما يقولون». وفي ما يلي نص الحوار:

* هل لك ان تتفضلي وتستعيدى لي مسار وصولك الى لندن وكيف تلقيت خبر اعتقال ابنك لطفي؟

ـ اتصلت بي زوجة ابني محمد (بريطانية من أصل عراقي اسمها نور) الجمعة صباحا (21/10) لكي تخبرني بأن زوجها محمد اعتقلته الشرطة ليلا بتهمة العلاقة بأحداث اميركا حسب قولهم. وعند سؤالها اذا اتصلت بأخيه الطيار لطفي في بيته، فقالت نعم، لكن لا احد يرد على الهاتف على غير العادة. فمباشرة بعد اتصالها بي رحت من جهتي اتصل بلطفي (من الجزائر)، حتى أنني تركت له رسالة على آلة التسجيل. وللعلم، فان لطفي كان سبق ان اتصل بي الليلة قبلها (اي الخميس) الساعة 11 تقريبا ليلا ليقول لي: «ماما لقد جاءني صحافيون في حدود الساعة السابعة مساء يقولون لي ان اسمك موجود على قائمة الطلبة الذين درسوا الطيران في الولايات المتحدة وستكون من بين الشهود. فقلت له، وانا مرتاحة البال لا تقلق يا ولدي فهذا اجراء طبيعي كونك درست هناك فقد يتصلون بك لسؤالك او لشيء من هذا القبيل. ولم نكترث كثيرا للأمر، اذ عدنا للحديث عن أمور أخرى عائلية. كما سألني متى سأصل الى بريطانيا لأنني كنت قد حجزت للمجيء على متن رحلة يوم الاحد (اي يومين فقط بعد المكالمة)، فأكدت له انني قادمة في الموعد المحدد. ولو كنت ادري ان شيئا سيقع لابني لكنت قد حضرت في طائرة الجمعة التي انطلقت من العاصمة صباحا. فاسرعت الى المطار واخذت اول طائرة متجهة الى باريس ومن هناك سافرت الى لندن، فوصلت في نفس اليوم لكن مساء في حدود الساعة الثامنة. واضافت: لو كان ابني ارهابيا، او له علاقة بما حدث، لكان غادر البيت في تلك الليلة، لكنه لم يبرح بيته ودخل لينام ليستيقظ الساعة الثالثة صباحا على وقع طرق عناصر من اسكوتلنديارد (الشرطة البريطانية) باب بيته.

وهنا تدخلت سونيا (زوجة لطفي) الفرنسية لتقول لـ«الشرق الأوسط» في اول تصريح لها للصحافة منذ اعتقالها مع زوجها وقضائها نحو 5 ايام في مخفر بادينغتون (غرب لندن)، وهي شابة لا تتجاوز منتصف العشرينات: «لقد كنا نائمين لما ذهب لطفي ليفتح الباب، وحين اخذوه الى غرفة الطعام كنت انا لا أزال في غرفة النوم واذا بشرطيتين طلبتا مني ان ارتدي لباسي وبعدها بدلة بيضاء تغطي جسمي كله وارافقهما الى خارج المنزل. فلبست البدلة واذ بي اغادر المنزل معهما، رأيت لطفي قد البسوه ايضا البدلة واقتادته مجموعة تتكون من 4 عناصر من اسكوتلنديارد لكنني لم اره لدى مغادرته البيت.

ولم اره منذ تلك اللحظة، الا دقائق خاطفة في مخفر الشرطة في بادينغتون، لما سمح له شرطي ـ وبخ بعدها ـ بالمجيء الى الغرفة التي كانوا يحققون فيها معي لرؤيتي وتشجيع بعضنا البعض بان ما نعيشه هو كابوس وسيمر بسرعة. وتعود والدة لطفي لتكمل: «لكن الذي لم تكن زوجة محمد (نور) على علم به ولا نحن (عائلته في الجزائر) ساعة اتصالها بنا، انه في الوقت الذي جاءت فيه فرقة اسكوتلنديارد الى بيت محمد لايقافه، وهي تتكون من نحو 10 عناصر، ذهبت اخرى لبيت لطفي الواقع في مقاطعة بركشير القريبة من مطار هيثرو الدولي لتوقفه ايضا. وكان محمد اخو لطفي الاكبر (29 عاما) جالسا الى جانب زوجته نور يستمع الى والدته، وعلامات الارهاق والحزن واضحة عليه، اذ مكث ثلاثة ايام في مخفر بادينغتون، ثم اطلق سراحه. اما زوجته نور فكانت منهمكة في ملء بعض الاوراق والاستمارات الخاصة بالمجلس البلدي لطلب نقل العائلة الى حي آخر نظرا لمطاردة الصحافيين وملاحقتهم لهم ومسلسل حضور الشرطة ليلا الى البيت، فضلا عن تداعيات المسألة في الصحافة، مما جعل عائلة رايسي غير مرتاحة بين جيرانها، وتخشى على أمنها من متطرفين بريطانيين. وفي حين كان الاتفاق مع عائلة لطفي الحديث فقط مع الوالدة ، نظرا لما اعربوا عنه من تخوف من النيات المبيتة التي قد تستخدم كلامهم او توظفه في ادانة الطيار لطفي المحبوس حتى الساعة، راح افراد العائلة جميعا يعبرون عن حرقتهم من الوضعية غير العادلة التي وضعوا فيها، افقدت جلهم اعمالهم وحولتهم من مواطنين صالحين الى أشخاص منبوذين تلاحقهم عناصر الامن. لذا قالت السيدة ربيعة: لدى وصولي وسماع تفاصيل طريقة اعتقال ولديَّ كنت مستاءة جدا. كنت اتوقع ان هناك طرقا قانونية اكثر تحضرا تستخدم في التحقيق والبحث عن الحقيقة لان ابني مواطن صالح وشاب مثقف لم يتعرض لمكروه لأحد في حياته. وأضافت متحدثة باسم اطفالها: لما اعتقلت الشرطة محمد، اخذوا كل شيء يملكه من لباس حتى الداخلي منه، ومكث بعضهم في البيت ليمنعوا زوجته نور من الاتصال بنا في الجزائر او بأخيه او عمه كمال الذي يسكن قريبا من المكان. لذا، لم تستطع نور الاتصال بنا الا بعد ان سمحوا لها بذلك وكانت عندها الساعة تقريبا الثامنة صباحا. فاتصلت نور بي وبكمال ولطفي (الذي لم يرد). وفي حين كان كمال ونور يعتزمان الذهاب الى بيت لطفي، اتصلت القنصلية الجزائرية لتطلعهما بأن لطفي وزوجته معتقلان في مركز شرطة بادينغتون، اذ اتصل لطفي من مركز الشرطة بالقنصلية ليطلعها بالامر، لعل وعسى تفعل شيئا له كونه مسجلا في قوائم الجالية الجزائرية المقيمة بلندن.

وهكذا، اطلق سراح محمد الاحد ليلا اي بعد ثلاثة ايام من الحبس، اما سونيا فلم يطلق سراحها الا مساء الثلاثاء. ولقد قضى الثلاثة ليلتهم الاولى هناك ولم يعلموا ببعضهم البعض إلاّ في الصباح لما اطلعهم المحامون.

* وهل زرت اطفالك في المخفر لدى وصولك مباشرة؟ السيدة ربيعة: مباشرة لدى وصولي الى مطار هيثرو من باريس وجدت في انتظاري نور وكمال، فقلت لهما خذوني مباشرة الى مركز الشرطة. وبالفعل وصلت الى هناك وقلت لهم: لو انني أعرف ان ولديّ ارهابيان او قاما بما تتهمونهما به لعينت لهما محامين فورا، لكنني لن أفعل. وقلت لهم انكم قد ارتكبتم خطأ فظيعا.

* وماذا كان جوابهم؟

ـ كانوا يردون علي قائلين: لسنا نحن، انه مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي (اف بي اي). وأعترف لهم بان معاملتهم لي وحتى لولديّ خلال الحجز كانت جيدة ولبقة. لكنني حتى الآن، لم يتسن لنا الجلوس مع لطفي منذ حجزه ليلا في 21 سبتمبر (ايلول) الماضي، الا مرة من بعيد، اذ رأيناه من خلف الزجاج. وطلب منا المحامون، حسب ما طلب منهم، توفير الكثير من الاوراق والصور، ومع ذلك وفرنا لهم ما طلبوا ونحن ننتظر، اذ لم نحصل بعد على اذن للسماح برؤيته.

ولما كان لطفي محتجزا في مركز الشرطة استطعت الحديث معه مرة او مرتين عبر الهاتف للرفع من معنوياته، لكن الآن انا احترق على ولدي (وتتهاطل دموعها).

وعند سؤالها: ماذا قال لها وكيف كان ينظر لما يحدث له؟ قالت وهي تبكي: لقد كان يصرخ ويقول لي انه لا يدري ولا يفهم ما يحصل له، وانهم يفعلون ما يشاؤون. واضافت بصعوبة «لقد قال لي امي اني أرى نفسي وكأنني في فيلم، فلا علاقة لي بما يقولون، انهم يفعلون بي ما يريدون... لا افهم... لا افهم...لقد سرقوا حلمي مني».

وقالت ان المكالمة كانت قصيرة لانهم كانوا يحبذون لو يكون الحديث كله بالانجليزية. واضافت والدته «انني لا استطيع ان اصدق انهم يحبسون ابني من دون ان يسألوا عنه من قبل، من هو وما هي سمعة عائلته وعن ماضيه». وتشير هنا والدة لطفي الى ان السلطات البريطانية وعبرها الاميركية قد حصلت من السلطات الجزائرية، على سجل محمد ولطفي من قبل الشرطة الجزائرية، الذي هو حسب والدته خال من اي شيء. وأضافت «لقد حبسوه، وبعدها انطلق التحقيق في سجله وماضيه، عوض ان ينطلقوا من التحقيق ثم الحبس في حالة عثورهم على أدلة ضده». وتابعت متحدثة عن شغف وحب ابنها للطيران منذ نعومة اظافره: «لقد باعت العائلة الكثير مما لديها لكي يصبح طيارا، وكل العائلة في الداخل وأقاربه خارج البلاد ساعدوه على دفع حقوق الدراسة حتى يحقق حلمه، خاصة انه كان متفوقا في دراسته. والآن كما قال لطفي «فان حلمه في العمل كطيار قد سرقوه منه». واضافت بنغمة مليئة بالحسرة والأسى «حصل هذا لولدي لأنه عربي وجزائري، ولو كان اميركيا أو اوروبيا لأخذوا وقتا أطول في التحقيق والتأكد من المعلومات التي يقولون انها لديهم، لقد حطموا حياته».

* هل صحيح انه درس في الولايات المتحدة؟

ـ صحيح، درس هناك اربع سنوات وانا شخصيا ذهبت معه الى ايطاليا ولم استمر معه في السفر لأنني أردت ان أوفر نقود التذكرة والاقامة هناك واعطيها لولدي لتعزز مصروفه. ومنذ ذلك الحين وهو متمحن مع دراسته. وانا ووالده نتابع من الجزائر تطوراته عبر الهاتف. فقد كان لطفي يصر على تعلم الطيران ولذا سافر الى هناك في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1996. وعام 1997 التقيته في ايطاليا لمدة لا تتجاوز 10 ايام، لأنني قلت له انني لا أتحمل السفر الى الولايات المتحدة لطول الرحلة (نحو 16 ساعة)، فالتحق بي في ايطاليا حيث كنت برفقة اخته الاصغر منه سنا. ومنذ ذلك الحين لم أره حتى عام 2000 بعد ان اصررت عليه على ان يحضر الى الجزائر لحضور زفاف اخته، وكان يتردد لان اوراق اقامته لم تكن قد اكتملت بعد. وبالفعل، حضر في ابريل (نيسان) عام 2000 وبقي هناك الى ان ذهبت معه في 28 سبتمبر للحصول على تأشيرة السفر الى بريطانيا. وجاء لطفي الى هنا (بريطانيا) في اكتوبر للحصول على الرخصة الاوروبية للطيران لأنهم في الجزائر رفضوا له الطيران بالرخصة الاميركية، واجبروه على الحصول على المعادل لها اي الرخصة الاوروبية، وكان الهدف ان يبدأ العمل في احدى شركات الطيران في البلاد، لذا حضر الى بريطانيا فقط للحصول على الرخصة الاوروبية، اذ كما قال لي: «لم لا يا أمي.. وحتى استطيع العمل اخيرا».

* لكن اشكاله حسب ما يقال عنه، انه التقى او يكون قد درب احد المختطفين او جميعهم في قصص اخرى تتحدث عنه؟ ـ ولدي لا يكذب، وقد قال لي انهم عرضوا عليه صورا لأشخاص، الا انه أكد لهم انه لم يرهم ولا يعرفهم، ولم يدرس معهم. صحيح أن مدرسته جعلته يعمل مدربا في وقت ما، كونه طيارا متفوقا، وان حصل وطلبت منه المدرسة تدريب فلان او فلان فليس بقدرته التنبؤ او التنجيم عمن هو ذلك الطالب او ماذا سيفعل؟

* ماذا تعملين حتى ساهمت في تمويل دراسته؟

ـ لست وحدي من مول بل والده ايضا، لكن التمويل كان خلال الدراسة فقط. وكان لدي محل لبيع اثاث البيت وشركة لتقديم الخدمات. ووالده يعمل في شركة الخطوط الجوية الجزائرية.

* المحامون من عينهم؟

ـ هم (الشرطة) الذين قاموا بتعيين المحامين وانني انتظر خروج ابني وان تعلن براءته. ابني بريء وانتظر من العدالة ان تقوم بدورها وان تحكم عليه كانسان متهم وليس كعربي. كما لست ادري لماذا يصعبون علينا لقاءه.

* اذا عدنا الى لطفي، كيف تفسرين شغفه بالطيران، هل هناك في العائلة طيارون؟

ـ اعتقد انه سافر كثيرا وهو صغير، وكان والده رئيس المضيفين في الطائرة، اذ كثيرا ما كان يدخل معه الى هناك ويرى قمرة القيادة. كما ان احد اقاربه قائد طائرة. ويجب الاشارة الى ان لطفي منذ ان كان عمره لا يتجاوز 4 سنوات كان يردد باستمرار انه يريد ان يصبح طيارا. ولم يكف عن ذلك طول مراحل دراسته، ولذا عملنا جاهدين ان نساعده على تحقيق حلمه لانه يتطلع الى الطيران بحب وشغف كبيرين. وهذا ليس لكي يقوم بما ينسبون اليه من عمل ارهابي واجرامي.

* لكن هل لديه صداقات شرق اوسطية؟

ـ لا اكذب عليك لا نعرف له مثل هذه الصداقات، وكون زوجته فرنسية ففي غالب الوقت يزور اهلها في فرنسا ليس الا.

* كيف هو حال والده الآن؟

ـ انه يكاد يفقد عقله عليه، وكل العائلة منذ ان اعلن الخبر، ولا يوجد هناك من يصدق. (وتجهش بكاء مجددا). واضافت «انني صائمة على الاكل، ان ما يحدث له حقرة (موقف تعسفي غير عادل)، ولدي لم يقم بشيء ولست ادري على اي اساس يعتقلونه، لست ادري لماذا يلصقون به ما يلصقون، اذ نحن نعلم من نحن واي عائلة نحن واي ابن لدينا؟ نحن عائلة هادئة وليست لدينا مشاكل واذا استطعنا ان نقوم بالخير نقوم به ولا نتأخر عنه، لكن لست ادري من اين سقطت هذه المصيبة على ابني.

* هل قدمت لكم السلطات الجزائرية يد المساعدة؟

ـ ليس هناك من يستطيع ان يفعل شيء، فابني بريء ويوجد بين ايديهم؟ فهم حققوا معه خلال 7 ايام الاولى وكان عليهم ان يطلقوا سراحه لكنه كما ترين حبس لـ60 يوما أخرى من دون اثباتات. كان عليهم ان يطلقوا سراحه مباشرة بعد انتهاء 7 أيام. يشيرون الى جرح في ركبته، اصابه خلال لعبه احدى رياضاته المفضلة، فهذا هو ابني محب لرياضة كرة السلة وكرة القدم. انه ليس ارهابيا ولا أصوليا. لم يكن سهلا عليه ان يتحمل صعوبة الدراسة في شحة مالية، اذ عانى أكثر من 4 سنوات ليسيئوا الآن الى سمعته وسمعة العائلة. ويريدونه كجزائري ان يعترف حتما بانه يعرف المختطفين او دربهم، وحتى إن درب فقد درب طلابا في معهد للطيران ليس له بهم علاقة ولا دراية. فليست نهاية العالم إن صادف ان درب واحداً منهم كما يزعمون، هذا لا يجعل من ولدي ارهابيا ولا متهما، لكنه اعترف بانه لا يعرفهم. فالآن بعد ان اوقفوه يبحثون له عن صلة ما بالمختطفين. كلنا تألمنا لما حدث في واشنطن ونيويورك، لكن هذا لا يعطيهم الحق بأن يتعرضوا للناس ويحطموا حياتهم كما يفعلون.

أعود لسؤال زوجة لطفي

* هل عدت الى العمل؟

ـ لا فقد اوقفتني شركة الخطوط الجوية الفرنسية التي اعمل لديها في مطار هيثرو الدولي، اذ طلبت مني تسليم بطاقة العمل والدخول الى المطار. لقد بدأت في العمل لديها قبل اشهر، اذ انتهت الفترة التجريبة التي ناهزت 6 اشهر وحصلت على عقد عمل كامل. ولذا لست مستعدة ان أتخلى عن عملي بهذه السهولة وان اصبح شخصا غير مرغوب فيه بين اللحظة والأخرى.

* وماذا عنك انت يا نور؟

ـ تضحك، وتقول «شر البلية ما يضحك». لقد بدأت العمل مع شركة الخطوط الجوية السعودية في المطار وقبلها عملت لسنوات عديدة في ذات المطار في قطاع السوق الحرة، ولم اتوقع ابدا أن أتحول فجأة الى شخص منبوذ يخشونني، اذ لما أوقف زوجي تغيبت عن العمل، ولم يكن صعبا على الشركة ان تربط بيني وبين ما كانت تتناقله الصحف فتلقيت منها رسالة تطلب مني ان ابقى بعيدا لأسباب أمنية عن المطار، اذ أصبحت ممنوعة من الدخول. وطلب مني تسليم بطاقتي. انها كانت رسالة لم أكمل قراءتها لأنني كنت أعرف الى اين كانت تتجه. كما اوقف دخلي وزوجي محمد الذي كان يعمل مسؤولا على موظفي التنظيف في المطار لا يعمل ايضا، لانه توقف منذ فترة وكان يبحث عن عمل آخر، لكن ايجاد فرص عمل الآن اصبح اكثر صعوبة.