العلماء الأميركيون يواصلون دراسة تركيبة الجمرة الخبيثة للتعرف على سلالتها

TT

يعكف العلماء الاميركيون في جامعة اريزونا الشمالية في فلاجستاف، على دراسة بنية الحامض النووي لبكتيريا الجمرة الخبيثة (الانثراكس) التي عثر عليها في فلوريدا، لمقارنة سلالتها مع السلالات الاخرى. ويتوقع ان تكشف هذه المقارنة عن التركيبة الجزيئية اللازمة للتعرف على «هوية» السلالة ومصدرها.

وقال مارتن هيو ـ جونز الخبير بالجمرة الخبيثة في جامعة الدولة في اريزونا انه يتعاون مع الباحث بول كيم المتخصص في الميكروبيولوجيا في جامعة اريزونا الشمالية، لدراسة عينات البكتيريا التي عثر عليها لدى ثلاثة اشخاص من العاملين في احدى الصحف الشعبية في فلوريدا، اصيبوا بها وتوفي واحد منهم.

ويتعاون الباحثون في جامعة اريزونا الشمالية باستمرار مع باحثي مختبر لوس الاموس في نيومكسيكو المتخصصين بدراسة سلالات الجمرة الخبيثة. ويحتفظ هذا المختبر بأكبر قاعدة معلومات جينية لسلالات البكتيريا التي يصل عددها الى 1200 سلالة، منها سلالات خطيرة جدا، وسلالات حميدة.

وقال لي هيو ـ جونز مساء الخميس الماضي «لا استطيع تحديد نوع السلالة، لأني لا أعرف ذلك» حتى الآن.

ويحتمل ان تكون سلالة الجمرة الخبيثة التي عثر عليها في فلوريدا قد وصلتها من اي موقع في العالم، اذ يتعامل حوالي 200 مختبر حول العالم مع هذه البكتريا، ويضاف اليها عشرات من بنوك الجراثيم، التي يتم فيها اكثار البكتيريا من عينات طبيعية. ويقول الدكتور رانس ليفيبر الخبير المختص بالجمرة الخبيثة بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، ان المختبرات السرية التي تركز على تطوير السلاح البيولوجي ربما تمتلك ايضا احتياطات من الجمرة الخبيثة.

ويطرح خبراء مكافحة الارهاب البيولوجي احتمال ان تكون مختبرات سرية في كوريا الشمالية والشرق الاوسط اجرت وتجري ابحاثا لتوظيف الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي. وقد درست بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة امكانات توظيف هذه البكتيريا كسلاح بيولوجي قبل عقود مضت.

ولا يمكن نقل البكتيريا بصفة قانونية بسهولة، حيث تطلب القواعد المعمول بها في الولايات المتحدة تحرير اربع نسخ من الاوراق لضبط وتوثيق حركتها بين المختبرات. وقالت بربارا رينولدز المتحدثة باسم مركز مراقبة الامراض والوقاية منها «لقد وضعنا نظاما يؤمن نقل عوامل منتقاة بين المختبرات بسلامة.... ويضمن وجود معدات آمنة داخل المختبرات بحيث يمكنها التعامل بسلامة مع هذه الاجسام الحية».

ورغم الضوابط الحكومية الصارمة، فان العلماء يقولون ان من السهل الحصول على الجمرة الخبيثة، لكنهم يشيرون الى ضرورة ان يكون الشخص الذي يحصل عليها مؤهلا او متدربا في علم البيولوجيا. وقال ليفيبر «انها موجودة في الوسط المحيط، ويمكن اكثارها بعد استخلاصها من التربة. اما مراعي الماشية المصابة بها فانها توفر مهدا دائما للجمرة الخبيثة، لان بوغاتها تظل موجودة فيها. ويضيف ان البكتيريا تنتشر بشكل شائع في تربة شمال كاليفورنيا وشمال داكوتا ونبراسكا وتكساس ومناطق من لويزيانا.

وعلى النطاق العالمي تنتشر البكتيريا في حزام يمتد من اميركا الوسطى والجنوبية عبر حوض الكاريبي، وهي تشكل خطراً على الماشية في افريقيا والشرق الاوسط وآسيا.

ويعترف هيو ـ جونز الذي يعمل مستشارا لمركز مراقبة الامراض لدراسة حالات الاصابة في فلوريدا، ان الحصول على الجمرة الخبيثة يتم عبر الزملاء لكنه يستبعد ان تتسرب البكتيريا الى اياد خارجية. ورغم انه يمكن الحصول على البكتيريا بطلبات هاتفية او بالفاكس او برسائل البريد الالكتروني، فان الطلبات داخل الولايات المتحدة يجب ان تسجل. ويعتبر القانون 24 من الجراثيم المعدية و12 من السموم، ومن ضمنها الجمرة الخبيثة، عوامل يمكن توظيفها في عمليات الارهاب البيولوجي. ولطلب واحد منها ينبغي التسجيل اولا لدى مركز مرقبة الامراض، واثبات مشروعية الطلب، والتوقيع عليه، وفتح قاعات المختبر الذي قدم الطلب لاغراض التفتيش والمراقبة. ويغرم اي شخص مخالف بمبلغ ربع مليون دولار او الحبس سنة واحدة. وفي لندن، حذر خبراء بريطانيون من ضعف نظم رصد ومراقبة الامراض على النطاق الاوروبي. وقال خبراء من جامعة سيتي يونفرسيتي في لندن ومختبر خدمات الصحة العمومية في بحث نشرته المجلة الطبية البريطانية، انه ما لم يتم رفع كفاءة طرق رصد ومراقبة الامراض على نطاق اوروبا، فان خطط مكافحة الارهاب البيولوجي ستمنى بالفشل. وقال الخبراء ان الاتحاد الاوروبي ليس مؤهلا بما فيه الكفاية لمجابهة عدوى تنتشر على نطاق واسع مثل الانفلونزا او السالمونيلا. واضافوا انه بينما ينصب الاهتمام على اجراءات الوقاية من الجمرة الخبيثة فان هجمات اقل قوة يمكن ان تنفذ، من دون ان ترصد من قبل السلطات الصحية. ولذلك ينبغي زيادة كفاءة الاتصالات والتنسيق للتغلب على هذه المشكلة.

وفي روما نقلت وكالة رويترز عن وزير الصحة الايطالي ان ايطاليا بدأت بتنشيط خطط لمجابهة الارهاب البيولوجي. وتتضمن اهم عناصر الخطط انشاء شبكة اطباء في حالة تهب دائم لرصد اي عامل بيولوجي خطير بسرعة . وقد صنفت العوامل حسب خطورتها، وأتت الجمرة الخبيثة والجدري في مقدمتها. واضاف الوزير انه يوجد 5 ملايين جرعة من لقاح الجدري، وان احتياطات من الادوية تخزن حاليا. وفي روسيا كشفت مصادر القنصلية الاميركية في مدينة يكاترينبورغ، عن تلقيها تعليمات بشراء الادوية والمستلزمات الطبية لعلاج الجمرة الخبيثة. ونقلت مصادر روسية عن دايل ابلر القنصل الاميركي العام في المدينة التزامه بالامتثال لهذه التعليمات بعد اصابة ثلاثة اميركيين بالمرض في فلوريدا.

*خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»