التوتر يسود قطاع غزة بعد أحداث الإثنين الماضي وواشنطن تزود السلطة الفلسطينية بمعدات مكافحة أعمال الشغب

TT

لا يزال التوتر يسود الاوضاع في قطاع غزة، وذلك منذ مقتل 3 فلسطينيين من بينهم طفل في الثانية عشر من العمر وجرح مئات، برصاص رجال الشرطة الفلسطينية تصدوا لمظاهرة احتجاجية طلابية في 8 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري ضد الحرب التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا على افغانستان انتقاما لتفجيرات نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي.

وقال مصدر فلسطيني معارض لـ«الشرق الأوسط» «ان احتقانا شديدا وشعورا بالمرارة والالم يسودان الشارع الفلسطيني بعد مقتل الشباب الثلاثة». واضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «حقيقة ان الوضع متوتر في اكثر من منطقة». وحسب المصدر فان «اسر الشباب الثلاثة الذين قتلوا في المظاهرات هددت بانها ستأخذ القانون الى ايديها اذا لم تحاكم السلطة الفلسطينية المسؤولين عن هذه الجريمة».

ويبدو ان الولايات المتحدة رأت في تعامل السلطة الفلسطينية ورجال شرطتها مع المتظاهرين الذين كان غالبيتهم من طلبة الجامعات والمدارس، ما قد يثير المشاكل ويزعزع الاوضاع التي تسعى واشنطن جاهدة الى استقرارها خاصة في هذه الظروف، فقررت تزويد السلطة بتجهيزات لمكافحة اعمال الشغب.

ذكرت ذلك صحيفة معاريف الاسرائيلية في عددها الصادر امس، وقالت ان السلطة الفلسطينية ستتسلم في مرحلة اولى 500 خوذة واقية للوجه و500 هراوة.

وتأتي هذه المساعدة على ما يبدو بعدما رفضت اسرائيل طلبا فلسطينيا بتزويدها هذه المعدات. وكانت نائبة وزير الدفاع الاسرائيلي دالية رابين ـ فيلوزوف قد قالت يوم الاربعاء الماضي ان اسرائيل رفضت طلبا فلسطينيا لتقديم المساعدة وتزويدها بمعدات لمكافحة الشغب.

لكن مسؤولا فلسطينيا رفيع المستوى نفى، حسب معاريف، نفيا قاطعا ان تكون السلطة الفلسطينية تقدمت بمثل هذا الطلب الى اسرائيل.

وعن الاوضاع المتوترة في القطاع قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» ان اعمال الشغب مستمرة في انحاء مختلفة من القطاع وظهرت شعارات على الجدران في مدن ومخيمات القطاع تطالب بالثأر من المسؤولين عن مقتل الشباب الثلاثة وجرح اكثر من 200 اخرين. وحسب هذه المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، فقد وزعت منشورات في مدن ومخيمات القطاع باسماء المسؤولين عن اطلاق النار وهددت بقتلهم اذا لم تتخذ السلطة الاجراءات اللازمة لمعاقبتهم وتطبيق حكم القانون عليهم. بل ان هناك من يحمل مدير الشرطة اللواء غازي الجبالي مباشرة مسؤولية الاحداث ويطالب باقالته. وسرت اشاعة في غزة قبل ايام مفادها ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي وقعت الاحداث وهو في خارج غزة، اقال الجبالي، لكن مدير الشرطة نفى شخصيا هذه الاشاعة مؤكدا انه لا يزال على رأس عمله.

الى جانب ذلك فان اللجنة الوطنية لمتابعة الانتفاضة التي تضم جميع الفصائل الاسلامية والوطنية بما فيها حركات فتح وحماس والجهاد الاسلامي تطالب السلطة بتشكيل لجنة تحقيق في احداث يوم الاثنين الماضي. وتصر اللجنة واسر القتلى على ان تكون لجنة التحقيق مستقلة بغالبيتها اي ان تضم الى جانب ممثل عن السلطة، ممثلين عن المجلس التشريعي والفصائل الفلسطينية والقضاء وممثلين عنها ايضا. ووسط هذه الاوضاع تشعر السلطة الفلسطينية التي تحاول ابعاد نفسها عن اسامة بن لادن المتهم الاول بالتفجيرات، بالقلق وتحاول جاهدة ان تمنع اي مظهر من مظاهر التظاهر في اراضيها التي من شأنها ان تعطي الانطباع ان الفلسطينيين يؤيدون بن لادن او طالبان من وراءه، او انهم يقفوا ضد الولايات المتحدة في حربها ضد افغانستان.

والسلطة التي تعلمت درسا من نتائج مظاهرات يوم الاثنين الماضي التي تحولت الى مواجهات عنيفة واعمال شغب، بعد القبضة الحديدية التي تعامل بها رجال الشرطة مع المتظاهرين ومقتل يوسف محمد عقل، وهو كما ذكر من كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وهيثم ابو شمالة (موت سريري) والطفل عبد الله الافرنجي، وجرح اكثر من 200 اخرين، تحاول جاهدة القاء غطاء على نشاطات الحركات الاسلامية او غيرها التي تبدي بعض التعاطف مع افغانستان او تظهر بعض مشاعر العداء لاميركا وتصرفاتها، ولكن كما يبدو فان السلطة لا تريد تكرار تجربة يوم الاثنين الماضي.

وفي هذا الاطار اعتقلت السطة على سبيل المثال اول من امس علاء الصفطاوي رئيس تحرير صحيفة الاستقلال الناطقة باسم الجهاد الاسلامي في قطاع غزة. اكد ذلك احد قادة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة. لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» «ان اعتقال الصفطاوي ليس بسبب عضويته في الجهاد بل بسبب مقال كتبه قبل ايام وانتقد فيه القبضة الحديدة التي تعاملت فيها الشرطة الفلسطينية مع متظاهرين من الطلاب».

يذكر ان السلطة عملت على منع الصحافيين ومصوري وكالات الأنباء والقنوات الفضائية خاصة العربية من تغطية مظاهرات يوم الاثنين الماضي واعتقلت مصورين صحافيين احدهما يعمل لحساب التلفزيون الفرنسي القناة الثانية. وصادرت افلام واشرطة فيديو من اخرين في اكثر من مناسبة.

ومنعت السلطة الفلسطينية بث حلقة من برنامج تلفزيوني سياسي يقدمه حسن الكاشف وهو احد اشهر كتاب الاعمدة في الصحف الفلسطينية، باسم «وجها لوجه» لان البرنامج ينتقد اجراءات الشرطة العنيفة والدموية ضد المتظاهرين.

كذلك منعت السلطة الصحافيين الاجانب من دخول غزة بعد احداث يوم الاثنين الماضي لمدة يومين وذلك لمنع تغطية اجواء ما بعد الاحداث.

كما ان الجبالي اعتبر منطقة مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، امس منطقة مغلقة ومحظورة على الصحافيين ووسائل الاعلام، في محاولة لمنع تغطية مهرجان نظمته حركة الجهاد لاحياء ذكرى احد قادتها قتل خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الاسرائيلي عام 1986، خوفا من ان يتحول هذا المهرجان الى مظاهرة معادية لاميركا.