شقيق القائد عبد الحق لـ«الشرق الأوسط»: أخي لم يكن يحمل معه 50 مليون دولار ومجموعته لم يكن معها سوى رشاشين

TT

قال سيد حاجي دين محمد نائب رئيس الحزب الاسلامي الافغاني، والشقيق الاكبر للقائد عبد الحق محمد الذي اعدمته طالبان فور اعتقاله الشهر الماضي، ان شقيقه «لم يكن لديه اية مشاكل او خلافات مع جماعة طالبان، بل ان مسؤولي طالبان كانوا يزورونه في دبي وبيشاور».

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان شقيقه كان يسعى لمساعدة طالبان، «لكنهم تصوروا انه جاء لينقلب عليهم، ويؤلب عليهم رؤساء القبائل والعلماء».

كما نفى ما قالته طالبان من ان شقيقه كان يحمل معه 50 مليون دولار لحظة القبض عليه، وطالبها باثبات ذلك عمليا.

وفي ما يلي نص الحديث:

* كيف تلقيت خبر مقتل شقيقك القائد عبد الحق؟

ـ صباح ذلك اليوم الذي قتل فيه عبد الحق هاتفني احد المعارف وشاهد عيان ابلغني انه قد تم القبض على القائد عبد الحق في الليلة السابقة.

* ومتى علمت باعدامه؟

ـ عندما كنت اتحدث للرجل الذي ابلغني بالقبض على شقيقي كان هناك خبر لم اتبينه جيدا، يبث على التلفزيون اعتقدته خبر حول الحكم على القائد عبد الحق بالاعدام، لكنني عرفت بعد ذلك انه ليس حكما بالاعدام بل انه اعدم فعلا.

* ولماذا تم اعدام القائد عبد الحق بهذه السرعة وهذه الطريقة؟

ـ هذا السؤال يجب ان يطرح على من اعدمه. وعلى كل حال لقد كان ذاهبا الى منزله في قريته والى اهله، ولم تكن لديه اية نوايا لقتال طالبان، بل كان يحاول ان يجد حلا لهذه الكارثة التي حلت بافغانستان ولا نعلم لماذا اعدم بهذه السرعة. وعندما تم القبض عليه تم وضع «الكلاشنيكوف» على رأسه وفقا لشاهد العيان الذي ابلغنا بان عبد الحق قال لمن القى القبض عليه لماذا تضعون «الرشاش» على رأسي. لقد أتيت للحديث معكم وليس لقتالكم، وكان قد امر مرافقيه بألا يشتبكوا مع جنود طالبان.

وقال لهم: لقد أتينا للتفاوض وليس للقتال واذا كنتم ترون دخولنا لبلدنا جريمة فانا المجرم ومن يتحمل هذه الجريمة ولا ذنب لمن معي لتأخذوهم بجريرتي، فأنا من اصطحبهم الى هنا.

كان مرافقو عبد الحق 15 رجلا لا يحملون سوى رشاشي كلاشنيكوف، ومن يذهب للحرب والقتال لا تكون هذه اسلحته وعدد جنوده، خاصة ان عبد الحق كان احد قادة المجاهدين الذين اخرجوا السوفيات من افغانستان، ويعرف ما يحتاجه القتال لو كان يريد القتال، هذا بالاضافة الى ان احدى ساقيه كانت قد بترت، ووزنه كان كبيرا، وهو غير قادر على القتال خاصة ان المنطقة التي كان ذاهبا اليها جبلية، وهو لا يستطيع بوزنه وساقه المقطوعة القتال في مثل هذه المناطق الوعرة.

* لكن اشيع انه كان يحمل مبلغا كبيرا من الدولارات ووثائق مهمة؟! ـ اننا في افغانستان لا نستخدم سوى العملة الافغانية، ولا يحتاج احد لان يأخذ معه الدولارات، والقائد عبد الحق كان ذاهبا الى مناطق بعيدة عن المدن لا تستخدم فيها سوى العملة الافغانية، ونحن ايضا هنا (يقصد بيشاور) لا نستخدم غير الروبية الباكستانية، ومن الممكن ان يكونوا (طالبان) قد وجدوا معه بعض الدراهم الاماراتية، لانه كان قد أتى قبل دخوله افغانستان من الامارات.

* لكن ما هي قصة الـ50 مليون دولار التي تحدثت عنها طالبان؟

ـ قالوا انه وجدوا مع القائد عبد الحق 50 مليون دولار، وتحتاج مثل هذه المبالغ الكبيرة الى وسائل نقل وشاحنات لنقلها، وهو لم يكن لديه من وسيلة سوى حصانه الذي كان يمتطيه، واذا كان لدى طالبان اثبات انه (عبد الحق) كان لديه 50 مليون دولار فليظهروا هذا الاثبات للعالم، وطالبان هم الذين يعرفون من يتعامل بالدولارات. فقد كان لقائد قوات طالبان في قندهار شقيق سقطت به طائرته، وقتل وقد رأى الناس الكثير من الدولارات تحترق وتتطاير في الهواء عندما سقطت طائرته، وهذا كان دليلا ملموسا، لكن في حالة عبد الحق فنحن في انتظار ان تظهر طالبان دليلا على انه كان يحمل معه دولارات، خاصة انهم تحدثوا عن مبلغ 50 مليون دولار وهو مبلغ كبير تستطيع طالبان ان تريه للعالم.

* ما الذي كان يحمله عبد الحق معه ودفع طالبان لاعدامه بهذه السرعة؟

ـ لم يكن معه سوى جهاز هاتف محمول يعمل على الاقمار الصناعية، وهذا الجهاز من طراز «الثريا» ويباع في دولة الامارات، ويستطيع اي شخص شراءه، وكان الجهاز مهما لرجل مثل عبد الحق يسير في مناطق جبلية وعرة كالتي ذهب اليها، لكنهم لم يتحدثوا عن هاتفه المحمول بل قالوا ان معه ملايين الدولارات وبعض الوثائق الهامة ونحن نقول لطالبان: طالبتم اميركا باثبات ان اسامة بن لادن هو مرتكب تفجيرات نيويورك وواشنطن لتسلموه، ونحن ايضاً نطالب طالبان باثبات ما أشاعوه عن ان القائد عبد الحق كان يحمل مبلغ 50 مليون دولار وبعض الوثائق الهامة، لكنهم عوضاً عن تقديم الدليل أعدموه ساعة وصوله الى كابل ودون حتى محاكمة سريعة وهو أمر يثير الكثير من الغموض لدينا.

* وهل كان سبب اعدامه بهذه السرعة خشية طالبان من قدرته على جمع بعض القبائل من حوله؟

ـ الحقيقة اننا لا نعلم لماذا تم اعدام الرجل بهذه السرعة، وعلى كل حال من الممكن ان يكونوا (طالبان) قد خشوا منه لأنه كان معروفاً كقائد، وقد يجتمع حوله الكثير من الأفغان ويسبب لهم بعض المشاكل.

مجلس عموم أفغانستان

* هناك من قال ان مجلس عموم أفغانستان قد خسر بشدة بمقتل عبد الحق الذي كان القائد الأبرز سياسياً وعسكرياً في هذا المجلس؟

ـ مجلس عموم أفغانستان يعرف ان عبد الحق يجمع القيادتين السياسية والعسكرية، وانه كان فدائياً اذا تعلق الأمر ببلده، لكننا لا نستطيع القول ان المجلس قد قصم ظهره لكن المؤكد انه عاد وافتتح مكتباً له في بيشاور للاسهام في تخليص الأفغان من أزمتهم التي لا ذنب لهم فيها، وهذه الجرأة عرف بها عبد الحق. عموماً سنرى ان كان هناك أحد القادة سيأتي ويفتتح مكتباً له ليتفرغ للعمل على تلخيص بلاده مما ألم بها.

* وهل ستسعون للثأر لمقتل عبد الحق؟

ـ قتل عبد الحق لم يكن بسبب عداء شخصي له أو لأسرته، بل لفكره وتصميمه على تخليص الشعب الأفغاني المظلوم من هذه الكارثة التي وقعت عليه، ليعود هذا الشعب المهجّر الى بلده، ويشعر بالاستقرار الذي فقده لسنوات طويلة، وعندما يحدث ذلك ويعود الأفغان لبلدهم ويستقرون فيه ويتوقف قتل الأبرياء سنشعر اننا أخذنا بالثأر.

* لكنه كان على خلاف من طالبان.. ألم يكن يدرك ان هناك خطورة على حياته اذا ما دخل الى افغانستان خاصة في هذا الوقت؟

ـ لم يكن لدى شقيقي اية مشاكل او خلافات مع طالبان، وكان مسؤولو طالبان يزورونه ويتحدثون اليه عندما يأتون لبيشاور، حتى ان مندوب الأمم المتحدة الخاص بأفغانستان محمود المنستيري عندما جاء الى بيشاور، كان ذلك قبل دخول طالبان كابل، رافقه عبد الحق الى قندهار للقاء مسؤولي طالبان، بل انه ساعدهم ضد برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار لتخليص افغانستان من مشاكلها في ذلك الوقت، وكانوا (طالبان) اذا أتوا الى دبي لا بد ان يقوموا بزيارة عبد الحق، الذي لم يسع قط الى اسقاطهم لكنهم تصوروا ان عبد الحق جاء الى أفغانستان لينقلب عليهم، رغم انه أراد مساعدتهم، وكان بالتأكيد يود الجلوس مع رؤساء القبائل والعلماء والحديث معهم حول كيفية حل هذه المشكلة الكبيرة لكنه لم يكن يود الانقلاب على طالبان او الاطاحة بهم.

الأفغان العرب

* هل تعتقد ان أسامة بن لادن وتنظيمه له علاقة بمقتل عبد الحق؟

ـ الحقيقة ليس لدينا أي إثبات على ذلك، لكن شاهد العيان الذي استطاع الهروب جاء الي، وقال ان اثنين من الثلاثة الذين قاموا بالقبض على عبد الحق كانوا يتحدثون بلغة البشتون واللغة الفارسية، أما الثالث وفقاً لشاهد العيان فانه تحدث بلغة لم يفهمها، ولم تكن من اللغات التي يتحدث بها الأفغان، ونحن لا نعلم ان كان عربياً او يابانياً او فرنسياً وكل ما نعلمه انه لم يكن افغانياً.

* كيف تنظرون لوجود المقاتلين العرب وبن لادن في بلادكم؟

ـ العرب في أفغانستان ضيوف، ورغم ان وجودهم سبب مشاكل لبلادنا إلا ان طردهم صعب وفق التقاليد الأفغانية، وكل ما نريده الآن هو حل هذه المشكلة الكبرى لأن طالبان لا تستطيع حلها ونحن نود أن يجتمع «مجلس الشورى الكبرى الأفغاني» للتداول في هذه الأزمة التي تتعرض لها البلاد، بما في ذلك التشاور مع الدول العربية والاسلامية وتنفيذ ما يقرره مجلس الشورى الكبرى لحل هذه الأزمة.

* وهل ستستشيرون الدول العربية؟

ـ نحن ننظر للدول العربية كدول اسلامية، لكن الدول العربية عندما اجتمع وزراء خارجيتها طالبوا بألا يتجاوز القصف الأميركي أفغانستان للدول العربية، رغم ان المشكلة في الواقع ليست مشكلتنا، بل هي مشكلة الدول العربية، لأن بن لادن عربي وأميركا تقصف افغانستان لأجل بن لادن وليس لسبب أفغاني.

* بصفتك نائب رئيس الحزب الاسلامي الذي يرأسه يونس خالص كيف ترى الحل؟

ـ ببساطة نحن نحتاج لاجتماع يضم كل المجموعات المختلفة مثل طالبان وتحالف الشمال والعلماء وجميع ألوان الطيف السياسي في أفغانستان، لنجد الحل ولكي «لا يحترق اللحم ولا يحترق السيخ» و«نحصل على الجوهر ولا نغضب الصديق» كما يقال في الأمثال الأفغانية، لأننا قد تورطنا في مشكلة كبيرة ولا بد ان يجتمع الجميع لحلها.

* وهل ترى ان تسليم بن لادن لأميركا سيحل المشاكل الحالية؟

ـ نحن لا نعرف مشكلة بن لادن بوضوح، لكن ما نعرفه ان لدينا مشاكل قبل مشكلته ولا بد من حلها، وعندما جاء برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار الى الحكم اعتقدنا ان مشاكلنا قد انتهت، وكذلك عندما جاء الملا محمد عمر اعتقدنا اننا قد انتهينا من المشاكل الا انها لم تنته.

وأضاف مازحاً: «انا أود ان يأتي الشيخ يونس خالص للحكم لأنه قائدي، والحقيقة ان أي مسلم أفغاني يجتمع حوله الأفغان ويستطيع حل المشكلة سنوافق عليه، لكننا لا نؤيد القصف الأميركي لبلادنا، وقتل الأبرياء من أبناء شعبنا، والمشكلة لن تحل بسيطرة تحالف الشمال على كابل».