بيروت: لبنان أول من طارد واعتقل مجموعات من تنظيم بن لادن ودفع فاتورة باهظة في حربه على الإرهاب

TT

يصر لبنان على ان ينأى بنفسه عن تهمة الارهاب، ويبقى متهيئاً لمواجهة كل المحاولات الهادفة للزج به على انه بلد يؤوي افراداً او منظمات ارهابية وفقاً للدعاية التي تسوق لها اسرائيل.

وعلى الرغم من سيل البرقيات التي ترد الى القضاء اللبناني من مختلف الدول الغربية، والتي ترسم اكثر من علامة استفهام حول مغزاها واهدافها ـ خصوصاً ان اكثر هذه البرقيات تسأل عن جرائم ارتكبت منذ سنوات في الجزء الثاني من العالم وبعيدة كل البعد عن لبنان ـ فإن السلطات اللبنانية وتحديداً القضائىة منها لا تتردد في التعاطي بكل ايجابية مع فحوى هذه البرقيات اياّ كان مضمونها انطلاقاً من مبدأ التعاون في مكافحة الارهاب.

واذ تجمع الاوساط اللبنانية الامنية والسياسية والقضائىة على ان لبنان كان اوّل من عانى الارهاب على اختلافه، انطلاقاً من ارهاب الدولة العبرية وصولاً الى ارهاب الافراد والمجموعات، اكد مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط» على ان هذا البلد هو «ابعد ما يكون عن «الصبغة الارهابية» والاميركيون يعرفون اكثر من غيرهم خلو لبنان من الخلايا الارهابية، ما عدا بعض العناصر الاصولية الفلسطينية، المتحصنة في مخيم عين الحلوة، والذين تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية اساسية في بقائهم بسبب وضع المخيمات المرتبط اساساً بالقضية الفلسطينية».

وقلل المرجع من أبعاد البرقيات الاميركية وغير الاميركية التي ترد الى بيروت، مشيرا الى ان سجل لبنان في ملاحقة الخلايا الارهابية «يشهد على مناعة هذا البلد»، مذكرا بالملاحقات القضائىة التي جرت لرموز هذه الخلايا ومنها ما افضى الى اعدام بعضهم. وكان لبنان يتهم يومذاك «بكبت الحريات ومصادرتها وضرب الديمقراطية».

وذكر المرجع بعشرات القضايا وعدد ابرزها كمحاكمة المتهمين بقتل رئيس جمعية المشاريع الاسلامية السابق (الاحباش) الشيخ نزار الحلبي العام 1995 والمتهمين بمحاولة اغتيال مفتي طرابلس والشمال الشيخ طه الصابونجي العام 1994، وبتفجير البلمند في شمال لبنان في محاولة لقتل بعض الرهبان والمطارنة العام 1993، وصولاً الى احداث الضنية التي وقعت مطلع العام 2000 واودت بحياة احد عشر جندياً من الجيش اللبناني بينهم ضابط برتبة مقدم، فضلاً عن مقتل ستة مدنيين و15 عنصراً من المسلحين وتوقيف العشرات منهم تجري محاكمتهم حالياً امام المجلس العدلي. وقد تبين معها ان المدعو بسام كنج الملقب بـ«ابو عائشة» الذي تزعّم المجموعة المسلحة وقُتل اثناء الاشتباكات، كان على معرفة بأسامة بن لادن وسبق له ان قاتل في افغانستان ضد القوات السوفياتية.

وقال المرجع «ان الفاتورة التي دفعها لبنان في حربه على الارهابيين كانت باهظة سواء في الداخل ام في مقاومة ارهاب الاحتلال في الجنوب» وأكد ان الامن الذي ينعم به اللبنانيون، وتشهد دول العالم على مناعته هو ثمرة التضحيات التي قدمها لبنان، «وانطلاقاً من هذه الحقائق فإن السلطات اللبنانية غير مضطرة لاعطاء التبريرات التي تبعد البلد عن هذه الشبهات».

من ناحية ثانية لفت مصدر قضائي بارز الى «ان لبنان لا يؤوي اي فصيل او خلية تنتمي الى تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن، واكثر من ذلك، فان اجهزة الامن اللبنانية وفي اطار مراقبة ومكافحة كل الجماعات المشبوهة استطاعت ان تكشف خلال الفصل الاول من العام 2000 جماعة دينية اصولية تتبع اسامة بن لادن والقت القبض على رئيسها وعناصرها الذين حوكموا امام القضاء العسكري وصدرت بحقهم احكام متفاوتة. وقد اتهمت هذه المجموعة التي ترأسها المصري ايمن عبد الرزاق كمال الدين الذي عرف باسم «جمال الطنطاوي» وتضم اليه 28 شخصاً بالتخطيط للقيام بأعمالٍ ارهابية وضرب المصالح الاميركية واليهودية، وقد ضبط هذه المجموعة لدى محاولتها تهريب اسلحة ومتفجرات من لبنان الى الاردن عبر سورية لضرب اهداف اميركية». وتابع المصدر «لقد كشفت وقائع هذه القضية ان عناصر من هذه المجموعة انتقلوا الى افغانستان حيث يقيم اسامة بن لادن، وعقدوا لقاءات عدة معه وتلقوا منه تعليمات تتعلق بطبيعة المهام الموكولة اليهم واهدافها، هذه المجموعة كانت تنتقل بين لبنان وباكستان وافغانستان والمانيا بجوازت سفر وتأشيرات مرور كان يعدها مسؤول المجموعة «الطنطاوي» الذي سلّمه لبنان الى السلطات المصرية كونه مطلوباً للعدالة في مصر بجرائم مماثلة. يذكر ان لبنان كان البلد الاول الذي اعتقل مجموعة ثابتة لتنظيم «القاعدة» وهذا انجاز يضاف الى سجله الحافل في مكافحة الارهاب».