حرب الإرهاب تنعكس على مناقشات الكونغرس الأميركي حول المساعدات الخارجية

TT

في الوقت الذي يوشك فيه الكونغرس الاميركي على استكمال الاجراءات الخاصة بمشروع قرار حول مساعدات خارجية تقدر بـ15.1 مليار دولار اميركي، يواجه اعضاء مجلسيه خيارا صعبا بين التمسك بالمواقف والمعايير التي تحكم تقديم المساعدات وبين اظهار التأييد والدعم للانظمة التي تبدي تعاونا مع الولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب. فعلى سبيل المثال يتضمن مشروع القرار الخاص بالمساعدات المرتقبة شرطا يتعلق بحقوق الانسان في ما يخص المساعدات التي تعتزم الولايات المتحدة تقديمها الى اوزبكسان، بيد ان بعض اعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يخشون ان تثير هذه الشروط حفيظة الرئيس اسلام كريموف في وقت يعتبر فيه تأييده لحرب الولايات المتحدة الحالية امرا حيويا. وفي ذات الوقت، فإن قرار مجلس الشيوخ الذي يسمح لادارة الرئيس جورج بوش بتعليق الحظر المفروض على المساعدات العسكرية لاوزبكستان قد احدث انقساما في اوساط الجالية الاميركية الارمنية كما تسبب كذلك في مأزق لاعضاء مجلس النواب الـ 105 في هيئة الكونغرس المعنية بالقضايا الارمنية. وكان حظر المساعدات يتصدر قائمة اولويات اعضاء الكونغرس الموالين لارمينيا منذ ازدياد حدة الحرب بين اذربيجان وارمينيا عامي 1991 و1992، غير ان الادارات الاميركية التي كانت تسعى الى تطوير علاقات وثيقة مع اذربيجان ظلت تعارض الحظر المفروض على المساعدات لها. وفي خطاب الى قادة مجلس الشيوخ، ناشد وزير الخارجية كولن باول رفع هذا الحظر، مشيرا الى المساعدات التي اعلنت اذربيجان تقديمها للولايات المتحدة مثل السماح باستخدام مجالها الجوي وقواعدها الجوية الى جانب مساعدات اخرى في الجانب الاستخباراتي. وحذر باول من ان الحظر على المساعدات الاميركية لاذربيجان ربما يتسبب في عرقلة الجهود الخاصة بالعمل معها في الجانبين الاستخباراتي والامني وان يؤدي الى تقليل حجم تعاونها في مجال متابعة وتعقب الارصدة المالية الخاصة بشبكة «القاعدة».

ويقضي حل وسط توصل اليه مجلس الشيوخ بتعليق الحظر المفروض على المساعدات العسكرية لاذربيجان حتى نهاية العام المقبل. كما يتضمن الحل، الذي قدمه عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان المؤيدان لارمينيا ميتش ماكونيل وبول ساربينز، تقديم مساعدات عسكرية لارمينيا بقيمة 4 ملايين دولار بالاضافة الى 60 الف دولار كمساعدة في التدريب العسكري. واعلن «المجلس الارمني لاميركا» تأييده أي اجراء «متوازن ومحدود» يتخذه مجلس الشيوخ، فقد اكد المجلس في بيان صحافي اصدره اخيرا على «تأييده الكامل للمجهود العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الارهاب». وفي نفس الوقت تعمل «اللجنة الوطنية الارمنية لاميركا» على إحداث تغييرات، بما في ذلك حظر المساعدات العسكرية الاميركية لاعمال العنف الموجهة ضد ناغورنو قره باغ، وهي منطقة في اذربيجان تقطنها مجموعات عرقية مختلطة كانت قد احتلتها ارمينيا خلال الحرب. وقال آرام هامباريان، المدير التنفيذي للمجموعة، ان خطوة مجلس الشيوخ تعتبر بمثابة رسالة الى اذربيجان مفادها ان «الولايات المتحدة بدأت تتراجع عن مخاوفها ازاء الوضع الامني في ناغورنو قره باغ».

ووصف فرانك بولون، عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي وعضو هيئة الكونغرس حول ارمينيا، خطاب باول بأنه «غير مناسب»، محذرا من ان رفع العقوبات الاميركية المفروضة على اذربيجان يعد بمثابة «الضوء الاخضر لتجديد عدوانها ضد ارمينيا وناغورنو قره باغ»، على حد تعليقه. ويرى محللون سياسيون ان ملامح التغيير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تظهر بوضوح في سرعة قبول الكونغرس لاقتراح الغاء العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي لباكستان التي اصبحت حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في معركتها ضد طالبان. كما لم يبد اعضاء الكونغرس اعتراضا على تغيير وجهة 65 الف طنا من القمح الاميركي الى ايران، علما بأن هذه الكميات من القمح كانت مخصصة في الاساس لافغانستان. الجدير بالذكر ان كل العلاقات التجارية المباشرة وغير المباشرة مع ايران حظرت تماما بموجب «قانون العقوبات على ليبيا وايران»، بيد ان «برنامج الغذاء العالمي» التابع للامم المتحدة بدأ منذ الصيف الماضي في استخدام الموانئ الايرانية لانزال شحنات القمح المخصصة للقبائل الافغانية. ويجري وضع القمح في اكياس يوضع عليها اسم الولايات المتحدة داخل ايران.

وعندما يبدأ مجلسا النواب والشيوخ تنسيق مواقفهما تجاه مشروعات القرارات الخاصة بالمساعدات الخارجية، فانهما يواجهان كذلك مشكلة تتمثل في التعامل مع الجانب الخاص بانتهاكات حقوق الانسان في اوزبكستان المجاورة لافغانستان. فقد سمح كريموف للولايات المتحدة بوضع وحدات انقاذ جوية داخل اراضي اوزبكستان. ويطالب قرار الكونغرس، الذي قدمه النائب الديمقراطي بول ويلستون وجرت المصادقة عليه دون معارضة، وزارة الخارجية الاميركية بتقديم تقرير خلال فترة ثلاثة اشهر بنوع المعدات الدفاعية التي قدمت الى القوات المسلحة الاوزبكية وحرس الحدود او قوات الامن او حتى للدولة اذا شاركت أي من هذه الجهات في انتهاكات لحقوق الانسان.

وقال ويلستون ان تعاون اوزبكستان امر ضروري في الحرب ضد الارهاب، لكنه اضاف ان «انتهاكات حقوق الانسان فيها تمثل مأزقا حقيقيا للولايات المتحدة». الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة كانت قد ربطت «الحركة الاسلامية لاوزبكستان» باسامة بن لادن كما ادرجتها في قائمة المنظمات الارهابية. ولكن طبقا لآخر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الاميركية حول حقوق الانسان، فإن اوزبكستان استجابت للتهديد الذي يمثله الارهاب باعتقال «مئات القادة الاصوليين على اساس مبررات مشكوك فيها».

* خدمة: «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»