الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: إسقاط عرفات لا يؤدي بالضرورة لسيطرة «حماس»

TT

كشف النقاب في اسرائيل، امس، عن احد ابرز دوافع جيش الاحتلال لتحطيم السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات. فقد تبين ان الاستخبارات العسكرية كانت اصدرت تقريرا قبل بضعة شهور نفت فيه ما يقوله وزير الخارجية، شيمعون بيريس، عادة، وقالت ان الاطاحة بعرفات لا يؤدي بالضرورة الى سيطرة «حماس» أو غيرها من فصائل التيار الاصولي وليس هذا فحسب، بل ان هذه الاستخبارات تقدر بأن سقوط عرفات هو افضل من بقائه بالنسبة لاسرائيل.

يذكر ان بيريس، الذي يعارض المساس بعرفات، ووقف ضد وضع خطط كانت من الممكن ان تقود الى الاطاحة به، يؤكد باستمرار ان وجود عرفات في قيادة الشعب الفلسطيني هو في مصلحة اسرائيلية. وانه اول قائد فلسطيني اقتنع بوجود اسرائيل، ويتحدث عن ذلك بلا تردد. ويرفض بيريس باستمرار، اتهام عرفات باتخاذ «قرار استرايتيجي لاستخدام الارهاب»، ويلفت النظر بصراحة الى ان اسرائيل ساهمت في دفع عرفات الى هذا الطريق ،ويقول ان اسرائيل ايضا لم تلتزم بمقررات وقف اطلاق النار ولم تلتزم ببنود اتفاقيات اوسلو. واكد انه مقتنع تماما بان عرفات ما زال متمسكا بمسيرة السلام.

وجاء في تقرير الاستخبارات العسكرية المذكور انه في حالة ذهاب عرفات بشكل «طبيعي»، اي وفاته او استقالته او اختفائه بلا تدخل اسرائيلي، لن تتولى «حماس» السلطة. وتدور معركة على خلافته لكن المجموعة التي ستفوز بالسلطة، هي تلك المؤيدة للمسيرة السلمية، مثل امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) واحمد قريع (ابو علاء) رئيس المجلس التشريعي ورؤساء اجهزة الامن مثل محمد دحلان وجبريل رجوب وغيرهما. لهذا، «توقفوا عن تهديدنا وافزاعنا بالقول انه بعد عرفات سيكون الوضع اسوأ بكثير، قال التقرير واضاف: «عرفات يستطيع ان يذهب. وربما يكون ذهابه افضل».

وتوصي الاستخبارات العسكرية في آخر تقرير لها مقدم الى الحكومة بمقاطعة عرفات وتجاهله وفرض العزلة عليه، والعمل على تقصير فترة حكمه الى اقصى حد ممكن.

كما توصي بالاستمرار في العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، «خصوصا بعد ان ظهر عجزهم عن المقاومة». ففي بند تلخيص احداث الاسبوعين الماضيين جاء: «الخوف من الدخول (الاسرائيلي) الى المناطق «أ» ومن القتال داخل المناطق السكنية، ظهر انه مبالغ فيه. فالفلسطينيون بدوا اقل استعدادا للمواجهة مما كانوا يقدرون عليه في اسرائيل، ربما لان القتال المباشر هو ليس صنعة يتقنونها. ولكن، وحيث ان الدخول الاسرائيلي للمدن الفلسطينية لم يواجه بمقاومة فاعلة، فان الاستنتاج السياسي واضح: اذا نفذ الفلسطينيون عملية تفجير كبرى في المستقبل، علينا ان نحتل مدينة او جزءا من الضفة الغربية، بل ربما نستطيع احتلال الضفة كلها. ان حاجز الخوف من عدد كبير من القتلى الاسرائيليين خلال عملية احتلال في منطقة مبنية، قد سقط. وتأكد ان احتلال المناطق الفلسطينية والبقاء داخلها، يحتاج الى قوات فقط من الجيش النظامي. ولا حاجة الى تجنيد الاحتياط».

وكشف النقاب ايضا عن ان الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، بدأت في عملية جمع معلومات عن الرئيس عرفات، وكشف معلومات قديمة سرية، تقوم بتمريرها الى الاوروبيين والاميركيين بهدف تشويه سمعته وتغيير موقفهم منه.

وازاء هذا الموقف السافر من عرفات، الذي يميز غالبية قادة الجيش، تظهر اصوات اخرى في اسرائيل معاكسة، يحذر اصحابها من خطورة تلك المواقف المغامرة ويدعون الحكومة الى اتخاذ قرارات منهجية شجاعة تحدث التغيير المطلوب في المنطقة. احد هؤلاء هو الباحث البروفسور بار سيمان طوب، الخبير في شؤون المفاوضات، الذي خرج نهاية الاسبوع بتصريحات حادة ضد سياسة الحكومة. فقال ان من يفكر اليوم بأن هناك حلا عسكريا ممكنا للقضية الفلسطينية، يكون في عالم آخر بعيد عن واقعنا. وحذر: «الفلسطينيون خسروا كل شيء، ولم يعد لهم ما يخسرونه بعد. ولهذا، فانهم خارجون لحرب شاملة ضدنا تسقط فيها كل القوانين والشرائع. ولهذا، يجب وقف التدهور والجنوح الى حلول مبنية على الصدق والواقعية ورؤية الصورة الشاملة. يجب ان نتعلم الدرس الصحيح من الانتفاضة الاخيرة، فهي اكبر دليل على ان الحل العسكري غير مجد». واكد ان «ما يسمى بالارهاب، هو حرب اليائسين او حرب الذين يستغلون اليأس واليائسين. وعليه، ينبغي محاربته بشكل جذري، ومثل هذا لن يتم الا اذا تمت ازالة اسباب الارهاب».