لبنان: جنبلاط في «لحظة غضب» طلب استقالة وزرائه ثم عدل عن ذلك انسجاماً مع دعوته إلى «رص الصفوف»

TT

ينتظر وزراء تكتل «اللقاء الديمقراطي»، الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وهم وزير الاعلام غازي العريضي ووزير شؤون المهجرين مروان حمادة ووزير التنمية الادارية فؤاد السعد عودة رئيس الحكومة رفيق الحريري اليوم الى بيروت للتباحث معه في مرسوم عمداء الجامعة اللبنانية. وكان الوزراء الثلاثة قد ابدوا اعتراضهم الشديد عليه كونه تم من دون معرفتهم كما انه لم يلحظ تمثيلاً سليماً للطائفة الدرزية. كذلك ينتظر الوزراء المذكورون تحديد موعد لهم مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود بعدما ابلغوا دوائر قصر بعبدا يوم الخميس الماضي رغبتهم بلقاء الرئيس لشرح حقيقة موقفهم من قضية التعيينات. وفي حين تردد في بعض الاوساط ان لحود غير راغب في الاجتماع مع الوزراء الثلاثة «بسبب النهج الذي سلكوه» باعلانهم الاعتكاف احتجاجاً على قرار التعيينات، اكد مصدر مأذون في رئاسة الجمهورية «الشرق الأوسط» انه لا صحة لهذا الكلام، وان الاجتماع قد يعقد بعد عطلة نهاية الاسبوع. وفي هذا الاطار ابلغ الوزير فؤاد السعد، الذي قاد حملة الاعتكاف اثر صدور مرسوم تعيين العمداء صباح يوم الثلاثاء الماضي، «الشرق الأوسط» انه سيعاود عمله في مكتبه يوم غد الاثنين كالمعتاد، لافتاً الى «ان الانقطاع لبعض الوقت عن مكاتبنا كان لاظهار اعتراضنا على ما حصل لا أكثر». وكان زميله الوزير غازي العريضي بدوره قد نفى اكثر من مرة حصول اعتكاف وحرص على مزاولة عمله كالمعتاد في مكتبه في وزارة الاعلام، موضحاً ان ما نفذه وزراء «اللقاء الديمقراطي» حركة احتجاج واعتراض على الطريقة التي اجريت فيها التعيينات واستباقاً لما هو آتٍ على صعيد التعيينات الادارية. كذلك بدا الوزير مروان حمادة قريباً من موقف العريضي اذ اكتفى بتنفيذ «نصف اعتكاف» بحضوره الى مكتبه في الوزارة لدقائق وقع خلالها البريد المستعجل. هذا، وبينما تؤكد مصادر مطلعة ان الاسلوب «التصعيدي» الذي لجأ اليه وزراء جنبلاط آخذ في الانحسار بعدما ادى غرضه بتسجيل الصرخات الاعتراضية على المرسوم، وبالتالي التنبيه الى حقوق الطائفة الدرزية قبل جولة التعيينات المقبلة، الا انها توقفت عند دلالات «لحظة غضب» مرّ بها جنبلاط كادت ان تحدث ازمة وزارية حقيقية. وتروي بعض المصادر ان اجواء عاصفة شهدها اجتماع جنبلاط مع وزرائه في الحكومة صباح الخميس الماضي وان كان لم يشدد خلاله في مطالبتهم بالاستقالة الفورية احتجاجاً على تغييبه وممثليه في الحكومة عن «طبخة» اختيار عمداء الجامعة اللبنانية، وحرمان الطائفة الدرزية من حصتها بالشكل الصحيح. وكان الدروز قد حصلوا على عمادة كلية واحدة صغيرة وحديثة التأسيس هي عمادة كلية السياحة، وهي اسندت الى الدكتور محمد شيّا الذي كان موعوداً بعمادة كلية الاعلام. وما لبث شيّا ان قدم استقالته بعد ساعات قليلة من تعيينه. وذكرت المصادر ان جنبلاط قال للوزراء العريضي وحمادة والسعد «اذهبوا وابلغوا الرئيس لحود اعتراضي واحتجاجي... وابلغوا الدنيا كلها امتعاضي مما جرى». الا ان احد الوزراء الاكثر قرباً من الزعيم الدرزي تمنى عليه مراجعة موقفه خصوصاً انه ما فتىء ينادي بـ«رص الصفوف ووحدة الصف الداخلي» لمواجهة الاحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم، كما لم يمضِ اسبوع على زيارة لحود الى دارته في المختارة وما اسس ذلك من فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الرجلين. ثم سأل الوزير الاكثر قرباً من جنبلاط الاخير «هل باستطاعتك تحمل نتائج مثل هذا القرار (استقالة الوزراء)؟... ماذا ستقول لدمشق التي لم تبد حماسة في تغيير حكومي حين استمزج رأيها في ذلك؟ هل ترضى بأن يظهر جنبلاط مدافعاً عن طائفته فحسب.. وهو الذي يعمل لكل لبنان؟». وتشير المصادر المطلعة هنا الى ان جواب جنبلاط على ما سمعه من محدثه بدا واضحاً من خلال التصريحات التي ادلى بها الى الصحف، حيث اكد انه لا يريد التصعيد ولم يطلب من وزرائه الاعتكاف، لكنه سجل ملاحظته على «من يتحدثون عن دولة القانون والمؤسسات... ثم يتصرفون متجاهلين وزير التنمية الادارية فؤاد السعد بأمر التعيينات». وهكذا انتهت «كرة الثلج» في ما يخص التعيينات الجامعية عند فؤاد السعد، بينما بقيت كرة التعيينات الادارية على حالها من التضخم الذي يؤشر الى انفجار قريب، كما بدا ذلك واضحاً من التصريح الذي ادلى به نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس امس معلناً «ان الشعب بات يتوق بعد مرور اكثر من 10 سنوات على وثيقة «الوفاق الوطني» التي اقرت في الطائف لبناء دولة المؤسسات وترك المحاصصات جانباً، والانكباب على اصلاح الادارة وتحييدها عن السياسة الضيقة والطائفية والمحسوبيات والمصالح الذاتية». وقال فارس: «يجب ان نعد بما نحن قادرون عليه، لا بما نحن عاجزون عن تحقيقه، ولا بد من مصارحة الناس بالواقع كما هو، لا جعلهم ضحية الآمال المعسولة». ثم اوضح انه «لا يقول هذا الكلام الا من قبيل الحرص على تحسين اداء الحكومة وتفعيل عملها، لتتمكن من تجاوز المشاكل والمعضلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية التي تعانيها البلاد، وتصويب الاوضاع في القضاء والادارة العامة والمجالس والمصالح المستقلة»، داعياً الى «الالتفاف حول الثوابت الوطنية التي يجسّدها الرئيس اميل لحود، خصوصاً ان العالم يشهد متغيّرات خطيرة وعلينا ان نكون بمستواها». ومن جهته اعتبر النائب بطرس حرب ان تعيين عمداء الجامعة اللبنانية «لا يستأهل اعتكاف وزراء» لكنه اشار الى «ان ذلك قد يكون رسالة للفت النظر الى التعيينات الادارية المرتقبة».