استمرار الجدل حول غارة الكوماندوز الأميركيين على مقر زعيم طالبان في قندهار

البعض اعتبرها عرضا دعائيا لوسائل الإعلام وآخرون طالبوا بالمزيد من مثيلاتها

TT

بعد ثلاثة اسابيع من وقوعها تواجه عملية الهجوم البري الوحيدة التي شنتها قوات اميركية في افغانستان انتقادات من بعض ضباط القوات الخاصة «الكوماندوز» السابقين والخبراء العسكريين.

ويرى بعض المنتقدين ان غارة 19 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، التي ضربت مهبط طائرات ومكان اقامة زعيم طالبان في جنوب افغانستان، اساءت استخدام قوات العمليات الخاصة السرية عبر نشر افرادها كجزء من هجوم صاخب تضمن ايضاً عدداً كبيراً من قوات «الرينجرز» في الجيش الاميركي.

ويشير آخرون الى انه لم يكن يتعين على القادة العسكريين الاميركيين ان يغامروا بزج هذه القوات في محاولة ـ مع تسريبات جديدة في الليلة التي حدثت فيها الغارة وتسجيل لشريط تلفزيوني بعد ذلك ـ كانت بشكل اساسي عرضاً لوسائل الاعلام العالمية.

غير ان خبراء آخرين ومحاربين متمرسين في القوات الخاصة يرون انه على الرغم من ان المجموعة لم تلق القبض على زعماء طالبان ولم تستولِ على وثائق اساسية، فان المهمة نفذت على نحو جيد، وان السؤال الأكثر اهمية هو لماذا لم يحدث المزيد من مثل هذه العملية؟

ويواصل المسؤولون في وزارة الدفاع (البنتاغون الدفاع بقوة عن العملية. وعلى الرغم من انهم اعترفوا، في وقت مبكر من الاسبوع الحالي، بأن 31 من افراد تلك القوة اصيبوا بجراح في الهجوم ـ وهو عدد اكبر بكثير مما ذكرته التقارير الأولية ـ فانهم يقولون ان الاصابات كانت طفيفة ولم تكن ناجمة عن مقاومة العدو.

ووصف جنرال سلاح الجو ريتشارد مايرز، رئيس الأركان المشتركة، المهمة بانها كانت «خالية من العيوب».

ويبقى الكثير من تفاصيل الغارة غامضا، فقد ذكر مسؤولون عسكريون انه شارك فيها ما يزيد على 100 من افراد قوات «الرينجرز» الذين واجهوا ما وصفوه بمجرد مقاومة طفيفة.

ويشكك خبراء عسكريون من مؤسسة «جينز» البريطانية للدراسات الدفاعية في ذلك اعتماداً عن احاديث اجروها مع مصادر عسكرية اميركية. فبعد فترة من الغارة راحوا يؤكدون ان القوات الاميركية واجهت مقاومة شديدة ما ان وصلت الى مقر اقامة زعيم طالبان الملا محمد عمر في مدينة قندهار التي تقع جنوب البلاد.

وقال تشارلز هيمان، الرائد البريطاني المتقاعد، ومحرر نشرة «جينز وورلد آرمز» ان القوات الاميركية واجهت مقاومة عنيفة اكدت ان قوات طالبان «يجب اضعافها بدرجة اكبر قبل ان نغامر بتعريض حياة اشخاص مهمين الى الخطر» في مثل هذه الغارات. وأضاف انه يعتقد أن الغارة على مقر الملا عمر قادتها «قوات دلتا»، وهي وحدة مضادة للارهاب تعمل بسرية قصوى، لا يعترف بوجودها، علناً، من جانب وزارة الدفاع. وحسب وجهة نظره فان استخدام قوة دلتا لهذه المهمة خطأ. اذ ذكر ان افراد القوات الخاصة هؤلاء معدون على النحو الافضل للعمل في مجموعات صغيرة من اجل جمع المعلومات الاستخباراتية، ومن ثم دعوة الطائرات الحربية او القوات الاخرى لتدمير اهداف محددة، مشيراً الى «ان هذا هو ما يفعلونه على افضل نحو».

غير ان هيمان ذكر ان المهمة، حسب رأيه، نفذت بشكل جيد، وربما حصلت على معلومات استخباراتية قيمة بأن وفرت للقوات الاميركية امكانية تقدير ردود افعال قوات طالبان على الغارة.

وقال الكولونيل المتقاعد الاميركي ديفيد هنت، المحارب المتمرس في العمليات الخاصة، انه يفضل ان يرى القوات الاميركية تقوم بدور اكبر على الارض في افغانستان. غير انه قال انه يشعر بالاحباط من المغامرة بأرواح الجنود «كوسيلة دعائية... وانطلاقاً من تجربتي فانه من المضر والمهين استخدام الأشخاص لنشعر اننا في وضع افضل».

وقال ضابط في القوات الخاصة، طلب عدم ذكر اسمه، انه يعتقد بأنه لم تكن لأي من اهداف الغارة اهمية عسكرية حقيقية. ولكنه قارن غرض الغارة بالقصف الرمزي لطوكيو في بداية الحرب العالية الثانية، مشيراً الى انه كان «لمجرد اظهار اننا قادرون على فعل ذلك». وقال انه قبل ان تشن القوات الاميركية هجوماً كبيراً آخر، فانها ترغب في التوثق من ان لديها ذلك النمط من المعلومات الاستخباراتية الذي يجعل المخاطر تستحق العناء المبذول في سبيلها.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»