عمرو موسى يدعو في لندن الغرب لمراجعة سياساته ونظرته للعرب ويحث المؤرخين والمثقفين في المنطقة لتحقيق «حوار الحضارات»

أمين عام الجامعة العربية يؤكد أن العرب لن يقفوا مع أميركا وبريطانيا في ضرب دولة شقيقة

TT

فاجأ عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية أمس في لندن المدعوين للعشاء السنوي لغرفة التجارة العربية ـ البريطانية، بالقاء كلمة «قوية»، انسجمت مع أجواء الحرب الدائرة على بعد آلاف الأميال خارج اسوار قاعة فندق «رويال لانكستر» وسط لندن، اذ ركز على التحذير من مغبة توسيع دائرة حرب الارهاب بضرب دول عربية.

وقال موسى بنغمة هادئة وحازمة، ان الوضع العالمي سواء كان اقتصاديا او سياسيا يمر بفترة عصيبة من الصعب التنبؤ بتداعياتها في حالة عدم الاسراع بايجاد الحلول الناجعة للقضايا الشائكة المطروحة على طاولة مجلس الامن منذ عقود خلت.

وأكد موسى حالة نفاد الصبر التي اصبحت تميز العالم العربي، «شارعا وحكومة» امام تمادي الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة في تطبيق سياسة الكيل بالمكيالين في التعامل مع القضايا العربية لما يتعلق الامر باسرائيل او بغيرها. وقال موسى لقد حان الوقت ان يعيد الغرب النظر في سياسته ونظرته تجاه العرب، مشيرا الى «حالة الاستخفاف والاستهزاء وجهل البعض احيانا بالحضارة العربية والاسلامية وما قدمته للعالم»، في تلميح للتصريحات المغلوطة الصادرة عن مسؤولين اوروبيين واميركيين منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول ) الماضي. واشار الى انه امام حدة القذف والتجريح في «ثقافة العرب وعقلياتهم» وطفرة الصور والتعليقات المسيئة للانسان العربي في بعض وسائل الاعلام الغربية بشكل لا مثيل له، طلب من مؤرخين وكتاب ومثقفين عرب الاجتماع خلال اشهر قليلة من الآن بمقر الجامعة في القاهرة، لاسماع صوتهم ومدى اسهام اجدادهم في الحضارة التي تفتخر الدول الاوروبية بالهيمنة عليها اليوم، اذ قال ان عنوان اللقاء لن يتناول «صراع الحضارات» بقدر ما سيبحث مدى امكانية التوصل الى «حوار الحضارات والديانات». وقال موسى «لقد ولى الزمن الذي ينتقل فيه المسؤول العربي الى اي دولة صناعية ليتحاور في مسألة معينة او قضية مطروحة لكي لا تبقى من زيارته الا لحظات من التباهي والتبختر امام عدسات المصورين، ثم يعود الى بلاده خالي الوفاض». وشدد على انه «كما على الغرب ان يسعى الى تحقيق مصلحته، نحن ايضا نسعى لتحقيق مصلحتنا ومصلحة شعوبنا». واشار الى ان هناك اجماعا بين الدول العربية على ادانة الارهاب بشتى انواعه، لكن ذلك لا يعني، «اننا نساند قتل الابرياء». واوضح ان محاربة الارهاب، كما سبق واشار الى ذلك قبل انطلاق الحملة العسكرية وزير الخارجية الاميركي كولن باول، بالامكان ان تتحقق من خلال استغلال سبل اخرى بعيدة عن الضربات العسكرية.

وفي هذا الصدد حذر موسى من مغبة التفكير في توسيع دائرة الحرب الى خارج افغانستان لاستهداف دول عربية أخرى، قائلا ان «التحالف الدولي الذي نشهده الآن ضد الارهاب لن يكون لحظتها كما هو عليه الآن».

واضاف موسى «لقد قبلنا منذ مؤتمر مدريد عام 1990 بدخول مفاوضات سعت الى تحقيق السلام، وانتظرنا، كما انتظر وشد الفلسطينيون انفاسهم لنحو 10 سنوات، الا انه في آخر المطاف انتهينا الى انتفاضة دامية». واردف «لذا، لم يعد باستطاعتنا ان ندخل مفاوضات اخرى تدوم 10 سنوات أخرى لتنتهي مجددا بانتفاضة.. وهكذا دواليك». وقال ان اعتراف الولايات المتحدة وبريطانيا بحق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم، رغم انه خطوة في الطريق الصحيح الا انه «لم يعد كافيا». الى ذلك شدد اللورد برايور رئيس غرفة التجارة العربية ـ البريطانية، في كلمة الختام على التنديد بالاساءة المتكررة في وسائل اعلام بلاده والاميركية بالعرب والسعوديين تحديدا. واعترف برايور امام الحضور بان المسؤولين العرب الذين كثيرا ما زاروا بريطانيا والولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، حذروا مرارا وتكرارا الجميع من عنف الشبكات الارهابية التي لها علاقة بالاصولية المتطرفة، لكن دعواتهم لتوخي الحذر بقيت من دون مجيب. وقال «لقد حذرونا حتى من اولئك الذين يوجدون في عقر دارنا، لكننا لم نستمع لهم».