وزارة العدل الأميركية تجيز التنصت على مشاورات محامي الدفاع مع موكليهم الموقوفين على ذمة التحقيق

TT

اجازت وزارة العدل التنصت على مكالمات المحامين مع موكليهم الموقوفين، بمن فيهم اولئك الذين اوقفوا بدون ان توجه اليهم تهمة بارتكاب اية جناية، «كلما كان ذلك ضروريا لمنع العنف او الارهاب».

وصادق المدعي العام جون أشكروفت على قانون استرقاق السمع على اساس «الضرورة الطارئة» الاسبوع الماضي، بدون فترة الانتظار المألوفة لتقديم الملاحظات العامة. وقد وضع موضع التنفيذ في الحال، مما يسمح للحكومة بمراقبة المحادثات، واعتراض سبيل البريد بين الناس المحتجزين والمحامين المدافعين عنهم لفترة تصل الى سنة.

وقد اذهلت هذه الخطوة، التي قالت وزارة العدل انها ضرورية «بالنظر الى المخاطر المباشرة التي يواجهها الناس»، محامي الدفاع والمؤيدين للحريات المدنية، فهاجموها بشدة باعتبارها تجاوزا غير دستوري على حق التشاور، وحسب تعبير لورا ميرفي، المسؤولة في اتحاد الحريات المدنية الاميركي «سابقة خطيرة».

وتعتبر مراقبة المحادثات بين المحامين وموكليهم آخر اجراء في سلسلة من الاجراءات القانونية الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة كرد فعل على الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي.

وكان الرئيس بوش قد وقع، الاسبوع الماضي، المرسوم الوطني للولايات المتحدة الاميركية، وهو قانون يمنح الحكومة حرية اكبر في عمليات التفتيش، واحتجاز او ترحيل المشتبه فيهم، ومراقبة الاتصالات عبر الانترنت، والتحويلات المالية، والحصول على بيانات الكترونية حول الاشخاص. ووعدت الادارة ايضا باتخاذ اجراءات صارمة ضد انتهاكات قانون الهجرة. ويدرس الكونغرس تشريعا يهدف الى تشديد الامن في المطارات، واعلن اشكروفت الخميس الماضي انه يعيد تنظيم وزارة العدل ومكتب المباحث الفيدرالي بهدف التركيز على الارهاب.

وحتى الوقت الحالي كانت الاتصالات بين المحتجزين او السجناء ومحامي الدفاع مستثناة من المراقبة العادية على المكالمات الهاتفية والزيارات الاجتماعية في السجون الاتحادية الـ100 الموجودة في مختلف انحاء البلاد.

ووفقا لخلاصة نشرت في «الفيدرال ريجستر» في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي فان المراقبة ستجري بدون طلب قضائي، وكلما يصادق المدعي العام على «وجود اشتباه معقول بأن السجين او المحتجز قد يستخدم الاتصالات مع المحامين او وكلائهم لتسهيل افعال الارهاب».

وكان تعريف «نزيل السجن» يغطي في السابق فقط اولئك الاشخاص المحتجزين في سجون مكتب المباحث الفيدرالي، ولكن جرى تغييره ليشمل كل شخص يعتبر «شاهدا او محتجزا او نحو ذلك» من جانب وكلاء الامن الداخلي، او مديري الشرطة في الولايات المتحدة، او سلطات فيدرالية اخرى. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر الماضي احتجزت الحكومة ما يقرب من 1200 شخص، كثير منهم بسبب انتهاك قانون الهجرة. وترفض ادارة بوش الحديث عن عدد من اطلق سراحهم.

وفي تفسيرها للقانون الجديد قالت وزارة العدل ان السلطات المعنية «قد يكون لديها مبرر وجيه للاعتقاد بأن محتجزين معنيين مشاركين في النشاطات الارهابية سيبعثون برسائل عبر محاميهم (او المساعد القانوني للمحامي او المترجم) الى اشخاص في الخارج بهدف مواصلة النشاطات الارهابية».

وقد شجب رئيس الجمعية الوطنية لمحامي الدفاع الجنائي اروين شفارتز عملية المراقبة باعتبارها «عملا بغيضا»، وقال انه سيجري تحديها في المحكمة في اول فرصة سانحة.

وقال شفارتز ان «قانون المسؤولية المهنية واضح تماما. ويجب على المحامي ان يحافظ على الخصوصية والسرية. واذا لم نستطع الحديث مع الموكل بصورة تتسم بالسرية والخصوصية فقد لا نستطيع التحدث اليه على الاطلاق. واذا لم نستطع فعل ذلك، فيعني الامر حرمان الموكل من حقه في اختيار محام له، وهو ما يضمنه التعديل السادس».

وقالت وزارة العدل انها ستتخذ «اجراءات وقائية» لحماية حق التشاور. وسيجري ابلاغ المحتجزين والمحامين «بنشاطات المراقبة التي تقوم بها الحكومة»، وستجري هذه المراقبة على يد «فريق» خاص لن يفشي اسرار ما يسمعه الى المدعين العامين او المحققين الفيدراليين بدون مصادقة قاض فيدرالي.

واضافت الوزارة ان بيانات المعلومات المتميزة، مثل مناقشة دفاع الموكل، لن يجري الاحتفاظ بها من جانب المراقبين، مشيرة الى انه «باستثناء عمليات كشف المعلومات الضرورية لاحباط عمل وشيك من اعمال العنف او الارهاب، يجب مصادقة قاض فيدرالي على اية عمليات كشف اخرى للمحققين او المدعين العامين».

وتعتبر صلاحية مراقبة احاديث المحامي مع موكله تقييدا جديدا يضاف الى «الاجراءات الادارية الخاصة» التي فرضتها الحكومة على موقوفين او سجناء معينين منذ محاولة تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، ومبنى اوكلاهوما سيتي عام 1995. وتتضمن هذه الاجراءات الحبس الانفرادي، واعتراض سبيل البريد، والتقييدات المفروضة على الزوار والمكالمات الهاتفية. ولكن حتى ساعة توقيع اشكروفت على التشريع الجديد، كانت تلك الاجراءات محددة بفترة 120 يوما. اما الآن فان كل هذه الاجراءات يمكن ان تمتد الى فترة سنة، ويجري تمديدها بشكل غير محدد في فترة فاصلة تستغرق سنة.

وتتضمن قائمة من يخضعون لانظمة «الاجراء الخاص» كلا من عمر عبد الرحمن، الشيخ الضرير الذي ادين بارتكاب جريمة تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، وعبد الحكيم مراد وولي خان امين شاه، اللذين ادينا بجريمة التخطيط لتفجير 12 طائرة مدنية، وأياد اسماعيل ورمزي يوسف، اللذين ادينا، ايضا، بجريمة تفجير مركز التجارة العالمي، ووحيد حاج المدان بجريمة التخطيط لقتل اميركيين مختلفين في انحاء العالم، ومحمد صادق عودة ومحمد راشد داود العوهلي، الذين ادينوا بارتكاب جريمة تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.

* خدمة «الواشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»