الملك عبد الله الثاني: لا بد من إنصاف الفلسطينيين والإسرائيليين للخروج بالمنطقة من دوامة العنف

TT

شدد العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني على ضرورة العمل في سبيل التوصل الى سلام في الشرق الاوسط يؤدي الى قيام دولة فلسطينية وضمان عيش إسرائيل في أمان، لا سيما أن ثمة حاجة ماسة لعدم السماح للإرهابيين باستغلال القضية الفلسطينية لتحقيق غاياتهم السياسية. وقال العاهل الاردني في سياق مؤتمر صحافي عقده أمس مع انتهاء زيارته الرسمية لبريطانيا، إن مناقشاته مع الحكومة البريطانية كانت ناجحة وقد اتفق الطرفان على أن إخراج المنطقة العربية من الدوامة التي تعيش فيها يجب أن يتم عبر إنصاف الفلسطينيين والاسرائيليين. وأعرب عن تفهمه للموقف الاميركي، خصوصاً ان الرئيس جورج بوش ربما لا يكون راغباً في التدخل مباشرة بعملية السلام في الشرق الاوسط ما لم يضمن أن هناك حظا كبيرا بنجاح وساطته. وأكد على أن علاقة الاردن بإسرائيل تجعل دور عمان في المنطقة أشد فعالية، كما يقول الفلسطينيون أنفسهم. وشدد الملك عبد الله الثاني على «عدم وجود إسلام متطرف وإسلام معتدل»، موضحاً ان الصراع الحالي يدور بين «المسلمين والمتطرفين الذين اختطفوا الاسلام بقصد تحقيق غاياتهم السياسية التي أدت إلى كارثة الحادي عشر من سبتمبر». ودعا العرب والمسلمين الى «مخاطبة الغرب لتوعيته بحقائق الدين الاسلامي الحنيف».

وسئل عن خطة السلام الاميركية التي كثر الحديث عنها في الايام الاخيرة، فقال إن الاميركيين والبريطانيين «يدركون ضرورة التحرك بسرعة لتنشيط الجهود الساعية الى التوصل الى سلام في الشرق الاوسط». وأكد تأييده للفكرة التي طرحها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير المتمثلة في وجود «سلتين، واحدة تضم الدولة الفلسطينة المستقلة والاخرى تشتمل على ضمان أمن إسرائيل». وأضاف إنه يوافق الزعيم البريطاني على الأمل بـ«تطوير هاتين النقطتين معاً». وأشار الى أن إنجاز هاتين المهمتين المتلازمتين هو الشرط الاكيد «لتهيئة المناخ الملائم لدول المنطقة جميعاً بما فيها إسرائيل للعيش في استقرار وازدهار يسمحان للاردن وغيره بالتركيز على تفعيل الاقتصاد ودفع عجلته الى الامام». وعبر عن تفاؤله بأن «إسرائيل لن تختفي، وأن فلسطين ستظهر».

ولفت الى أنه ليس معنياً بانتقاد «هذه الجهة أو تلك، ونحن لا نستطيع ان نحقق السلام بمعزل عن الطرفين، بل بوسعنا جميعاً أن نساعدهما على بلوغ هذا الهدف بنفسيهما». وقال في رد على سؤال آخر إن الاردن «يتمتع بثقة الحكومة الاسرائيلية، الامر الذي يجعل دورنا بالغ الاهمية». وذكر أن الاردن ومصر تتمعان بفضل احتفاظهما بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل بموقع مميز في عملية تقريب وجهات النظر بين تل أبيب والعرب. وأكد ان «الرئيس ياسر عرفات لو سئل عن مدى أهمية الدور الاردني بسبب علاقاتنا مع إسرائيل، لقال إن له أهمية حاسمة».

وعبر عن قناعته بأن «الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي خرج عن سيطرة الطرفين، مما يعني أن العمل على ايقافه صار أكثر إلحاحاً منه في الماضي». واعتبر أن ارييل شارون ليس الوحيد الذي «يتعرض لضغوطات شديدة من قبل شعبه، فالرئيس عرفات يعاني من ضغوطات شعبه أيضا». وحث العاهل الاردني على وجوب «تفهم هذا الضغط الكبير الذي يخضع له عرفات»، معرباً عن تفاؤله بأن «تتمخض كارثة الضربات الاخيرة عن أمل بإحلال السلام في الشرق الاوسط».

ولدى سؤاله عن نية الحكومة الاميركية في توسيع دائرة الحملة المضادة للارهاب لاستهداف «الدول المارقة» التي وردت أسماؤها على قائمة الدول المساندة للارهاب، شدد الملك عبد الله الثاني على «وجود حوار اميركي مع (معظم) هذه الدول». وأشار إلى انه يدرك أن واشنطن تحدثت عن «صفحة جديدة قد بدأت بعد الحادي عشر من سبتمبر، معرباً عن أمله بألا تكون هناك فرصة لتعرض اي دولة أخرى لضربة اميركية. ودعا الجميع من عرب وغربيين ومسلمين ومسيحيين ويهود الى الوقوف معاً في وجه الارهاب العالمي، مؤكداً ضرورة التفكير بتحسين مستقبل العالم إرضاء لتطلعات الاجيال الشابة. وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول سلامة الموقف العربي المضاد للإرهاب ومدى الظلم الذي تعرضت له دول عربية انتقدت بذريعة أنها لم تبذل جهوداً كافية لمكافحة الارهاب، اكد العاهل الاردني أن العرب عبروا عن تنديدهم الشديد بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف «ربما أن البعض لم يتبينوا سريعاً أسلوب الرد الذي تستحقه تلك الاحداث، خصوصاً انها كانت غير مسبوقة، وقد فاجأت العالم». بيد ان العرب والمسلمين سرعان ما أدركوا أن «ذلك اليوم مثل نقطة جديدة، وهناك الآن فهم جديد في العالم». وزاد إن العرب يقومون بدورهم بصورة مرضية وهم «يرون أن ثمة املا للشرق الأوسط يلوح بعد هذه الكارثة».