خبراء الشؤون الأفغانية: رباني يحاول أن يصبح رئيسا مرة أخرى ولا يوجد من يستطيع وقفه

الولايات المتحدة وحلفاؤها يواجهون مشاكل في تحويل الانتصار العسكري إلى مكاسب سياسية

TT

بالرغم من كل مشاعر الفرحة الطاغية بسبب تسارع التقدم العسكري في افغانستان، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يواجهون عقبات خطيرة في محاولة تحويل سقوط شمال افغانستان الى مكاسب سياسية طويلة المدى. فقد اطلقت الامم المتحدة امس عملية التحويل بقرار، تمت الموافقة عليه بالاجماع يدعو الى «سرعة» انشاء حكومة مؤقتة ونداء الى الدول الاعضاء بدعم جهود قوات السلام الطارئة. ولكن التقدم البطيء في الدبلوماسية الدولية والمنافسات الجديدة من اجل السيطرة على مقاليد السلطة والتوتر بين القادة قد شل العملية الانتقالية، كما ذكر بعض من كبار الخبراء في الشؤون الافغانية. ويواجه تشكيل حكومة في مرحلة ما بعد طالبان عراقيل خطيرة بعدما اعلن زعيم التحالف الشمالي يوم الاربعاء معارضته الجهود الرامية الى تعيين الملك السابق محمد ظاهر شاه رئيسا لحكومة جديدة واسعة النطاق. بينما قال الرئيس برهان الدين رباني عبر ممثل له انه يمكن للملك السابق العودة الى افغانستان، ولكن كمواطن عادي. وذكرت ترسيتا شافر السفيرة الاميركية السابقة التي تعمل الان في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «ان تصريحات رباني ستجعل من الصعب للغاية بلورة تجمع للمعارضة».

وطبقا للمصادر الاميركية ومصادر الامم المتحدة ليست هذه هي المرة الاولى الذي يعمل فيها رباني على افشال اتفاق ما. فقد اصبح رباني رئيسا للبلاد بعد سقوط النظام الشيوعي الافغاني عام 1992، عندما اتفق سبعة من زعماء الحرب على تبادل منصب الرئاسة في اتفاق اعدته باكستان. ولكن رباني رفض تسليم السلطة عندما جاء دوره. وفي عهده تحارب زعماء افغانستان ضد بعضهم البعض ودمروا نصف العاصمة كابل، الى ان استولت طالبان على السلطة وهزمتهم كلهم عام 1996. كما رفض رباني الذي ايد الرئيس العراقي صدام حسين وعارض التحالف الذي قادته الولايات المتحدة خلال حرب الخليج عام 1991، جهود الامم المتحدة المتعددة لتشكيل حكومة واسعة النطاق، طبقا لما ذكره بيتر تومسين اخر مبعوث للولايات المتحدة في افغانستان بين عامي 1989 و1992. واوضح برنت روبين احد اهم خبراء الشؤون الافغانية ومدير مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك «ان رباني يحاول ان يصبح رئيسا مرة اخرى. ولا يوجد من هو قوي بدرجة كافية في شمال افغانستان لايقافه». واضاف تومسين ان «الجماعات الافغانية تنتظر ان تصبح الامم المتحدة وسيطا في حواراتهم، ولكن الامم المتحدة كانت بطيئة للغاية، وعاجزة وتعقد العديد من الاجتماعات. ولم تبدأ حوارات مع الافغان حتى الآن». وحذر تومسين الذي لايزال على اتصال بعدد كبير من جماعات المعارضة الافغانية «انه اذا استمرت هذه العملية لاسبوعين او لعشرين يوما فربما يصبح الامر متأخرا». ومن ناحية اخرى ذكر ميلتون بيردن الذي كان يدير عمليات وكالة الاستخبارات المركزية ضد الغزو السوفياتي لافغانستان في الفترة من 1986 الى 1989 «ان المشكلة الاساسية في كابل هو انه اذا نظرت على الخريطة فكل السكان يتوزعون عرقيا الا في كابل. وهذا الامر يحتاج الى حل الآن».

واوضح انه بما ان التحالف الشمالي اصبح الان في كابل، فإن اي جهود لتأمين العاصمة ومنع التقاتل بين الجماعات المختلفة تتطلب وجودا عسكريا دوليا كبيرا. وقال روبين «لقد قررت الولايات المتحدة ان تحقق مكاسب عسكرية كبيرة قبل رمضان ولتذهب العواقب الى الجحيم. الا انها لم تنفق الوقت المطلوب لتشكيل حكومة بديلة، ولذا فإن كل ما كنا نخشاه قد وقع».

مثل هذه المخاوف انعكست على سلسلة من الاتصالات الهاتفية يوم الاربعاء بين الرئيس الباكستاني برويز مشرف ووزير الخارجية الاميركي كولن باول ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والامين العام للامم المتحدة كوفي انان. وقد اكد مشرف للمسؤولين الثلاثة الحاجة الى منع التحالف الشمالي من التحول الى حكومة والى الحاجة الى الاسراع بالجهود الدبلوماسية للامم المتحدة، والحاجة الملحة الى وضع قوة متعددة الجنسيات في شمال افغانستان، طبقا للمعلومات التي ادلى بها المسؤولون الباكستانيون. وعلى صعيد اخر ذكر عدد من مساعدي ملك افغانستان السابق محمد ظاهر شاه، بعدما اصبحت العاصمة الافغانية في يد قوات التحالف الشمالي، ان الملك ينوي العودة الى افغانستان ويقدم نفسه كمصدر للتعبئة والتوحيد. وقال مساعده عبد الستار سيرات ان الملك «يأمل ان يعود الى افغانستان من اجل سلامة وامن شعبه». ويعيش الملك في روما منذ عام 1973 عقب انقلاب قصر. وقال ظاهر شاه في رسالة قال مساعدوه انها ستذاع على الشعب الافغاني هذا الاسبوع «بني وطني... اليوم واكثر من اي يوم سابق نحن في حاجة الى التضامن والوحدة والتعاون من اجل فرض النظام والقانون. ان شعب افغانستان النبيل، الذي كان ضحية لاكثر من عقدين من الزمن يتطلب وبسرعة احترام الحقوق الفردية لبعضنا البعض».

وتجدر الاشارة الى ان الامم المتحدة والولايات المتحدة وحلفاءها في المعركة ضد اسامة بن لادن وشبكته الارهابية تعتمد على ان الملك وهو من البشتون يمكنه توحيد البلاد التي تسكنها اغلبية من البشتون مع غيرهم من الجماعات العرقية لملء فراغ السلطة. خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»