طالبان تبدأ إخلاء قندز وتنسحب من ميدان شار و600 من «المتطوعين الأجانب» يستسلمون لقوات دوستم

جنود أميركيون يتمركزون في كابل وواشنطن تنفي مقتل 35 من قواتها الخاصة جنوب أفغانستان

TT

أكدت مصادر متطابقة من التحالف الشمالي الأفغاني أمس استسلام نحو 600 من الأجانب الذين يقاتلون في صفوف حركة طالبان بمدينة قندز الواقعة شمال شرق أفغانستان. فقد ذكر عبد الرشيد دوستم أحد أبرز قادة التحالف أن «600 شخص استسلموا لنا، بعضهم مرتزقة اجانب»، مضيفاً أننا «سنفصل الان بين مقاتلي طالبان المحليين والاجانب». كما اوضح، من جانبه، القائد الحاج محمد محقق، وهو أيضاً من التحالف الشمالي، في اتصال هاتفي أجرته مع «الشرق الأوسط» أمس عبر الأقمار الصناعية، ان حوالي 600 اجنبي كانوا يقاتلون في صفوف طالبان في قندز استسلموا امس بالقرب من مدينة مزار الشريف. وحسب مصادر منفصلة فان هؤلاء المقاتلين الاجانب قد سلموا انفسهم الى ممثلين عن الجنرال محقق والجنرال عبد الرشيد دوستم والقائد عطا محمد بعد التوصل الى اتفاق ينص على الاستسلام النهائي لجميع المقاتلين الافغان والاجانب في صفوف طالبان في مهلة اقصاها اليوم الاحد. واعلن الحاج محمد محقق، قائد حزب الوحدة الشيعي (من اثنية الهزارة) ان المجموعة تضم مقاتلين عربا وشيشانا وباكستانيين واستسلمت في بلدة دشتي غوري مار الواقعة على مسافة 10 كلم شرق مزار الشريف، المدينة الرئيسية في شمال افغانستان. وبموجب هذا الاتفاق، غادر الجنرال عبد الرشيد دوستم بعيد ظهر امس برفقة الفي رجل من المجموعات الثلاث في اتجاه ولاية قندز لتسلمها رسميا من ايدي طالبان. وقال محقق ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين تحالف الشمال وطالبان ينص على اسر المقاتلين الاجانب وتجريد مقاتلي طالبان الافغان من اسلحتهم وتسريحهم الى منازلهم. وأفاد متحدث آخر باسم التحالف الشمالي أن حوالي 1700 من مقاتلي طالبان في قندز سلموا انفسهم امس بعد أكثر من أسبوع من محاصرتهم داخل المدينة. وأفادت شبكة «سي. ان. ان» التلفزيونية الاميركية أن المئات من مقاتلي طالبان، شوهدوا، وهم يستقلون عشرات المركبات العسكرية، لدى خروجهم من قندز ثم مصافحتهم قوات التحالف الشمالي، لكن الشبكة قالت ان الأجانب، في هذه الحالة، لم يشاهدوا ضمن الجنود المستسلمين. وكان التحالف الشمالي في وقت سابق من يوم امس قد أوقف هجومه على المدينة المحاصرة لاعطاء جنود طالبان المزيد من الوقت لتسليم آخر معقل لهم في شمال البلاد. وكان التحالف الشمالي قد توعد باستئناف الهجوم في حال عدم التوصل الى اتفاق بعد ظهر أمس، في الوقت الذي واصل فيه الطيران الاميركي قصفه لاهداف طالبان في المدينة صباح امس. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن الجنرال داود حسيني أحد قادة التحالف الشمالي من مدينة طالقان القريبة ان 5 آلاف من قواته بدأوا امس التحرك صوب قندز. واضاف حسيني ان الباكستانيين الذين يقاتلون في صفوف طالبان، وافقوا على استسلام المدينة دون مقاومة. واكد حسيني ان المستسلمين سيعاملون «بطريقة قانونية، ولن تكون هناك اي اجراءات انتقامية». وكان قد تردد ان الأجانب الذين يقاتلون في صفوف طالبان طلبوا تسليم أنفسهم الى الامم المتحدة وليس الى التحالف الشمالي، الا أن المنظمة الدولية رفضت الطلب وقالت انها تفتقر الى الوسائل والموظفين المحليين الذين يقومون بمثل هذا الدور. وكشفت مجموعة أصولية باكستانية أمس أن طالبان رفضت عروض المقاتلين الباكستانيين الراغبين في التطوع للقتال الى جانبهم ضد الاميركيين. وقال مسؤول كبير في منظمة «عسكر التوبة» للصحافيين «حتى الان، لم يتوجه اي عضو في منظمتنا الى افغانستان لان طالبان قالوا لنا انهم لا يحتاجون الينا». واقر مولانا امير حمزة صاحب ان مقاتلين اجانب انضموا الى صفوف طالبان غير انه اكد انهم قاموا بذلك طوعا. واضاف «في حال انسحبت طالبان من قندهار سنقرر عندها اذا كنا نرسل هذه القوات». يذكر ان مقاتلي «عسكر التوبة» قد شنوا العديد من الهجمات الانتحارية ضد قوات الامن في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير. من ناحية أخرى، وافقت قوات طالبان التي تتواجه منذ الخميس الماضي مع قوات التحالف الشمالي في قطاع بلدة ميدان شار (20 كلم غرب كابل) على الاستسلام. وقال القائد المحلي التابع للتحالف الشمالي، حاج شير علام، امس لمجموعة من الصحافيين بالقرب من ميدان شار «لقد ارسلنا هذا الصباح احد ممثلينا للقاء طالبان. وقد وعدوا بتسليم انفسهم». واضاف «لقد وعدوا اولا بتسليم اسلحتهم الثقيلة وعلى الاثر نجري محادثات حول (استسلام) الجنود». وكانت قوات طالبان انسحبت صباح امس من الجزء الذي كانت تسيطر عليه من ميدان شهر، وسيطرت قوات التحالف على البلدة كلها حيث لم يعد هناك خط جبهة. وقد جرت الخميس والجمعة الماضيين معارك مكثفة مع تبادل القصف المدفعي في قطاع ميدان شار بين المئات من قوات طالبان وقوات التحالف الشمالي. وقال شهود ان «الأفغان العرب» المرتبطين بشبكة «القاعدة» التي يتزعمها أسامة بن لادن كانوا في صفوف طالبان خلال تلك المعارك التي أدت الى قطع الطريق الرئيسي الذي يربط شمال أفغانستان بجنوبها. وفي جنوب أفغانستان، سيطرت ميليشيات قبلية من البشتون على اقليم تختابول الواقع بين قندهار والحدود الباكستانية، ما ادى الى قطع الطريق الرئيسي بين قندهار وباكستان، وفق ما افاد الزعيم البشتوني في القوات المعارضة لطالبان حميد كرزاي امس. واوضح كرزاي نائب وزير الخارجية السابق المناصر لملك افغانستان السابق ان ميليشيات قبلية محلية هاجمت طالبان اول من امس في جوار مدينة تختابول عاصمة الاقليم الذي يحمل الاسم نفسه، الواقعة على الطريق بين قندهار ونقطة تشامان الحدودية. لكن متحدثاً باسم حركة طالبان نفى أمس عبر وكالة الانباء الافغانية الاسلامية هذه الأنباء. وقال الملا نجيب في اتصال هاتفي مع وكالة الانباء الافغانية الاسلامية من سبين بولداك، القريبة من الحدود الباكستانية «نسيطر تماما على تختابول والمعلومات التي تحدثت عن سقوطها لا اساس لها» من الصحة. ونفى كرزاي ما تردد بان القائد اسماعيل خان قد يحاول الاستيلاء على قندهار من قاعدته في هيرات شمال غرب أفغانستان، وقال «اعتقد ان اسماعيل خان سيتبع اساليب سلمية» للسيطرة على قندهار. وكان قادة البشتون قد حذروا اسماعيل خان وغيره من قادة التحالف الشمالي من دخول قندهار. واكد كرزاي الانباء التي تحدثت عن وقوع صدام الخميس الماضي بين قوات خان وانصار ظاهر شاه في شيندند جنوب هيرات، الا انه وصف الحادث بأنه «فردي». وأفادت مصادر باكستانية أمس أن كرزاي الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية الأفغاني في وقت سابق والمقرب من الملك السابق ظاهر شاه، قد يحصل على منصب مهم في الحكومة المتوقع تشكيلها بعد مؤتمر بون. الا أن كرزاي، زعيم قبائل البوبلزاي، قال في وقت لاحق أمس انه منشغل للغاية بمحاولة كسب تأييد زعماء قبائل البشتون وابعادهم عن طالبان، وبالتالي فانه قد لا يحضر مؤتمر بون. كما استبعد القائد عبد الخالق زعيم قبائل النورساي، المقرب هو الآخر من الملك ظاهر شاه حضور المؤتمر. ويعتبر كرزاي وعبد الخالق من أبرز زعماء القبائل في جنوب أفغانستان، وهما يحاولان منذ مدة التفاوض مع طالبان حول استسلام قندهار. وفي العاصمة كابل، قال سكان أمس ان عشرات الجنود الاميركيين او البريطانيين تمركزوا في مبنى بحي سكني في المدينة. وقالوا انهم شاهدوا جنودا غربيين يدخلون الى المبنى ويخرجون منه ليلا. وتعد هذه المرة الاولى التي يشاهد فيها جنود اميركيون او بريطانيون في كابل منذ بدء الحملة الاميركية العسكرية في 7 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. وحول شأن ذي صلة، نفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) مساء اول من امس ما كانت صحيفة «نيوز» الباكستانية قد أعلنته بشأن مقتل 35 جنديا من القوات الاميركية الخاصة الاسبوع الماضي خلال مواجهات مع عناصر من طالبان في جنوب افغانستان. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الكولونيل ديفيد لابان ان هذه «المعلومات عارية تماما عن الصحة». واكد ان العمليات العسكرية في افغانستان لم تسفر حتى الان عن سقوط اي قتيل اميركي. وخلص المتحدث الى القول «ان هذه المسألة مثل اضافي عن الاكاذيب التي تستمر حركة طالبان في ترويجها». في غضون ذلك، قال الرئيس الافغاني برهان الدين رباني في مقابلة مع صحيفة «ذي ديلي تلغراف» البريطانية امس انه «لا مطامع شخصية» له في السلطة في افغانستان. وقال رباني قبل ثلاثة ايام من عقد مؤتمر بون ان «الافغان سيقررون الدور الذي يجب ان يعطى لكل شخصية معنية»، مضيفا «انا ساوافق على القرارات التي قد تصدر عن مؤتمر بون ولا مطامع شخصية لي». ورأى رباني أن مؤتمر بون ليس سوى الخطوة الأولى، وما من شك أنها «مفيدة ومبشرة جدا، الا أننا نأمل ان يكون هذا آخر اجتماع خارج البلاد». ودعا رباني كذلك الى تحسين العلاقات مع باكستان، وقال اننا «نريد بدء صفحة جديدة» تقوم على «أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل والاستقلال الاقليمي».