مرجع لبناني: الخطة الأميركية للمنطقة جديرة بالاهتمام وصدقيتها نابعة من تنسيق مسبق مع دول عربية فاعلة

أكد أن باول «صادق» وهو ينفذ وعداً قطعه للعرب بتحريك المفاوضات

TT

يبدي المسؤولون اللبنانيون قلقهم من التحرك الاميركي، لان صورة التطورات المتسارعة على ساحة المنطقة لا تبعث على التفاؤل. ويرى هؤلاء ان الادارة الاميركية ما زالت مصرة على تصنيف المقاومة في لبنان والانتفاضة في فلسطين في خانة «الارهاب». لا يبدو انها ستتردد في ممارسة نفوذها وضغوطها على الانظمة العربية لالزامها بهذا التصنيف للحركات والمنظمات التي تقاتل اسرائيل، وحملها على قطع المعونات المادية والسياسية والمعنوية، وهذا في ظل استمرار تجاهلها المتعمّد لسياسة اسرائيل القمعية والدبابات التي تحرث ارض السلطة الفلسطينية وتمزق اجساد ابنائها.

ولكن من ناحية ثانية، يعوّل المسؤولون اللبنانيون كثيراً على زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية وليم بيرنز الى لبنان واللقاءات التي سيجريها معهم، ضمن جولته في المنطقة، والهادفة الى «ترجمة الافكار الاميركية» التي طرحها وزير الخارجية كولن باول لحل النزاع العربي ـ الاسرائيلي، انطلاقاً من تنفيذ الخطة الامنية التي وضعها جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (السي آي ايه) وتوصيات «لجنة ميتشل» لاطلاق التفاوض حول الحل النهائي وايجاد صيغة معقولة ومقبولة لمسألتي القدس وعودة اللاجئين.

وفي هذا الشأن يقول مرجع لبناني مسؤول ان لبنان سيركّز في محادثاته مع الدبلوماسي الاميركي على الانطلاق في البحث من النقطة التي بلغتها محادثات المسؤولين اللبنانيين مع وفد الكونغرس الذي زار بيروت قبل اسبوع وابدى تفهماً لوجهة نظر لبنان في موضوع الحصرية اللبنانية لعمل المقاومة، لا سيما منها «حزب الله»، ونفي وجود اي ارتباطات خارجية لهذا الحزب وان النشاطات القتالية للحزب محصورة فقط في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لما تبقى من ارض الجنوب اللبناني، وبالتالي فهو يمارس هذا الحق المشروع في مزارع شبعا فقط، وان نطاق عمله العسكري لم يتعدّ هذه المزارع على رغم الاستفزازات الاسرائيلية المتكررة وخرق اسرائيل اليومي المتعمّد للاجواء اللبنانية. وعليه ـ حسب المرجع اللبناني المسؤول ـ فان الموقف اللبناني من «حزب الله» الذي سبق وابلغه لبنان للولايات المتحدة عبر اكثر من قناة وموفد «سيبلغ ايضاً للزائر الاميركي الجديد بثوابت اخرى وهي ان المقاومة التي اعترفت بها الولايات المتحدة من خلال تفاهم ابريل (نيسان) عام 1996 ليست ارهابية، وانما مقاومة ستستمر ما دام هناك احتلال لجزء من الاراضي اللبنانية». وايضاً «اذا كانت الولايات المتحدة حريصة على وقف عمليات المقاومة في الجنوب في اطار سعيها لايجاد تسوية عادلة وشاملة في المنطقة ...فعليها ان تبادر الى اقناع اسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا، وعندها تنتفي الحاجة الى المقاومة والمواجهة على ساحة الجنوب، ويعود «حزب الله» الى ممارسة دوره وموقعه تحت سقف النظام اللبناني والقوانين اللبنانية خصوصاً انه ممثل في المجلس النيابي بكتلة نيابية كبيرة».

وعندما سئل المرجع اللبناني عن موقف لبنان من الخطة الاميركية التي طرحها باول حول كل النزاع في المنطقة قال «الافكار الاميركية المطروحة جديرة بالاهتمام وهي موضع تشاور بين اركان الحكم بعض الدول العربية، لا سيما منها سورية. ومن مصلحة العرب ان يتعاطوا معها بايجابية ويضغطوا في اتجاه تنفيذ بنودها لان التنفيذ سيكون في مصلحتهم وليس في مصلحة اسرائيل، التي ترفض اي مبادرة سلام تقوم على وقف الاستيطان وانهاء الاحتلال. بناء عليه فاي تقدم في اتجاه السلام سيؤدي الى سقوط الحكومة الاسرائيلية. ولفت المرجع الى ان ترحيب رئىس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون بالرؤية الاميركية ما هو إلاّ محاولة مكشوفة لجرّ العرب والفلسطينيين الى رفضها وتحميلهم تبعة اجهاضها واحباطها».

وتابع المرجع نفسه كلامه قائلاً «ان صدقية الافكار الاميركية نابعة من انها جاءت وفق ما ابلغه الموفد الفرنسي للمسؤولين اللبنانيين، وهي حصيلة تشاور بين اميركا وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، ولقد كان لفرنسا دورها الفاعل والمؤثر في تطويرها اضافة الى جهود بريطانيا والمانيا، علماً بان الرؤية الاميركية وخلاصاتها كانت منسّقة مع الدول العربية الفاعلة وهذا ما يعطيها قوة دعم ودفع دوليين ايّا تكن الاعتبارات التي تحمل البعض على التشكيك في التحرك الاميركي الجديد».

باول ...صادق من ناحية ثانية، وصف المرجع اللبناني مواقف باول بانها «صادقة، فهو قطع وعداً لعدد من الرؤساء العرب باعادة تحريك العملية السلمية، وها هو الآن ينفّذ الوعد الذي قطعه بطرحه تصوّر ادارته للحل». ورداً على سؤال حول وصف باول الانتفاضة بـ«الارهاب»، قال المرجع ان تضمين باول الافكار الاميركية وصف الانتفاضة بـ«الارهاب» يقف وراءه بعض المسؤولين في الادارة الاميركية بهدف طمأنة اسرائيل وتشجيعها على القبول بالخطة الاميركية. واردف: «ان المضمون الكلي للرؤية الاميركية مقبول ومعقول شرط ان يكون هناك عزم وحزم على تنفيذها. واعتبر ان ادارة الرئيس جورج ووكر بوش «ادركت ولو متأخرة ما كان بعض القادة العرب ينصحونها به، وهو ان احد اسباب «الارهاب» الذي تعرضت له واشنطن ونيويورك، إبقاء الصراع في منطقة الشرق الاوسط متأججاً من دون تدخل فاعل لمعالجته».

اما في شأن اعطاء الاولوية للمسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي فيقول المرجع «ان الوضع ملتهب هناك وطاحونة الموت مستمرة منذ اكثر من سنة وشهرين وهذا ما يستوجب اعطاء الاولوية في المعالجات لهذا الوضع. ولكن هذا لا يعني اهمال المسارين اللبناني ـ الاسرائيلي والسوري ـ الاسرائيلي اللذين سيتحركان بدورهما لاحقاً»، ولاحظ ان ايفاد نائب وزير الخارجية وليم بيرنز والجنرال السابق انطوني زيني يدل على «جدية السعي لاحداث اختراق رئيسي وتأمين الارضية اللازمة للحركة التفاوضية بقوّة وفعالية».