الولايات المتحدة تنشر قوات كبيرة من المارينز وتنزل معدات عسكرية بالمظلات قرب قندهار

750 من مقاتلي طالبان الأجانب في قندز يستسلمون لقوات الجنرال عبد الرشيد دوستم

TT

أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نشر قوات برية أميركية على الأرض قرب قندهار، في الوقت الذي رجحت فيه مصادر أفغانية أن يكون نشر هذه القوات بهدف شن هجوم واسع على المدينة التي تمثل آخر معقل لحركة طالبان في جنوب أفغانستان.

ونقلت شبكة «ايه. بي. سي» التلفزيونية الاميركية عن مصادر في البنتاغون قولها ان «الجنود الاميركيين موجودون على الارض قرب قندهار وهم يصلون في موجات متتالية. ويمكن ان يصل عدد القوات الاميركية الى ما بين 1200 و1600 رجل في يوم واحد». واضاف التلفزيون الاميركي ان «المهمة الاولى للجنود الاميركيين هي ضمان الامن في المطار المجاور لقندهار ثم مهاجمة مواقع لحركة طالبان».

وكانت وكالة الانباء الافغانية الاسلامية قد ذكرت امس ان طائرات اميركية انزلت بالمظلات جنودا اميركيين وعتادا عسكريا قرب قندهار التي كانت في الوقت نفسه تتعرض لقصف جوي اميركي عنيف. واضافت الوكالة التي تتخذ من باكستان مقرا لها ان الطائرات الاميركية انزلت، اضافة الى الجنود، مدافع وآليات مدرعة جنوب المدينة. ورجحت الوكالة ان تكون عمليات الانزال تمهيدا لهجوم واسع النطاق على قندهار. واوضحت الوكالة ان القوات الاميركية انزلت قرب مطار قندهار على بعد نحو 20 كلم من المدينة. وذكر مدير وفد اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى افغانستان امس ان القوات الاميركية موجودة على تخوم قندهار، وقد وصلت على متن طائرات من طراز «هركوليس سي ـ 130».

وفي الوقت نفسه كانت الطائرات الاميركية تقصف بشكل عنيف مدينة قندهار، حيث انقطعت كل الاتصالات اللاسلكية في المنطقة. كما اعلن افراد من قبائل قريبة من الحاج غل آغا البشتوني ان نحو 30 جنديا اميركيا وصلوا مساء اول من امس الى تور كوتال على بعد 5 كيلومترات من مطار قندهار وضبطوا صاروخي ارض ـ جو من نوع ستينغر.

وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو امس ان اي جندي بريطاني لا يشارك «في الوقت الراهن» في العملية التي تشنها القوات الاميركية في قندهار. كما اعلنت قيادة اركان الجيوش الفرنسية في باريس ان القوة الفرنسية التي وصلت قبل اسبوع الى خان آباد بالقرب من كارشي (جنوب اوزبكستان) لا تزال في هذه القاعدة الاوزبكية. وينتظر الجنود الفرنسيون الـ58 موافقة قادة التحالف الشمالي في مزار الشريف للنزول في مطار المدينة الواقعة شمال افغانستان. وستنتشر القوة الفرنسية في هذا المطار مع عسكريين اميركيين واردنيين لصيانة هذا المطار من اجل تأمين نقل المساعدات الانسانية التي ترسلها المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية.

وجنوباً، جرت أمس معارك ضارية في مدينة سبين بولداك التي تقع على الطريق بين قندهار والحدود مع باكستان بعد ان فقدت طالبان السيطرة على مطار قندهار حسبما اعلن احد افراد عائلة الحاكم غل آغا. واعلن مقاتل من طالبان لوكالة الانباء الافغانية الاسلامية ان بلدة تقع على بعد 45 كلم شرق قندهار وقعت بايدي زعماء من البشتون، وقال هذا المقاتل من طالبان «لقد سيطر مقاتلون من القبائل على تختابول الواقعة على بعد 45 كلم من قندهار». واضاف ان «طريقا سريعا بين سبين بولداك ومدينة قندهار اصبحت هي ايضا تحت سيطرة مقاتلي القبائل واغلقت امام حركة المرور». وقال بعض الشهود العائدين من قندهار انهم شاهدوا جنودا اميركيين بالزي العسكري في تختابول.

وكان البنتاغون قد اعلن في الـ 20 من الشهر الجاري تعزيز عدد جنود مشاة البحرية الاميركية الذين وضعوا تحت امرة القيادة الاميركية للتدخل في افغانستان، ليصل الى 2300 جندي.

وجاء في شهادات اميركية متطابقة ان اميركيا قتل اول من امس خلال تمرد مئات الاسرى التابعين لطالبان وحلفائهم الأجانب بالقرب من مزار الشريف في شمال افغانستان. ونقلت شبكة «ايه. بي. سي» التلفزيونية الاميركية عن مصادر حكومية اميركية قولها ان الضحية هو من وكالة الاستخبارات الاميركية المركزية (سي. آي. ايه). وفي حال تأكد ذلك رسميا، فسيكون هذا اول مشارك اميركي في العمليات العسكرية الجارية في افغانستان يعلن عن مقتله.

إلى ذلك، أكد حليم رزم، مساعد الجنرال الاوزبكي عبد الرشيد دوستم للشؤون السياسية، امس ان المقاتلين الاجانب الـ 600 في قوات طالبان الذين تمردوا اول من امس في قلعة جانجي قتلوا «جميعهم عمليا». واكد كذلك مقتل الاميركي التابع لوكالة «سي. آي. ايه». واضاف ان اربعين جنديا من قوات دوستم قتلوا ايضا وجرح مساعده للشؤون الامنية سعيد كامل. واوضح حليم رزم ان بعض المواجهات استمرت امس بين قوات تحالف الشمال بقيادة الجنرال دوستم وآخر الاسرى المتمردين.

واكد رزم كذلك ان حوالي 750 مقاتلا اجنبيا من قوات طالبان استسلموا امس في قندز، وقال ان «خمسة الاف مقاتل من قوات طالبان استسلموا طوعا ومعهم 750 من المرتزقة الاجانب». واضاف ان الاجانب سينقلون الى «معسكر خاص» بالقرب من مزار الشريف للبت في مسألة كل واحد منهم ثم تسليمهم الى الامم المتحدة. واوضح ان الخمسة الاف رجل الاخرين هم «افغان عاديون» من قندز وسوف يطلق سراحهم. وكان قرابة ثلاثة آلاف مقاتل تابعين للجنرال التاجيكي محمد داود قد استولوا صباح امس على مدينة قندز، آخر معاقل طالبان في شمال أفغانستان. وقال علاء الدين احد المتحدثين باسم التحالف الشمالي ان «قوات الجنرال داود دخلت قندز من الناحية الشمالية بعد قتال سريع». وعلى اثرها، نزل الآلاف من سكان المدينة الى الشوارع للاحتفال برحيل عناصر طالبان بعد أكثر من حصار عاشته المدينة لأكثر من أسبوعين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن احد ابناء المدينة محمد ظريف قوله «انه يوم كبير، لقد تخلصنا اخيرا من الصلوات واللحى التي لا تحصى ومن القصف الاميركي». ووضعت طرقات المدينة تحت رقابة مشددة من جانب مئات العناصر في التحالف مسلحين برشاشات كلاشنيكوف وقاذفات صواريخ.

من ناحية أخرى، قال وزير خارجية التحالف الشمالي عبد الله عبد الله امس انه يعتقد ان زعيم طالبان الملا محمد عمر وأسامة بن لادن «موجودان معا» في مدينة قندهار أو في مكان قريب منها. واضاف عبد الله أن العناصر التابعة لابن لادن «مطوقة» في هذه المنطقة في جنوب افغانستان، «الا ان الامر لم ينته مع ذلك». واوضح ان «القوات المحلية (قبائل البشتون) تقاوم قوات طالبان حول قندهار، وبالتالي فإننا لا نفكر في إرسال قوات الى هناك»، وهذا «الأمر ليس مطروحاً»، وإنما سيتم «إرسال قادة إلى هناك للمساعدة في تعبئة السكان ضد طالبان».

في غضون ذلك، نقلت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله خلال اجتماع في الكرملين مع الحكومة ان 12 طائرة روسية نقلت مساعدات انسانية امس الى افغانستان وعادت الى روسيا. واوضح بوتين ان هذه المساعدات نقلت بطلب من الحكومة الافغانية برئاسة برهان الدين رباني الذي ضمن امن الجنود الروس، مؤكدا ان الامر يتعلق ببدء مرحلة جديدة لمساعدة الشعب الافغاني. وقال من جهته مساعد وزير الاوضاع الطارئة الروسي يوري فوروبييف كما نقلت عنه وكالة «انترفاكس» ان «طائرات للنقل العسكري نقلت الى مطار باغرام (شمال كابل) عناصر من وزارتي الاوضاع الطارئة والصحة اضافة الى فرق امنية ومعدات تقنية» بهدف فتح مركز للمساعدات الانسانية في العاصمة الافغانية. وكان قد اعلن يوم الجمعة الماضي عن انشاء مركز انساني في كابل بهدف تأمين نقل المساعدات الروسية والدولية وتوزيعها على المدنيين الافغان. وكانت وكالة «انترفاكس» قد افادت كذلك ان ثلاث طائرات روسية للنقل العسكري من طراز «ايليوشن ـ 76» حطت امس في مطار باغرام شمال كابل وهي تنقل المعدات الضرورية لاقامة بعثة دبلوماسية في العاصمة الافغانية. وكان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف قد اعلن اول من امس ان مجموعة خاصة مكلفة اقامة البعثة (الدبلوماسية الدائمة في العاصمة الافغانية) ستبدأ عملها اعتبارا من يوم امس (الاثنين). واكد ايفانوف ان روسيا وجدت المبنى التي ستقيم فيه بعثتها الدبلوماسية الدائمة، مشيرا مع ذلك الى انه لا يمكن استخدام مبنى السفارة الروسية السابقة في كابل لاصابته باضرار كبيرة، فقد تم اخلاؤه في ظروف مأسوية تحت القذائف في اغسطس (آب) .1992 وكانت موسكو قد أعلنت في الـ16 من الشهر الجاري ارسال وفد رسمي الى افغانستان، مبدية بذلك نيتها في لعب دور فاعل في مرحلة ما بعد طالبان.