متفجرات وأجهزة توقيت وأدلة على تدريبات حرب بيولوجية وكيماوية داخل معسكر «القاعدة» في جلال آباد

«أبو خباب» أجرى تجارب استخدام غاز الأعصاب على الكلاب والأرانب

TT

متفجرات بلاستيكية واجهزة توقيت ورسومات توضيحية لافضل الاماكن لاخفاء المتفجرات في الطائرات تنتشر في معسكرات التدريب الخاصة بابن لادن بالقرب من جلال آباد، بالاضافة الى اقنعة الغاز وسم الزرنيخ وتفاصيل العناصر البيولوجية تملأ الرفوف في مختبرات الاسلحة الكيماوية. وتنتشر بين العاب الاطفال والاراجيح في المدرسة الابتدائية التي اسسها بن لادن، بنادق الكلاشنيكوف والاهداف المخصصة للتصويب عليها وبرامج تدريس لتعليم الاطفال اطلاق النار على وجه ضحاياهم.

ومن الواضح انه تم التخلي عن معسكرات التدريب هذه في الاسابيع القليلة الماضية. وتكشف المعسكرات صورة واضحة للطريقة المنظمة التي كان بن لادن ورجاله يسعون فيها لشن الحرب على الولايات المتحدة.

وقد تمكنت «يو اس ايه توداي» في الاسبوع الماضي وبتصريح خاص من حاكم جلال اباد الجديد الحاج عبد القادر من زيارة معسكرين من معسكرات بن لادن السابقة. الاول في قرية فارم هادا على بعد 12 ميلا جنوب المدينة، والاخر بالقرب من دارونتا على بعد 15 ميلا غربا.

وتتولى حراسة المعسكرين قوات عبد القادر. ولم تزر القوات الاميركية او اجهزة الاستخبارات الاميركية المعسكرين لان المنطقة لا تزال تعتبر، على حد تقدير المسؤولين الاميركيين، خطرة. ويعتقد المسؤولون الاميركيون وفي التحالف الشمالي ان بن لادن وحوالي 1500 من مقاتليه، بالاضافة الى عدد من قوات طالبان، لا يزالون يختبئون في مئات الكهوف جنوب جلال اباد. وقد اصطحب مراسل «يو اس ايه توداي» الى الموقعين عدد من المسؤولين الامنيين في جلال اباد الذين اصروا على انه ليس من الضروري ارتداء ملابس مضادة للرصاص. ولم يحدث شيء خلال يوم الزيارة.

وتكشف الادلة التي عثر عليها في المعسكرين ان المجندين تدربوا على الحرب التقليدية والبيولوجية بل وحتى الحرب النووية، طبقا للمنشورات التعليمية. وقد حضروا من 21 دولة على الاقل من بينها البوسنة ومصر وفرنسا وبريطانيا والاردن والكويت وباكستان والسعودية وتركيا وغيرها من الدول الحليفة للولايات المتحدة.

وتكشف وثائق الدراسة ان جميع الطلبة تقريبا قد ابلغوا بوجوب العودة الى بلادهم بعد انتهاء التدريب «وانتظار الاوامر لتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة».

وذكر المحلل العسكري رفعت حسين من جامعة القاضي الاعظم في اسلام اباد «ان هذه المواد تقدم ادلة ظرفية تؤكد الشكوك بأن اسامة بن لادن كان يسعى بجدية للحصول على اسلحة الدمار الشامل».

* تحديد الأهداف

* تم تدمير معظم المباني والثكنات في معسكر «دارونتا» وهو قاعدة سوفياتية سابقة في الغارات التي شنتها الولايات المتحدة في 28 اكتوبر (تشرين الاول). ولكن اهم مبنى في المعسكر الذي يحتوي على مختبر من غرفة واحدة لم يدمر. ولم يتمكن المسؤولون الاميركيون من العثور على تفسير لعدم تدميره.

ويحتوي درج في المختبر على ثلاثة كتب; الاول مكون من 18 فصلا ويقع في 179 صفحة وهو كتاب تدريب كتبه مجموعة من اعضاء جماعة بن لادن. ويحدد «المباني والجسور والسفارات والمدارس ومدن الملاهي» باعتبارها اهدافا محددة للتدمير في الغرب. ويناقش فصل اخر عمليات التدمير التي يمكن تحقيقها بالمتفجرات الذرية، ويوجد به رسومات يدوية للقنابل.

والكتابان الاخران، مطبوعان في الولايات المتحدة وهما بعنوان تصميمات القنابل في الشرق الاوسط والتكنيكات المتقدمة لصناعة المتفجرات واجهزة التوقيت. كما يوجد ايضا 84 صفحة عن تكنيك بناء القنابل تشمل استخدام الديناميت والمتفجرات البلاستيكية من طراز سي 3 وسي 4 التي يبدو انه تم الحصول عليها من الانترنت.

كما عثر في درج اخر على عدة تأشيرات مزورة واختام هجرة، احدها من السفارة الباكستانية في روما والاخر من القنصلية التاجيكية في اسلام اباد. كما توجد ايضا نسخ من طلبات تحويل الاموال تطلب من فرع لندن لمصرف باكستاني أن يطلب من مصرف آخر في زيوريخ ان يضع في حساب شخص يدعى معظم بيغ في كراتشي مبلغا غير محدد من المال. وعلى رف المختبر يوجد صندوق معدني طويل به نشارة خشب موضوع بينها 18 زجاجة من سوائل من بينها اسيتات الرصاص وحامض النتريك وحامض الكربوليك والغلسرين وكلها مواد سامة للغاية. وفي رف اخر كانت هناك عدة عبوات بلاستيكية من بينها واحدة تحتوي على الزرنيخ. وتبين ان كل المواد الكيماوية تحمل عبارة «صنع في الصين» وقد تبين ان اكثر من 5 الاف مجند من بينهم 4 على الاقل من الـ 19 خاطفي الطائرات التي شاركت في الهجمات الارهابية في 11 سبتمبر (ايلول) تلقوا تدريباتهم في معسكرات بن لادن، بداية من اوائل التسعينات، طبقا لمعلومات المسؤولين الاميركيين. واضافوا ان المتطرفين الذين شاركوا في الهجوم على المدمرة الاميركية كول في ميناء عدن اليمني وادى الى مقتل 17 بحارا اميركيا، والهجوم على السفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا عام 1998 وقتل فيها اكثر من 200 مواطن، تلقوا تدريباتهم في المعسكرات.

وتجدر الاشارة الى ان بن لادن الذي عاش في جلال اباد اكثر من مرة منذ وصوله الى افغانستان في عام 1996 كان يدير 6 معسكرات تدريب ارهابية بالقرب من المدينة. كما كان يملك او يستأجر 6 مساكن على الاقل وعشرات من الشقق ومدرسة ابتدائية لاطفال المقاتلين.

ويعتبر المعسكر الموجود في فارم هادا من اكبرها. وهو مكون من مبان مقامة من الطين والطوب. وقد تخلى المجندون فيه الذين يقدر عددهم بستمائة شخص بعدما تعرضوا لقصف مكثف من القوات الاميركية في اواخر شهر اكتوبر. وعثر على صور عائلية بل وطقم اسنان في المعسكر. كما عثر على دلو به كميات من شعر الذقن، مما يشير الى ان بعض المجندين قد شذبوا ذقونهم قبل الهرب.

ومن بين الاشياء التي عثر عليها بين الانقاض كتيب يقع في 26 صفحة بعنوان «الجهاد ضد اميركا»، ذكر المسؤولون الباكستانيون انه كان يسلم الى كل المجندين الجدد في المعسكر، ويحتوي على خطب وبيانات بن لادن، ويحدد فيه اهدافه. واشار اسامة في الكتيب الى المنظمات الاسلامية المتطرفة التي قال انها «تساعد افغانستان في حربها ضد الكفار» حول العالم. وتضم القائمة جماعة الجهاد الاسلامي المصرية وجماعة المقاتلين الليبية وجماعة ابو سياف الفلبينية، بالاضافة الى ما يصفه الكتاب بـ«المتطرفين الجهاديين من بورما والبوسنة والشيشان واندونيسيا والعراق والاردن ولبنان وباكستان والصومال وتاجيكستان وتركيا وتركمانستان واوزبكستان.

وقال بن لادن في الكتاب انه عثر على وطن في افغانستان، البلد الذي شارك هو وعدد اخر من الرجال في هزيمة قوى عظمى اخرى في الثمانينات هو الاتحاد السوفياتي. وخارج المختبر، بجوار حقل للخضروات، يوجد 4 اعمدة معدنية بها سلاسل في قاعدتها. وفي نهاية واحدة من هذه السلاسل عثر على بقايا ما يبدو انه حيوان بفرو ابيض.

وقال المسؤولون الاميركيون نقلا عن الصور التي تم التقاطها بالاقمار الصناعية للمعسكر في اوائل العام الحالي والمعلومات الاستخبارية التي تم جمعها من السكان المحليين ان ابو خباب وهو مصري يبلغ عمره 60 سنة كان يجري التجارب باستخدام غاز الاعصاب على الكلاب والارانب وغيرها من الحيوانات.

وقال جيران ابو خباب انهم شهدوا شاحنات كبيرة تحمل ارقاما باكستانية تحضر كميات من المواد الكيماوية وغيرها الى المعسكر مرة كل اسبوع على الاقل. وانهم كانوا يعتقدون انه طبيب.

وقال شاه احمدي البالغ من العمر 35 سنة ويعيش بالقرب منه «ان الجميع كانوا يخافونه. ففي يوم من الايام كان يقوم بعمل ما وحدث انفجار ضخم. وانتشرت رائحة مواد كيماوية في المنطقة لعدة ساعات. واحتج السكان على ذلك، فحد من تجاربه».

وعثر على كثير من المواد الكيميائية والاسلحة والادلة بما فيها جهاز انذار كوري الصنع ثمنه 4.2 ألف دولار، ضد العناصر الكيماوية. وقال عبد القادر حاكم جلال اباد «اخشى من ان هناك الكثير الذي لا نعلم عنه الكثير. واخشى ان ما حدث في مركز التجارة العالمي والبنتاغون كان مجرد البداية. فالاسوأ لم يحدث بعد».

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»