خبراء عسكريون بريطانيون: استهداف السودان والعراق ولبنان في حرب الإرهاب غير وارد

TT

نفى خبراء عسكريون بريطانيون احتمال استهداف السودان والعراق ولبنان في إطار حرب الارهاب، فيما لم يستبعدوا أن يكون الصومال مرشحا لإيواء أسامة بن لادن وناشطي «القاعدة» بعد فرارهم من أفغانستان. وإذ أعربوا عن دهشتهم لتراجع طالبان والقاعدة بهذه السرعة، فقد لفتوا الى أن الحرب لم تنتهِ بعد وأن لجوء مقاتلي الطرفين الى حرب العصابات وأسلحة التدمير الشامل لا يزال وارداً. واعرب الخبراء عن شكهم في صحة المعلومات المتوفرة عن تمرد قلعة «جانغي» في مزار الشريف، موضحين صعوبة التكهن بمستقبل أفغانستان قبل معرفة بوادر نتائج مؤتمر بون المزمع عقده اليوم.

وأكد كريس آرون، رئيس تحرير مجلة «جين للاستخبارات» المعروفة، أن احتمال لجوء بن لادن وعناصر القاعدة الى الصومال كملجأ أخير، هو أمر يستحق التأمل. ولفت الخبير الذي كان يتحدث في لقاء مع الصحافيين الاجانب في لندن حضره عدد من رؤساء تحرير مجلات مؤسسة «جين» الدفاعية، الى وجود علاقات قوية بين «الاتحاد الوطني» الذي اسسه فارح عيديد و«القاعدة»، التي نشطت في السابق في الصومال وربما لا تزال تحتفظ بوجود لا بأس به هناك. وقال إن خلايا تنظيم بن لادن في جنوب آسيا لم تدمر بعد، فيما يعتبر حضور شبكة القاعدة في القفقاس والشيشان وشرق إفريقيا في حكم المنتهي. وأشار الى أن قوة ناشطي القاعدة في أوروبا قد ضعفت بفعل الحملة الفعالة التي تشنها ضدهم اجهزة الامن الغربية.

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر أن توجيه ضربة للصومال هو احتمال ممكن. بيد أنه أردف أن ذلك لا ينطبق على السودان خلافاً لماذكرته تقارير صحافية اعتبرت أن صلات بن لادن بالخرطوم قد تجعلها عرضة لـ«انتقام» أميركي. وقال إن «السودان أبدى استعداده للتعاون مع الولايات المتحدة، وقد أثبت حسن نياته سابقاً حين سلم كارلوس، كما أن هناك حكومة تسيطر على الوضع الى درجة ما خلافاً للصومال حيث تشيع الفوضى ويبدو النظام المركزي غائباً تماماً كما كان الحال في أفغانستان».

وفي معرض حديثه عن المناطق التي ستستقطب الاهتمام كمصادر محتملة للإرهاب الدولي، أكد آرون أن الحدود المشتركة بين الارجنتين والبرازيل وباراغوي هي منطقة «بالغة الاهمية». وعزا ذلك الى «وجود لبنانيين هاجروا الى هناك بسبب الحرب الاهلية في بلادهم، ولحزب الله مواطئ قدم هناك، خصوصاً ان البعض قام بعمليات جمع تبرعات له». واستوضحته «الشرق الأوسط» عما إذا كان هذا الحضور يبرر وضع اسم «حزب الله» على قائمة التنظيمات الارهابية التي ستهاجهما الولايات المتحدة لضلوعها في نشاطات «إرهابية» خارج مناطقها، فقال إن هذا التمييز بين المنظمات الارهابية المحلية وتلك القادرة على القيام بعمليات خارجية غير مقنع. وأشار الى أن «حزب الله» له حضور على المستوى العالمي، بيد أنه لا يستهدف إلا مصالح إسرائيلية. واستبعد ان تتعرض سورية ولبنان لضربة عسكرية بسبب علاقتيهما بحزب الله، مؤكداً أن هناك وسائل «عقاب» عدة يمكن اللجوء اليها بدلاً من الحرب. واعتبر أن ما أسماه الرئيس الاميركي جورج بوش بـ«الحرب الخفية» التي تشتمل على عمليات أمنية وإجراءات مالية واقتصادية ربما تكون الخيار الذي قد يفضله الاميركيون في حالات دول عديدة. واكد أن العلاقة بين الارهاب والجريمة تنمو باطراد. وساق على ذلك مثال تنظيم أبو سياف في الفيلبين، الذي يضم جناحين احدهما يقوم باختطاف الاسرى بقصد الحصول على المال، فيما يهدف الآخر من ذلك الى تحقيق أهداف سياسية.

وسئل الخبراء البريطانيون عن مدى واقعية الحديث عن استهداف العراق، لا سيما أن تقارير إسرائيلية سُربت اخيراً زعمت بوجود علاقة بين بغداد والقاعدة. وإذ جدد آرون تأكيده وجود خيارات غير عسكرية، شدد الميجور تشارلز هيمان رئيس تحرير «جين للجيوش العالمية» على أن «المخططين العسكريين الاميركيين سيرفضون على الارجح فتح جبهة اخرى»، وقال إن «كل ما نسمعه عن أن استهداف العراق بات وشيكاً، غير مقنع البتة لأن المخططين في البنتاغون سيقولون للسياسيين إن لدينا الآن ما يكفينا في أفغانستان».

واستبعد هيمان أن يكون الاميركيون حريصين حالياً على اعتقال أو قتل الملا عمر. وشدد على أن «آخر ما يسعى اليه المخطط العسكري هو التخلص من قائد القوات المعادية». واوضح ان «كثيراً من الجهد يُكرس عادة لرسم صورة واضحة لهذا القائد كي يصبح من الممكن التكهن بردود فعله. وإذا تم تغييبه فسيحل مكانه شخص مجهول تماماً يصعب التنبؤ بقرارته». وعن الوضع في مسرح العمليات الافغاني، قال هيمان إن الحالة متغيرة على الدوام بيد ان التحالف سيواصل السعي لبلوغ أهدافه النهائية رغم الحاجة لتعديل الأساليب والخطط التكتيكية لأن العدو أذكى مما يتوقع المرء عادة. وتوقع أن يزج الاميركيون بمزيد من القوات في مسرح العمليات، لأنهم سيعجزون عن التحكم باتجاه الاحداث ما لم يكن لهم وجود قوي على الارض. واعتبر أن «التحالف الشمالي بدأ يسيطر على مساحات واسعة، ولا بد من قيام الاميركيين بالتدخل» كي لا يبقى الميدان كله حكراً على مجموعة واحدة. وتكهن بأن الاميركيين لن يهاجموا قندهار، بل «سيحاصرونها ويتركونها تسقط من تلقاء نفسها لأن حرب الشوراع قاسية عادة وستكبد المهاجمين خسائر كبيرة، كما ستلحق إصابات كثيرة بالمدنيين». وإذ لم يستبعد الميجور هيمان انتقال عدد من مقاتلي القاعدة وطالبان الى الجبال لشن حرب عصابات ضد الاميركيين، قال إن عدد هؤلاء لن يزيد على ألف مقاتل. ولفت الى أن نجاحهم في هذه الحرب غير مؤكد على الاطلاق لأن «الغالبية العظمى لمقاتلي الفريقين آتية من خلفية مدينية أولاً، وهم سيفتقرون الى الحاجات اللوجستية التي يتعذر من دونها مواصلة حرب العصابات».