بدء فعاليات مؤتمر حوار الحضارات بالجامعة العربية

موسى يحذر الغرب من البحث عن عدو بعد انهيار الشيوعية * الأمير الحسن يدعو إلى مواجهة اقتران ظاهرة الإرهاب بالإسلام

TT

في أول مواجهة عربية رسمية للحملة الغربية التي استهدفت العرب والمسلمين منذ احداث 11 سبتمبر (ايلول)، طالب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى المفكرين العرب بتحديد الخطوات اللازمة للرد على هذه الحملة في اطار التمسك والحفاظ على الهوية العربية والاسلامية.

وقال موسى في كلمته امام مؤتمر حوار الحضارات «تواصل لا صراع» الذي بدأ فعالياته امس بالقاهرة ويستمر يومين وتنظمه جامعة الدول العربية، ان حدثين وقعا خلال السنوات والشهور الاخيرة واديا الى تفاقم الامور بشأن العلاقة بين الثقافات والحضارات وبصفة خاصة الحديث عن صراع الحضارات والنظرة الى الحضارة الاسلامية والثقافة العربية، مشيرا الى نجاح من تحدثوا عن هذا الصراع في اذكاء العداء للاسلام والمسلمين.

واضاف ان احداث سبتمبر جاءت واطلقت العنان لمواقف وممارسات طالت الحضارة والثقافة الاسلامية ومن يحملونها.

ويأتي هذا اللقاء العربي الذي يعد الاول من نوعه في تاريخ الجامعة العربية تأسيسا على اهمية الحوار مع الذات في خطوة يتبعها توسيع الحوار مع العالم الاسلامي ثم مناقشتها على المستوى الدولي في ضوء التطورات التي اعقبت احداث 11 سبتمبر، والحديث الذي اثير في دوائر ثقافية ورسمية حول تفوق الحضارات الغربية على غيرها من الحضارات والاتهامات التي استهدفت التقليل من شأن الثقافة العربية والحضارة الاسلامية.

ويجري المفكرون تقييما للوضع الراهن ويحددون خطة التحرك على المستويين الخارجي والداخلي وكذلك الدور المنوط بالاعلام العربي والمؤسسات التعليمية والثقافية المختلفة في العالم العربي لايضاح الصورة السليمة للعرب وثقافتهم ونقل الجوهر الحقيقي للدين الاسلامي والتواصل مع المؤسسات الثقافية والاعلامية في مختلف دول العالم.

وحذر موسى اصحاب نظرية صراع الحضارات من ان تكون قضيتهم الاساسية هي البحث عن عدو بعد انهيار الشيوعية، معتبرا ان ذلك في حالة حدوثة يطرح مدخلا اخر يتصل باستراتيجيات كونية مستقبلية، كما ان هذا الطرح يعد اكثر خطورة حين يتم تصور العدو وفق خطوط دينية أو ثقافية.

وتساءل موسى عما اذا كان العرب والمسلمون يقتربون من مرحلة تفرقة عنصرية أو دينية ضدهم، وقال: ان هذا السؤال يجب دراسته ومتابعته من قبل المفكرين العرب.

وأوضح ان جميع هذه التساؤلات كانت وراء الدعوة لعقد هذا المؤتمر ليكون فاتحة نشاط أوسع يضم العالم العربي في اطار الحفاظ على الحضارة والتمسك بالهوية والعمل على اصدار برنامج عمل يتوجه الى داخل المجتمعات العربية والعالمية وذلك في اطار تفعيل اقتراح حوارات الحضارات ورفض أي اقتراح للصراع في ما بينها.

واعلن موسى عن انشاء صندوق لتمويل الخطط والبرامج التي سيتم الاتفاق عليها للتعامل مع هذه الحملات، موضحا ان رئيس دولة الامارات العربية الشيخ زايد بن سلطان كان اول من تبرع لهذا الصندوق بمليون دولار اميركي .

وفي ختام كلمته دعا موسى جميع الاطراف المعنية بالدفاع عن هويتها للتبرع في هذا الصندوق لمواجهة حملات التشوية للاسلام.

ومن جانبه دعا رئيس منتدى الفكر العربي الامير الحسن بن طلال الى انشاء صندوق عالمي للزكاة يقوم على الاسس الواردة في القرآن الكريم والسنة وذلك لمحاربة آفة الفقر في العالم العربي باعتبارها عدوا للانسان وللامن والسلام، مشيرا الى ان العالم العربي لديه موارد طبيعية وبشرية هائلة ورغم ذلك فانه يعاني من ادنى معدلات النمو والنماء وارتفاع نسبة الامية بين النساء وكثرة عدد اللاجئين من المسلمين والذين يشكلون 70 %من لاجئي العالم.

وطالب المؤتمر بالعمل على تقديم الصورة الازهى عن العرب والمسلمين من خلال تبني مواقف جماعية في منابر العالم لبناء انظمته السياسية والاقتصادية والتجارية المعتمدة على التعددية.

وجدد ادانة الاسلام للارهاب، موضحا انه يدينه في كل صوره واشكاله، وعبر عن اسفه لان العالم لا يدرك ان الارهاب يقتل من المسلمين اكثر مما يقتل من غيرهم، لافتا الى ان سمعة العرب والمسلمين اليوم تتعرض لاشد الحملات ضراوة واصبح مجرد ذكر كلمة «ارهاب» لدى بعض الجهات مقترنا بعربي أو اسلامي.

وأكد ان ظاهرة الارهاب واقترانها بالاسلام تحتاج الى مواجهه بالعمل والحوار المثمر والفعال خاصة ان حضارتنا تدعو للسلم والتسامح.

ودعا الى ضرورة مساهمة العالم العربي في خطاب انساني جديد يلتزم به بعد الاحتفال بمرور خمسين عاما على الاعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث كانت للعرب مساحة كبيرة في هذا المجال.

وفي ختام كلمته حذر الحسن من خطورة سياسة الحكومة الاسرائيلية التي تفهم السلام على انه فرصة لابتلاع الاراضي العربية وتهويد القدس وبناء المستوطنات وفرض نفوذها على الشرق الاوسط، معتبرا ان كل هذه الامور ستحرم المنطقة من السلام الحقيقي الذي يحفظ للانسان كرامته وحقوقه.

وطالب وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة بضرورة وضع حد فاصل بين الهامش المشروع للانتقاد المتبادل بين الثقافتين الغربية والعربية وبين الحملات المقصودة لتشويه صورة العرب والتركيز على سلبيات المجتمع العربي فقط، معتبرا ان ذلك يعد مؤامرة.

واوضح ان الحضارات لا تتصارع ولكن الصراع يكون بين الافراد والجماعات، مؤكدا اننا نفضل الحوار على الصراع ولفت الى ان الحوارت له ثلاثة شروط هي الاعتراف بالآخر والاعتراف بشرعية اختلافه معنا والقبول بتأثيره وبتأثره بنا وليس فقط التأثير فيه والضغط عليه.

واعتبر ان هناك حملة عداء حقيقية ضد العرب والمسلمين بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي، مؤكدا ان لهذه الحملة اهدافها السياسية الواضحة لتشويه صورة العرب في الخارج.

وذكر انه من الالفية الجديدة هناك تداخل للعامل الثقافي مع الصراعات القائمة، مشيرا الى ان الصراعات التي حدثت خلال الفترة الاخيرة بعد الحرب الباردة كان العامل الثقافي الابرز منها.

ويناقش المؤتمر على مدى يومين اوراق عمل (40 ورقة) مقدمة من المفكرين والمثقفين العرب تتناول كيفية مواجهة الحملة التشويهية التي تشهدها الثقافة العربية والحضارة الاسلامية والدور المنوط بالمفكرين العرب وسبل التنسيق في هذا الشأن بين جامعة الدول العربية والمنظمات الاسلامية والاقليمية والدولية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الابحاث.

ويهدف المؤتمر الى بلورة برنامج عمل وخطط عمل تنفيذية لمواجهة هذه الحملة التشويهية التي تتعرض لها الثقافة العربية والحضارة الاسلامية ووضع آلية عمل لتنفيذ هذا البرنامج في ضوء التوجه الغربي الداعي الى سيادة منطق الحوار وليس منهج الصراع.