اتفاق بون يواجه المتاعب بسبب اعتراضات عدد من قادة الفصائل الأفغانية على حصصهم في الحكومة

TT

بدأ اتفاق تقاسم السلطة الافغاني المميز يواجه المتاعب بعد يوم واحد فقط من توقيعه في المانيا، حيث تخلى زعماء سياسيون بارزون عن الحكومة المؤقتة الجديدة، واختاروا مقاطعتها او السعي الى اعادة فتح مفاوضات معها.

وفي الوقت الذي ما تزال فيه نسخ من الوثيقة ذات الصفحات العشر تنتقل عبر اجهزة الفاكس، فان عددا من الشخصيات البارزة، بينهم الجنرال الشمالي عبد الرشيد دوستم ووزير المالية الفعلي الحالي وحيد الله سابوون، راحوا يعربون عن تذمرهم من ان الميثاق الذي توسطت الامم المتحدة في صياغته والتوقيع عليه لم يشمل كل الاطراف في المجتمع الافغاني. وحذورا من انه بدون دعم واسع يمكن ان يكون الفشل مصير الاتفاق. واكدت التحذيرات والاتهامات السريعة التحديات المرتبطة باقامة حكومة جديدة في افغانستان، لتحل محل الحكومة التي كانت تهيمن عليها قوات طالبان. وكانت محاولات تشكيل حكومات افغانية عبر التسويات في السنوات الاخيرة قد انتهت الى عواقب دموية. فالكثير من اراضي افغانستان عادت الى تلك الايام حينما كان زعماء القبائل يحكمون مناطقهم بغض النظر عن الزعامة في كابل.

وجاءت المعارضة الاكثر جدية من بعض الجهات ذاتها التي كانت مسؤولة عن حرب الاشقاء الاهلية التي أودت بحياة عشرات الآلاف في سنوات التسعينات: الجنرال عبد الرشيد دوستم، والحزب الاسلامي، وهو الحزب السياسي الذي قاده سابقا قلب الدين حكمتيار. وكان دوستم وحكمتيار من اشهر القادة العسكريين الاكثر وحشية في الحرب الاهلية، وكان كل واحد منهما يغير تحالفاته بسرعة لتعزيز طموحاته الخاصة.

وقال دوستم من مزار الشريف، المدينة الواقعة شمال البلاد والتي تعتبر قاعدة له يوم الخميس الماضي: «نشعر بحزن شديد، ونعلن مقاطعتنا لهذه الحكومة، ولن نذهب الى كابل حتى اقامة حكومة حقيقية».

وقال وحيد الله ساباوون، وزير مالية تحالف الشمال، وهو تحالف متعدد الاعراق الذي يدير كابل الآن، انه وحزبه (الحزب الاسلامي) سيحاولان اعادة صياغة الاتفاق، ما ان يعود المفاوضون الى العاصمة الافغانية. وسيفقد ساباوون منصبه عندما تتسلم الحكومة المؤقتة مقاليد السلطة.

وأشار في مقابلة اجريت معه في مقر عمله بوزارة المالية الى ان «ذلك الاجتماع (في المانيا) لم يكن الحل النهائي»، مضيفا، «اننا سنناقشه مع الوفد هنا في كابل.. انا لا اقول انني يجب ان اكون الوزير، ولكن واحدا من ممثلي الحزب الاسلامي يجب ان يكون وزير ا في الحكومة الجديدة.. الامر غير عادل».

ووفقا لاتفاق بون سيقوم تحالف الشمال بنقل السلطة يوم الثاني والعشرين من ديسمبر (كانون الاول) الحالي الى الحكومة المؤقتة التي تضم 30 عضوا، والتي يقودها الزعيم البشتوني القبلي حميد كرزاي لفترة تتراوح بين اربعة الى ستة اشهر. وبعد ذلك ستجري دعوة «اللويا جيرغا»، اي المجلس الوطني، لتشكيل حكومة انتقالية تمهد الطريق امام دستور جديد وانتخابات ديمقراطية خلال سنتين.

ولتحقيق قبول الوفود الاربعة الممثلة في المانيا (تحالف الشمال، وحزب الملك السابق محمد ظاهر شاه، والجماعتين المنفيتين اللتين تدعمهما ايران وباكستان) قسم المفاوضون مناصب الحكومة المؤقتة على أسس عرقية وسياسية.

وعلى الرغم من ان الزعيم السياسي لتحالف الشمال، الرئيس السابق برهان الدين رباني، ارغم على التنحي، فان التحالف احتفظ بوزارات رئيسية هي الدفاع والداخلية والخارجية.

وسيتولى هذه الوزارات الثلاث اشخاص من التاجيك، وهو مما يثير الذعر في اوساط الجماعات الاخرى.

وقال دوستم انه كان يطالب بمنصب وزارة الخارجية، غير ان جماعته الاوزبكية حصلت على وزارات الزراعة والمعادن والصناعة. وكان عبد رب الرسول سياف، الزعيم البشتوني للاتحاد الاسلامي يريد وزارة الداخلية، التي تدير الامن الداخلي، وفقا لما ذكره احد حلفائه.

وبينما كان لدوستم ممثل في المانيا، وكرر انه يدعم عملية السلام التي ترعاها الامم المتحدة، فانه قال ان مقاطعته الحكومة المؤقتة الجديدة تعني حرمانها من الدخول الى الشمال والوصول الى احتياطياته من النفط والغاز. وقال دوستم ايضا ان كريم خليلي، زعيم جماعة الهزاره (شيعية)، والحاكم الحالي لمنطقة باميان الواقعة وسط افغانستان، يشعر بالاستياء ايضا. وهذا هو الموقف نفسه الذي يشعر به قاضي امين واكاد، زعيم الحزب الاسلامي، وفقا لسياف، حيث ان قاضي امين قلق من اتفاقية بون لان الملك السابق سيفتتح، رسميا، «اللويا جيرغا». وقال واكاد في مقابلة اجريت معه في بيت سياف بكابل في غياب صاحب البيت إنه «في البداية كان سياف سعيدا بالحكومة الجديدة، لكنه لم يكن يريد مشاركة الملك في الحكومة، وعندما رأى ان الملك سيشارك في اللويا جيرغا، شعر بالاحباط وطلب من وفده عدم التوقيع».

واضاف انه حاول تهدئة سياف، وقال «طلبت من سياف ان يقف الى جانب الحكومة المؤقتة ويدعمها، وأبلغته انه اذا لم يؤيد هذه الحكومة المؤقتة، فان عليه ان يتخذ جانب الهدوء».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»