الملا عمر يهرب مع مقاتليه إلى مخابئ جبلية شمال شرقي قندهار وكرزاي يتهمه بخرق اتفاق الاستسلام

القوات الأفغانية تلاحق بن لان وأتباعه في ميلاو * الطائرات الأميركية تطارد فلول طالبان و«المارينز» يشنون أول هجوم بري لهم

TT

انتهى حكم طالبان في آخر معاقلها بافغانستان مع بدء بعض مقاتلي الحركة في قندهار، عاصمة زعيمها الملا محمد عمر، تسليم اسلحتهم امس بموجب اتفاق مع رئيس الادارة الانتقالية المعين الزعيم البشتوني حميد كرزاي. الا ان كرزاي قال امس ان الحركة تراجعت عن الاتفاق وهرب الكثيرون من مقاتليها باسلحتهم مع الملا عمر الى مخابئ جبلية في شمال شرق قندهار. في الوقت نفسه قصفت الطائرات الاميركية اهدافا حول المدينة بما فيها فلول طالبان. من ناحية ثانية، اشتدت حملة ملاحقة اسامة بن لادن واتباعه في شرق افغانستان بعد سقوط قاعدتهم الرئيسية في تورا بورا.

وافادت التقارير الواردة من قندهار بأن سكان المدينة خرجوا الى شوارعها مبتهجين امس مع انسحاب قوات طالبان ومزقوا اعلام الحركة. وفيما ورد ان بعض مقاتلي طالبان بدأوا صباح امس بتسليم اسلحتهم الى «مجلس شورى» مؤلف من زعماء قبائل بشتون تولى السلطة في المدينة، قال حميد كرزاي، الزعيم البشتوني الذي عينه مؤتمر بون الافغاني رئيسا للادارة الانتقالية، ان الحركة تراجعت عن الاتفاق الذي تفاوض هو مع قيادتها بشأن الاستسلام. واضاف ان مقاتلي الحركة انسحبوا من المدينة مع اسلحتهم وان الملا عمر اختفى. واشار هو ومسؤول استخبارات باكستاني الى ان الملا عمر واتباعه اتجهوا الى مخابئ جبلية في ولاية زابول الواقعة شمال شرقي قندهار. وفي واشنطن أكدت فكتوريا كلارك، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان الطائرات الاميركية قصفت امس اهدافا حول قندهار. وبسؤالها عما اذا كان القصف استهدف قوات طالبان المنسحبة من المدينة، قالت «عندما نرى هدفا وفرصة موآتية فاننا نضربه». واضافت ان قوات «المارينز» هاجمت قافلة من قوات طالبان لكنها لم تستطع بيان ما اذا كانت تلك القوة خارجة من قندهار ام داخلة اليها كتعزيزات. وكانت وكالة الانباء الاسلامية الافغانية التي تتخذ من باكستان مقرا لها قد نقلت عن الحاج بشير احمد عضو (مجلس الشورى) الذي تولى السيطرة على قندهار بعد انسحاب طالبان منها قوله ان الحركة «ألقت سلاحها بالكامل في قندهار» دون اي مقاومة. وقال «كل شيء جرى بشكل سلمي وساد السلام والهدوء مدينة قندهار». من جهته، اكد كرزاي ان انصاره بدأوا دخول قندهار. وقال «بعض انصاري دخلوا المدينة والبعض الآخر بصدد ذلك». واضاف «لقد ارسلنا قائدين رئيسيين اثنين من قندهار لتجنب تشتت الاسلحة». من ناحية اخرى، وفي تراجع واضح عن تصريحات ادلى بها اول من امس ولمح فيها الى احتمال العفو عنه، قال كرزاي ان زعيم طالبان قد يقدم للمحاكمة. وقال لشبكة «سي إن إن» الاميركية «خلال الشهر الماضي، طلبت منه نبذ الارهاب وادانة اعمال العنف المرتبطة بالارهاب في افغانستان والولايات المتحدة وبقية انحاء العالم». واضاف «لم يقم بذلك، الليلة (قبل) الماضية. كانت آخر فرصة له لنبذ الارهاب قبل تسليم السلطة. لم يفعل ويجب ان يتحمل مسؤولية علاقاته بالارهاب». وقال ان هذا «سيعني بالتأكيد انه يشكل جزءا من الحركة الارهابية ويجب بالتالي محاكمته». وتابع ان «الارهابيين الاجانب الموجودين في افغانستان واعضاء شبكة القاعدة خصوصا هم مجرمون (...) وفي حال العثور عليهم سيتم توقيفهم واعتقالهم». وكان سفير حركة طالبان السابق في اسلام اباد عبد السلام ضعيف قد قال اول من امس انه «من غير الوارد» ان يحال الملا عمر الى المحاكمة. واضاف «لم يقم بأي شيء ضد الشعب الافغاني». وقال ضعيف ان عدم اعتقال الملا عمر والمسؤولين الآخرين في حركة طالبان هو ضمن ترتيبات اتفاق تسليم قندهار. وكان وزير الخارجية كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد الاميركيان قد أكدا ان الولايات المتحدة لن تسمح بأن يعقد الزعيم الاعلى لحركة طالبان الملا محمد عمر اتفاقا مع اي كان للتهرب من العدالة. من ناحية ثانية، اعلن مسؤول في طالبان في اسلام آباد امس ان قوات الحركة استسلمت في ولايتي هلمند وزابول في جنوب افغانستان ايضا في حين قال مسؤول حدودي باكستاني ان قوات الحركة كانت تسيطر حتى امس على بلدة سبين بولداك الحدودية لكنها كانت تتفاوض على الاستسلام. وكشف مسؤول آخر في طالبان طلب عدم ذكر اسمه عن ان الغارات الجوية الاميركية اسفرت عن سقوط 10 آلاف قتيل غالبيتهم من مقاتلي الحركة في قندهار خلال الشهرين الاخيرين. واضاف هذا المسؤول «حاولنا سبع مرات اعادة بناء دفاعاتنا في الشمال والجنوب وفي كل مرة كانت تقصف من جديد. وقتلت قوافل كثيرة من مقاتلي طالبان ولم نتمكن حتى من العثور على جثثهم». الى ذلك، اكد كيث ان القصف الاميركي على قندهار سيتواصل «حتى بلوغ اهداف الائتلاف» التي حددها بسقوط طالبان الكامل والقبض على الملا محمد عمر واعتقال بن لادن وتدمير شبكة القاعدة. وقال «لسنا متأكدين من ان السلطة انتقلت في قندهار. ولا نعرف ما اذا كانت العملية قد انتهت». وكان كيث يرد على نداء من الحاج بشير احمد الذي قال «نطلب من الولايات المتحدة الان بعد تخلي طالبان عن السيطرة على المدينة، ان يوقفوا قصف المنطقة».

وبعد انهيار آخر معاقل طالبان تتجه الانظار الى شرق البلاد حيث يعتقد ان اسامة بن لادن ومقاتليه من «القاعدة» يتحصنون. وقال متحدث عسكري باسم التحالف الشمالي امس ان قوات المعارضة في المنطقة استولت على القاعدة الرئيسية لابن لادن في جبال تورا بورا لكنها لم تعثر عليه. وقال محمد هابيل ان قوات التحالف واجهت مقاومة عنيفة. ومضى قائلا «قواتنا بقيادة القائد العسكري حضرة علي افادت بانها استولت على كل منطقة تورا بورا تقريبا وكهوفها الرئيسية. ونحن نقوم بعملية تمشيط لتطهير الاجزاء الباقية من تورا بورا». وقال هابيل انه تم أسر افراد اسر عربية بينهم نساء والاستيلاء على اسلحة ومركبات لكن لا يوجد اي اثر لابن لادن زعيم تنظيم القاعدة. واضاف قائلا «اسامة لم يكن في تورا بورا في الايام الماضية من القتال واذا كان موجودا فانه على الارجح تسلل الى باكستان». من جهته، قال القائد حاج محمد زمان الموجود على خط الجبهة في جبل ميلاوا في تورا بورا ان «اسامة بن لادن موجود في هذه المنطقة» التي واصلت الطائرات الاميركية قصفها. واعلن ناطق باسم القائد الميداني الآخر حاجي محمد زمان ان المعارك البرية تتواصل وان قواته «تتقدم بانتظام». وورد ان مقاتلي «القاعدة» كانوا يقاومون بشدة امس القوات الافغانية وانها فقدت امس من المواقع اكثر مما فقدته اول من امس لكنها لا تزال تصد هجمات تشن عليها.

في تطور آخر، شن عناصر من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) اول هجوم بري لهم منذ اقامة قاعدتهم في جنوب افغانستان. وقال المتحدث باسم «المارينز» الكابتن ديفيد روملي للصحافيين «مساء امس (الخميس) قمنا بهجوم ناجح على قوات للعدو على طريق قريب من قندهار مما ادى الى مقتل سبعة مقاتلين وتدمير ثلاث آليات». واوضح ان القتلى عناصر من حركة طالبان او من تنظيم القاعدة. من ناحية ثانية، قال متحدث عسكري ان طائرة هليكوبتر تابعة لـ«المارينز» سقطت اول من امس متحطمة واشتعلت فيها النيران قرب القاعدة الاميركية مما اسفر عن جرح احد افراد طاقمها وجندي اخر على الارض. واضاف الكابتن ستيوارت اوبتون ان محققين بدأوا تحقيقا في سبب سقوط الطائرة لكنهم اعربوا عن اعتقادهم بأنه «ليس للحادث علاقة بعمليات من جانب قوات العدو لجس نبض الخطوط الاميركية فيما يبدو».