دماء جرحى القصف الإسرائيلي في غزة اختلطت بطعام السحور

TT

غزة ـ أ.ف.ب: اختلطت دماء الفلسطينيين الذين اصيبوا في القصف الاسرائيلي في الساعة الرابعة فجر امس بطعام السحور الذي كانت عائلة ابو ثريا على وشك ان تتناوله قبل ان تعاجلها شظايا الصواريخ الاسرائيلية التي دكت مقر الشرطة الفلسطينية المجاور لمنزلها في مدينة غزة ودمرت اثنين من مبانيه بالكامل.

وقال الطفل عبد الله ابو ثريا (10 سنوات) وهو يرتجف من الخوف «كانت امي تعد مائدة السحور لما سمعت صوت انفجار كبير قبل ان يصرخ والدي واخوتي الاثنان طلبا للنجدة». والجرحى الثلاثة من هذه العائلة من بين عشرين فلسطينيا اصيبوا في الغارة الاسرائيلية الجديدة. واضاف «رأيت ابي والدماء تسيل من وجهه ويديه فصرنا نبكي في البيت. ورغم اصابته صاح ابي يسألنا انتم بخير، وردت امي بصوت متقطع واوقعت ما في يدها واسرعت الى اخوي تتفقد اصابتهما والدم ينزف منهما على الفراش». وقال الطفل «وصل الجيران على الفور وحملوا ابي واخوي ورجلا آخر، وكانوا جميعا يصرخون من الألم، واصواتهم تطمئننا بأنهم احياء». والتفت الطفل ببراءة الى امه المتوترة يسألها بصوت حزين «ماما متى سيرجع ابي واخواي».

وللمرة الثالثة خلال خمسة ايام، عاشت غزة تجربة جديدة مريرة مع الرعب، حيث قامت طائرات اسرائيلية من طراز «اف ـ 16» بقصف المقر الرئيسي لقيادة الشرطة الفلسطينية في مدينة غزة، بصاروخين زنة الواحد منهما 1000 رطل (400 كيلوغرام)، كما اكدت مصادر الشرطة الفلسطينية. ودمر القصف مبنيين بالكامل يتكون كل منهما من اربعة طوابق على مساحة 500 متر مربع وهما مقر حفظ النظام والتدخل ومبنى الادارة الذي يضم مكتب اللواء غازي الجبالي قائد الشرطة الفلسطينية الذي لم يكن في مكتبه وقتئذ. ولم يوفر القصف مستشفى الشرطة الوحيدة ومبنى الشرطة النسائية الفلسطينية ومركز التدريب الخاص بمنتسبي الشرطة الجدد والتي لحق بها دمار كبير.

ونظر الطبيب عبد الكريم العدسي مدير مستشفى الشرطة الى المبنى في حسرة وقال «ان المستشفى يخدم 8000 من افراد الشرطة وعائلاتهم ويستفيد منه مواطنون في الجوار». وتابع العدسي الذي فجع من هول الضربة الاسرائيلية «انهم يغتالون حتى المهمة الانسانية. ما ذنب المستشفى حتى يدمروا اجهزته الطبية ومبانيه؟ لكن جرائم الحرب لا ترحم».

وقد حالف الحظ المقدم احمد سويدان، مدير امن الشرطة الفلسطينية الذي غادر مقر حفظ النظام والتدخل قبل خمس دقائق فقط من سقوط الصاروخ الاول على المقر الذي غدا ركاما.

وقال سويدان الذي كان يرتدي سترة عسكرية ويلف حول رقبته كوفية سوداء «الاعمار بيد الله الذي حمانا انا وزملائي الستة من موت محقق». وروى «كنت مع ستة من عناصر امن الشرطة نستعد لتناول السحور حينما سمعنا هدير طائرة اسرائيلية استكشافية تحلق في الاجواء. فغادرنا على الفور ثم جاءت طائرتان قتاليتان من نوع «اف ـ 16» واطلقت احداهما صاروخا دمر المقر الذي غادرناه للتو». ولم يكن سويدان كالكثيرين من زملائه يتوقع هذه الغارة «خاصة مع وجود الموفد الاميركي (انتوني زيني) وزيارة وزير خارجية مصر احمد ماهر» الى اسرائيل، لكنه استدرك قائلا «لكننا بالطبع حذرين باستمرار من اساليب الاحتلال».

لكن عماد طروية مدير عام وزارة الصحة الذي وصل فجرا الى مستشفى الشفاء التي عولج فيها جميع جرحى القصف الـ20 قال ان «الغارة الاسرائيلية العدوانية لم تفاجئنا ونحن مستعدون تماما لمثل هذا الطارئ»، واضاف انها «جريمة جديدة ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي». وفي قسم الاستقبال في المستشفى، ورغم نقص الادوية، انشغل عدد من الاطباء واكثر من 10 ممرضين في معالجة الجرحى الذين بدت عليهم حالة الهلع والخوف الشديدين، وانتابت القسم حالة من الفوضى لمدة قصيرة. وكان غالبية الجرحى من المدنيين الذين اصيبت منازلهم باضرار بسبب شظايا الصواريخ الاسرائيلية التي تطايرت لمسافة اكثر من كيلومتر من محيط مقر الشرطة المستهدف. وناشد طروية «دول العالم خاصة العربية والاسلامية لتقديم مساعدات عاجلة من الادوية والمعدات الطبية».