عناصر «الجنوبي» يستكملون بنهاية العام الحالي العودة إلى لبنان هربا من ذل الإقامة في إسرائيل

TT

تسارعت وتيرة عودة عناصر ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» الفارين الى اسرائيل بشكل لافت اخيراً وسط تأكيدات بأن معظم هؤلاء سيعودون الى لبنان قبل نهاية العام، اي في اقل من شهر، مما يضع نهاية لقضية شائكة تعامل معها المسؤولون اللبنانيون والقضاء و«حزب الله» بحذر بالغ، لتأثيراتها على الداخل اللبناني في ظل بروز منطقين، اولهما للبطريركية المارونية والقوى المسيحية يقول ان هؤلاء أُجبروا على التعامل مع اسرائيل بعد غياب الدولة. ومنطق آخر يقول ان هؤلاء عملاء تجب معاقبتهم ليكونوا درساً لسواهم.

وقد ادى تصادم هذين المنطقين الى بروز اشكالات مع صدور احكام مخففة في حق بعض العناصر واقدام مجهولين على تفجير سياراتهم ومنازلهم وتوزيع بيانات تهددهم بالموت. لكن الاتصالات التي اجريت بين المسؤولين و«القوى الفاعلة» ادت الى تراجع في التشنج خصوصاً مع ارفاق المحاكم احكامها المخففة بقرارات ابعاد المحكوم عليهم عن قراهم تجنباً لصدام مع الاهالي الذين عايشوا حكم هؤلاء للمنطقة المحتلة وتجاوزاتهم.

ورغم ان العائدين حديثاً الى لبنان يجمعون على ان عودتهم هذه اتت بعد «مرارة التجربة» مفضلين «السجن في الوطن على الذل في اسرائيل»، الا ان جانباً اخر لعب دوره في تسريع عودتهم ، فقد نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن عناصر من «الجنوبي» في اسرائيل ان السلطات الاسرائيلية ابلغتهم ان من يرغب في الحصول على تعويضات يجب عليه ان يغادر اسرائيل قبل نهاية ديسمبر (كانون الاول) الحالي. وفيما نقلت الصحيفة عن عناصر الميليشيا ان ذلك يعني «خذوا مالاً واتركونا»، اوضحت ان كل عائلة تعود الى لبنان تحصل على مبلغ 35 الف دولار، اضافة الى الفي دولار علاوة لكل طفل، فيما يحصل العازب على مبلغ 15 الف دولار. وتوقعت الصحيفة ان يبقى في اسرائىل 1200 من عناصر الميليشيا وعائلاتهم او اقل.

وكان نحو 5800 من عناصر ميليشيا لحد وافراد عائلاتهم فروا الى اسرائيل في اعقاب الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب. وقد عاد نحو 2500 منهم قبل القرار الاخير، فيما سافرت نحو 40 عائلة الى المانيا وهي الدولة الوحيدة التي وافقت على استيعابهم، لكن التجربة لم تكن ناجحة وعادت معظم هذه العائلات.

وفيما رحبت البطريركية المارونية، التي تفضل اطلاق تسمية «مهجري الجنوب» على هؤلاء، بتجاوب السلطة والقوى الفاعلة على الارض مع عودتهم واعتبرته «مؤشر خير ينقذهم مما يتخبطون به ويقيهم شر تكليفهم اموراً لا يريدونها ويحول دونهم ودون فرض جنسية عليهم لا يرغبون فيها». نفت مصادر لبنانية وجود ضغوط دولية على لبنان لطي هذا الملف. واكدت ان الدولة اللبنانية تتعاطى مع «عودة الفارين» بنفس الطريقة التي تعاطت معها منذ اللحظة الاولى والتي تقضي بإحالة المتورطين من العائدين الى القضاء ومحاسبتهم ومن ليس له «ملف امني ـ قضائي» يترك حراً للذهاب الى بلدته. وتشدد المصادر على «عدم اعطاء الموضوع ابعاداً تتخطى الاطار الحقيقي والموضوعي للامور». وعزت الاسباب التي تدفع الى عودة اعداد كبيرة الى ان «هؤلاء ربما أيقنوا جيداً ان اسرائيل لا تعمل في النهاية الاّ مصلحتها».

اما الناطق الرسمي باسم القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» تيمور غوكسيل فقد اكد لـ«الشرق الاوسط» ان اليونفيل «ليس لها دور في عملية عودة اللاجئين». وقال: «نحن نساعد ومنذ اليوم الاول على تأمين وسيلة نقل للعائدين وننقلهم من الحدود الى مكتب الامن العام اللبناني في الناقورة، ولا نقوم بأي اتصالات سياسية».