استقالة مرتقبة لمختار نوح من «الإخوان» المصريين تفجر أزمة «الوسط الثانية» داخل الجماعة

TT

بعد مرور عدة سنوات على ازمة الانشقاق التي نفذها مؤسسو حزب الوسط داخل جماعة الاخوان المسلمين المحظورة بمصر منذ 1996 والتي احدثت ازمة متفاعلة داخل الجماعة مازالت تعاني بعض آثارها حتى الآن، كشفت مصادر داخل جماعة الاخوان المسلمين لـ «الشرق الأوسط» عن وجود ازمة مشابهة تسعى الجماعة لمحاصرتها في ما يمكن تسميته بأزمة «الوسط الثانية».

وفيما كان المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسس حزب الوسط وقائد مجموعة الانشقاق الجديد، سيكون المحامي البارز مختار نوح احد ابرز قيادات الجماعة والذي يقضي حاليا عقوبة الحبس لمدة ثلاثة سنوات في آخر قضايا الاخوان العسكرية التي صدرت احكامها العام الماضي، وان نوح يخطط لتقديم استقالته من الجماعة بعد شهرين من خروجه من محبسه في شهر اكتوبر (تشرين الاول) المقبل.

ويأتي موقف نوح في هذا الصدد لعدة اعتبارات اهمها انه يأتي كرد فعل عملي عن استيائه من موقف الجماعة المتراض حسبما يرى من دعمه والوقوف معه في ازمة سجنه في ظل موقف محامي الاخوان اعضاء نقابة المحامين المعارضين له حينما كان يشغل منصب امين صندوق النقابة وما بذلوه من محاولات لتشويه صورته داخل الجماعة وخارجها في وقت امتنعوا فيه عن دعمه لدرجة ان الكثير منهم لم يحضر آخر جلسات المحكمة العسكرية في قضيته فضلا عن امتناعهم عن زيارته تماما بمحبسه.

ويزيد من ازمة موقف نوح مع اخوانه المعارضين ما اعتبره نوح محاولة من قبلهم لتشويه صورته امام الجميع باشاعتهم انه قام برشوة بعض الخبراء المنتدبين قبل النيابة لاعداد تقارير في صالحه وقت مناقشة ميزانية النقابة حين وقوعها تحت الحراسة باعتبار ان نوح كان المسؤول المالي الاول عن موارد النقابة.

اما اكثر الامور التي زادت الازمة بين نوح وجماعة الاخوان المتمثلة في مكتب ارشادها الذي يضم اعلى المناصب القيادية داخل الجماعة، فيأتي بامتناع مكتب الارشاد عن دعم اسرته بمبلغ 1000 جنيه منذ ثلاثة اشهر في وقت كان مكتب الارشاد يكفل هذا المبلغ لاسرته وكل زملائه المحبوسين منذ حبسهم، وان منع الدعم المالي خص نوح فقط ولم يمتد لغيره وهو ما اعتبره موقفا شخصيا منه في وقت لم يوفر له اعضاء الجماعة من منطقته ومهنته مبالغ اخرى مساوية حسبما هو دارج داخل الجماعة مع كل من يتم القبض عليه، وهو ذات الامر الذي دفع اسرته لحالة مالية متعثرة لدرجة انها قامت ببيع سيارته وعرضت مكتبه للبيع ايضا.

وكانت ازمة داخلية تفاعلت بين فصيلين من الجماعة قبيل انتخابات المحامين، فصيل داعم لنوح وآخر معارض له يقوده جمال تاج، ومحمد غريب، ومحمد طوسون، ومصطفى زهران. وبعد سجن نوح تحول الامر تماما لدفة معارضيه الذين نفذوا مبدأ الولاية لاسير، في وقت رجحت مصادر «الشرق الأوسط» ان سبب الازمة بين نوح والاخوان ان الاول كان سبب تورطهم في التحالف مع مرشح الحكومة لمنصب نقيب المحامين رجائي عطية الذي لم يتمكن من الفوز وتسبب في طرح الاخوان امام الرأي العام بتغيير مواقفهم وابرام تحالف فاشل مع الحكومة.

فيما اكدت المصادر ان نوح لن يعتزل العمل العام ولكنه سيعتزل العمل مع الاخوان ولم تستبعد المصادر في حالة استقالته من الاخوان ان يقوم بتأسيس حزب سياسي جديد على غرار تجربة الوسط في وقت استبعدت المصادر انضمامه الى مجموعة الوسط بسبب خلافات سابقة بين الجانبين خلال السنوات الماضية، وعلمت «الشرق الأوسط» ان نوح يحمل افكارا كثيرة بينها تأسيس جمعية أو منتدى ولجنة داخل نقابة المحامين يعمل من خلالها في ظل ترسخ اعتقاد لديه بأن انضمامه للاخوان والتزامه بالعمل التنظيمي حد من مواهبه وافكاره التي يسعى لبلورتها لخدمة العمل الاسلامي العام بعيدا عن أي تنظيمات على غرار حالات مشابهة مثل ما فعله الشيخ يوسف القرضاوي في مرحلة سابقة.

ومختار نوح انضم لجماعة الاخوان في 1981 على يد مرشد الجماعة الاسبق عمر التلمساني حينما وضعتهم «الاقدار في زنزانة واحدة» في اعتقالات سبتمبر ودعاه التلمساني للانضمام للاخوان رغم انه كان منظما لتنظيم الجهاد منذ اشهر قليلة، وكان لعلاقته بالتلمساني الفضل الاكبر في تصعيده داخل الجماعة على نحو متسارع مما ازعج اخوان اخرين كانوا يرون في انفسهم اولى بهذا التصعيد، في وقت كان نوح طلب فيه من الجماعة قبيل سجنه بأشهر معدودة اعتزال العمل العام والسفر الى احد المراكز الاسلامية التابعة للجماعة في اوروبا للعمل بها.