3 مجموعات مسلحة تسيطر على قندهار.. ومعارك عنيفة في جبل ميلاوا تسفر عن مقتل 28 من «القاعدة»

القوات الأميركية تركز جهودها على ملاحقة بن لادن وقيادات تنظيمه.. واتهام زعيم قبلي موال لطالبان بالتخطيط لاغتيالات

TT

شهد جبل ميلاوا القريب من تورا بورا امس معارك عنيفة بين اتباع أسامة بن لادن وقوات أفغانية محلية تسعى لاخراج مقاتلي تنظيم «القاعدة» من هذه المنطقة الواقعة شرق أفغانستان، في حين تسود الفوضى مدينة قندهار الجنوبية التي صارت تتقاسم السيطرة عليها ثلاث مجموعات عسكرية على الاقل. وأفادت المصادر المحلية ان الطيران الاميركي شن الليلة قبل الماضية غارات منتظمة على المنطقة، وان القصف المتبادل بقذائف الهاون بين الجانبين كان شديداً صباح أمس. ومن على تلة قبالة جبل تورا بورا في سلسلة الجبال البيضاء (سبين غار)، قال امس القائد حضرة علي الذي يشارك بقواته في محاصرة مقاتلي «القاعدة» ان «أسامة بن لادن موجود على الارجح هناك» في ميلاوا. واضاف «قبل ثلاثة ايام اسرنا شخصا قال لنا ان أسامة يقيم هناك وانه انتقل الى قمة الجبل. نأمل ان نقبض عليه قريبا». وأكد الزعيم العسكري لولاية ننغهار القائد حاج محمد زمان امس «ان أسامة بن لادن موجود في المنطقة». يذكر ان قوات حضرة علي تشن منذ الاربعاء الماضي هجوماً عسكرياً لا يزال متواصلاً على تنظيم «القاعدة»، وذلك بالاشتراك مع قوات القائد زمان وقوات حاج ظاهر نجل حاكم المنطقة الحاج عبد القادر. واحرزت القوات الافغانية المحلية تقدما ميدانيا في الايام الاخيرة في المنطقة، لكن مقاتلي «القاعدة» واجهوا القوات الافغانية بمقاومة شديدة. وقال حضرة علي امس ان العمليات التي تترافق مع قصف عنيف للطيران الاميركي ستتكثف اكثر. واضاف «مجاهدونا يرغبون في القتال. نظن اننا سنأمر اليوم (امس) او غدا (اليوم) بشن هجوم كثيف على المتطرفين. وسيستسلم عندها المتطرفون». وقال ان قتيلين او ثلاثة قتلى سقطوا في صفوف قواته في اليومين الاخيرين في حين قتل 28 شخصا من تنظيم «القاعدة». واكد حضرة علي ان قواته تملك ما يكفي من الاسلحة والذخائر، موضحا «لدينا كل الذخائر التي ضبطناها من حركة طالبان. لدينا ما يكفي من الاسلحة لمحاربة الارهابيين». أما في جنوب البلاد، فقد أفادت التقارير ان مدينة قندهار التي سلمتها حركة طالبان اول من امس دخلت في حالة من الفوضى وخوف السكان من الميليشيات المسلحة، كما تضاربت الانباء بشأن مكان زعيم الحركة الملا عمر. ففي حين ذكرت صحيفة «تايمز» البريطانية امس نقلا عن متحدث باسم فصيل مناهض لطالبان انه تم القبض على زعيم طالبان وانه محتجز في مكان آمن قرب قندهار، لدى الملا نجيب الله، احد قادة الجهاد في السابق، فان مسؤولا في الحركة الحاكمة سابقاً اكد في وقت لاحق امس انه «لم يعد موجودا في قندهار، وان القادة المتنازعين يتبعون الأميركيين فحسب ويرمون الخطأ على بعضهم البعض عبر التأكيد ان الملا عمر تحت سيطرتهم». كما نفت المصادر الاميركية الرسمية امس علمها بصحة انباء استسلام الملا عمر لاحد قادة الجهاد السابقين. وقال رالف ميلس الناطق باسم مركز القيادة العسكرية الاميركية ان القيادة العسكرية اطلعت على التقارير التي تحدثت عن القبض على بن لادن، لكنها لا تستطيع تأكيد صحتها. ونفت وزارة الخارجية الاميركية هي الاخرى امس علمها بالقبض على الملا عمر. وفي المقابل، نقلت تقارير اميركية عن مصادر استخباراتية قولها امس ان الملا عمر غادر مدينة قندهار مع واحد او اثنين من حراسه. واضافت التقارير ان الملا عمر يبحث في القرى المحيطة بقندهار عن زعماء سابقين في الجهاد قد يقبلون بتأمين حمايته في الجبال الواقعة شمال شرق البلاد. ومن جانبه، قال رئيس الحكومة الافغانية المؤقتة حميد كرزاي لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية امس ان الملا عمر «بات فارا من وجه العدالة ولن يستفيد من اي عفو». وقال كرزاي «لقد نقلت رسالة الى الملا عمر قبل شهرين. وطلبت منه التخلي عن الارهاب وادانة الاعتداءات الارهابية ضد الولايات المتحدة وافغانستان وباقي العالم. ورفض ذلك». واعتبر انه «لم ينبذ ابدا الارهاب ولم يدنه. وواصل تورطه مع الارهابيين. وبالتالي فان الملا عمر لن يستفيد من اي عفو. لقد ولى زمن العفو وبات فارا من وجه العدالة. وفي حال فتحت الاسرة الدولية تحقيقا بحقه يجب محاكمته». واضاف كرزاي من قاعدته الخلفية التي تقع على بعد نحو 30 كلم شمال قندهار «في الواقع يبدو ان حركة طالبان انهارت قبل تسليم السلطة. لقد قام رجالي ليل الخميس على الجمعة اعتقال ونزع اسلحة مقاتلي طالبان الذين فروا شمالا»، وحسب «التقارير التي وصلتنا من قندهار، فان قوات طالبان ينسحبون من المدينة باسلحتهم جنوبا وشرقا على متن سيارات جيب. والسكان يوقفونهم لنزع اسلحتهم». واكد انه «ما من سبيل للارهابيين الاجانب للفرار. لقد اصدرنا اوامر لاعتقالهم»، موضحا انه لم يتم اعتقال اي اجنبي حتى الان. وقال «لكنني آمل في اعتقال بعضهم قريبا وسنحيلهم الى القضاء». وقد تسبب الانسحاب المفاجئ لطالبان في شيوع الفوضى وحالات من النهب، اضافة الى تسجيل حالات من الاقتتال بين الفصائل المختلفة في قندهار. وقال مسؤولون معارضون لطالبان ان فصيلين أفغانيين متنافسين دخلا المدينة اول من امس وتبادلا اطلاق النار. واوضح المسؤولون ان القتال وقع بين انصار القائد غول آغاد وقوات من طالبان حين كانت هذه الاخيرة بصدد تسليم نفسها. ويبدو ان القتال نشب حين استولى حاكم قندهار السابق غول آغا بالقوة على مبنى مقر الحاكم ومجلس البلدية، ولم يسمح لمن كانوا داخل المبنى بالخروج ولا بمن كانوا خارجه بالدخول. واثر هذه الحوادث قال سكان من قندهار امس انهم صاروا «يشعرون بالقلق، والموقف في المدينة صار سيئاً للغاية». ويبدو ان مدينة قندهار لم تعد تخضع في الوقت الراهن الى سيطرة مجموعة واحدة، اذ تفيد المصادر المحلية ان ثلاث مجموعات مسلحة على الاقل صارت تسيطر على المدينة. فقوات القائد غول آغا مثلا تسيطر على المبنى الذي يضم مقر الحاكم ومجلس البلدية، وقوات الملا نقيب الله القائد العسكري السابق لقندهار، استولت على منطقة فريكا الواقعة الى الشمال من المدينة وتضم منشآت عسكرية رئيسية بينها ترسانة طالبان العسكرية التي تضم العديد من الدبابات والاسلحة الثقيلة، في حين يسيطر المسؤول الاداري السابق لقندهار، حاج بشار، حالياً على منشآت الشرطة والامن بالمدينة. وفي محاولة لتهدئة هذا التوتر انعقد امس مجلس شورى محلي في قندهار وفق ما افاد ناطق باسم احد المندوبين في المجلس. وذكرت المصادر ان حميد كرزاي، كان ضمن المشاركين في الاجتماع. وحسب الناطق باسم الحاكم السابق لقندهار، غول آغا، فان الاجتماع كان يهدف لتحديد الموقف الواجب اتخاذه حيال الملا نجيب الله، وبحث الخلاف القائم بين هذا القائد الموالي لطالبان وبين غول آغا. وحسب المصدر ذاته، فان غول آغا يشتبه في ان الملا نجيب الله وقوات طالبان الموالية له تريد «زعزعة الادارة الافغانية الجديدة وانه يعتزم اغتيال شخصيات وطنية». واثر التطورات الأخيرة في أفغانستان، بدأت القوات الخاصة الأميركية تركز جهودها للبحث عن بن لادن وقيادات «القاعدة» اكثر من اعتقال مقاتلي طالبان. وقال الكابتن ستيوارت اوبتون من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) للصحافيين امس «ما زلنا نبحث عن ارهابيين بعينهم وخاصة في تنظيم «القاعدة»، مضيفا انه «ليس من الضروري ان نبحث عن جنود طالبان». واوضح الكابتن ان كل جنود المارينز يحملون معهم صور القادة البارزين في تنظيم «القاعدة» الذين تريد الولايات المتحدة القبض عليهم.