فرنسا تسعى لدفع الاتحاد الأوروبي لإحياء «مبادرة» في الشرق الأوسط

TT

تسعى فرنسا، منذ ايام، وبعد الانقسامات التي ظهرت في المواقف الأوروبية ازاء ما هو جار في الأراضي الفلسطينية وما بين الفلسطينيين واسرائيل، الى اعادة احياء دور الاتحاد الأوروبي في المنطقة ودفع شريكاتها الى اطلاق «مبادرة» ما. واعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس، في العاصمة اليوغوسلافية بلغراد، ان وزير خارجيته هوبير فيدرين سيسعى خلال انعقاد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد غدا وبعد غد في بروكسل الى حمل نظرائه الأوروبيين على السير في «مبادرة تقوم على المنطق وتكون اهدافها الحوار والسلام». غير ان شيراك استدرك قائلا ان «تطور الوضع الحالي لا يدعو الى التفاؤل، مع ذلك، فان عزم فرنسا لن يهون». ووفق الرئيس الفرنسي فان «السلام والأمن لا ينفصلان»، وان على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ان يجلسا الى طاولة المفاوضات «من غير شروط مسبقة»، في اشارة مباشرة الى الشروط التي يفرضها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حتى يقبل بالعودة الى المفاوضات «الأمنية» وبعدها المسائل السياسية.

وينتظر ان يعقد وزراء خارجية الاتحاد غدا اجتماعات منفصلة مع شيمعون بيريس، وزير الخارجية الاسرائيلي، ثم مع نبيل شعث وزير التعاون الدولي في السلطة الفلسطينية، بينما سيتناولون الوضع في الشرق الأوسط خلال غداء العمل اليوم نفسه.

ولا تبدو مهمة فيدرين سهلة على الاطلاق بسبب تضارب المواقف الأوروبية وهو ما ظهر بوضوح في الأيام الماضية، فبينما اتهم فيدرين، من غير مواربة، الحكومة الاسرائيلية بالسعي الى تدمير السلطة الفلسطينية بهدف القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية، ايدت لندن سياسة شارون وبررت ما يقوم به ضد عرفات. كذلك وقفت المانيا الى جانب اسرائيل، الأمر الذي يجعل بروز «مبادرة» اوروبية ذات معنى ولا تكتفي بالعموميات، عملية صعبة للغاية ان لم تكن غير واردة اطلاقا.

وافاد مصدر دبلوماسي فرنسي واسع الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، ان الأولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر هي «اعادة اللحمة الى الاجزاء المبعثرة» من المواقف الأوروبية التي جعلت اوروبا الغائب الأكبر خلال الأيام الماضية عن الشرق الأوسط» وظهرت الفروق الكبيرة في المواقف خلال الاجتماعات التي عقدها الوزير فيدرين مع نظيريه الألماني يوشكافيشر والبريطاني جاك سترو. وعلمت «الشرق الأوسط»ان فيشر عرض «ورقة عمل» المانية تتضمن لائحة مطالب من السلطة الفلسطينية «تدفع الى الذهول»، في حين انها لا تطلب من اسرائيل سوى القليل. وتعكس هذه الورقة عودة المانيا الى دعم اسرائيل المطلق «ورفضها اية مبادرة من شأنها الايماء بعكس ذلك». ولا تبعد مواقف سترو كثيرا عن مواقف فيشر اضافة الى انها تأتي في سياق الموقف الأميركي الذي يحمل عرفات كامل المسؤولية لما آل اليه الوضع..

وتقع المواقف الأوروبية الأخرى ما بين الموقفين الفرنسي من جهة والالماني ـ البريطاني من جهة اخرى.

ويشكل الانقسام الأوروبي تراجعا لما كان عليه قبل 11 سبتمبر (ايلول) الماضي حيث نجح الاتحاد في ملء الفراغ الدبلوماسي في المنطقة الناتج، وقتها، عن بقاء واشنطن بعيدة عن الاضطلاع بدور فاعل.

وقال دبلوماسي اوروبي لـ«الشرق الأوسط» ان ما يسير نحوه الاتحاد الأوروبي هو «اجماع الحد الأدنى»، الأمر الذي لن يكون له تأثير كبير في الوضع القائم واستمرار دوامة العنف.

وأمس، امتنعت الأوساط الفرنسية عن كشف تفاصيل هذه «المبادرة» الا ان مصدرا دبلوماسيا قال لـ«الشرق الأوسط» انه من الضروري «بلورة مفاهيم» يمكن وضعها موضع التنفيذ «وتكون ابعد من مقترحات لجنة ميتشل» التي اصبحت بذاتها مصدر نزاع اضافي.

وبعد غد ستكون منطقة الشرق الأوسط وتحديدا «المبادرة» الأوروبية، موضع محادثات وزير الخارجية الأميركي كولن باول مع الرئيس شيراك.