لبنانيات عائدات من إسرائيل لـ«الشرق الأوسط»: عاملونا كالكلاب

TT

مع بدء عودة اللبنانيين الذين فروا الى اسرائيل في مايو (ايار) 2000 عند الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب اللبناني، اعتمد رجال الامن اللبناني سياسة تقضي بالقبض على الرجال واحالتهم الى القضاء المختص وترك النساء والاولاد احراراً للذهاب الى قراهم. وهناك في القرى اللبنانية الحدودية استمعت «الشرق الأوسط» الى المبررات التي ساقتها النسوة العائدات من اسرائيل عن الظروف والمعاناة التي دفعت بعائلاتهن الى العودة مجدداً الى وطنهن وكلها تتحدث عن المعاملة القاسية التي لاقوها في اسرائيل حيث لم ترتق هذه المعاملة، بنظرهن، الى مستوى ما قدمه ازواجهن من خدمات للاسرائيليين خلال احتلالهم للجنوب اللبناني. «كانوا يعاملوننا كالكلاب»، تقول احدى العائدات وتدعى فيوليت خوري وهي زوجة احد المتعاملين وقد تم القبض عليه عند عودته. وفيوليت العائدة الى بلدتها القليعة، وهي من البلدات الجنوبية التي فر الكثير من سكانها الى اسرائيل، في الـ30 من عمرها وام لثلاثة اولاد وتعيش الآن في منزل والدها في انتظار ذهابها للعيش في العاصمة بيروت «حيث فرص العمل افضل هناك لكي أعيل اولادي». ولدى سؤالها عن سبب عودتها بعد سنة ونصف سنة من فرارها الى اسرائيل خصوصاً ان المصير المحتوم لزوجها هو السجن الذي ينتظره، تقول «ان ظروفاً قاسية ومعاملة لا تليق بالبشر لاقانا بها الاسرائيليون. وان تحملنا لهذه الظروف كان بسبب الحصول على تعويض اسرائيل لزوجي وهو مبلغ اقل بكثير مما وعدتنا به». واشارت فيوليت الى زيارة قام بها احد الضباط في الجيش الاسرائيلي الى المخيم الذي ينزل فيه عدد من العملاء وعائلاتهم قرب حيفا حيث ابلغهم خلالها قرار السلطات الاسرائيلية منح مساعدات مالية للراغبين في العودة الى لبنان، لكن زوجها لم يحصل على شيء باستثناء بضعة آلاف من الدولارات لا تكفي لاعالة عائلتها وبدل اتعاب محامين للدفاع عن زوجها. وذكرت ان آخرين حصلوا فعلاً على اموال اضافية جراء قبولهم العودة «وهنا يكمن تمييز اسرائيل بين جندي (تعني المتعامل) وآخر». وقالت «في اسرائيل كثيراً ما كنا نتعرض لمعاملة سيئة، كنا نمضي في بعض الاحيان اوقاتاً كثيرة للحصول على الاطعمة والأدوية والرواتب الشهرية. كانوا يعاملوننا باحتقار وبنظرة اننا خدم لديهم. عاملونا ليس كبشر وانما ككلاب في كثير من الاحيان». أما كاتيا فارس من مرجعيون فقالت انها عادت بعدما حصل زوجها على تعويضات مالية. ورجعت لانها تفضل وزوجها الموت في لبنان على العيش في ذل في اسرائيل، «واصبحت على معرفة جيدة بأن اسرائيل لا تقوم بشيء الا اذا رأت مصلحة لها في ذلك. مصلحتها اولاً واخيراً بغض النظر عن مصلحة الآخرين. ولذلك تعلمنا درساً هو اننا لن نكون بعد اليوم الا مع مصلحة بلدنا لبنان». وهذا الكلام يرى فيه الكثيرون من المواطنين في الجنوب كلاماً «للاستهلاك» واستدراراً للعطف والشفقة فيقول المدرس حسين غريب من سكان بلدة بلاط القريبة من بلدة مرجعيون «ان هؤلاء العملاء يجيدون تغيير مواقفهم كتغيير ملابسهم، ويتلونون كالحرباء فيعطون لكل مرحلة كلاماً مختلفاً ولوناً مختلفاً»، منتقداً هذه العودة من دون انزال اشد العقوبات بحق العائدين بمن فيهم النساء.