القوات المناوئة لطالبان تهاجم «القاعدة» من 3 جهات وترغمها على التراجع إلى ممر وزيري

المارينز يحتلون مبنى السفارة الأميركية في كابل ومسؤولون سابقون في طالبان يطالبون بالمشاركة في «لويا جيرغا» المقبل

TT

شنت قوات القبائل المعارضة لطالبان امس هجوماً من ثلاث جهات على مواقع تنظيم «القاعدة» في منطقة تورا بورا بشرق أفغانستان، حسبما أفادت وكالة الانباء الاسلامية الافغانية التي اكدت ان المهاجمين احرزوا بعض التقدم، «الا ان المقاتلين العرب في الجبال يظهرون مقاومة شديدة» باسلحة خفيفة ومدفعية.

وقال حضرة علي الذي يقود هذه العمليات ضد تنظيم «القاعدة» إن اتباع اسامة بن لادن أجبروا، في ظل القصف الاميركي المكثف، على التراجع الى مواقع دفاعية جديدة على «قمم الجبال بين تورا بورا وممر وزيري». واوضح القائد علي ان القصف على مواقع «القاعدة» يتواصل ليلاً ونهاراً، وان قواته استولت على منطقة تورا بورا بأكملها. واضاف ان بن لادن موجود في المنطقة، وأنه شوهد قبل 5 أيام هناك، وأنه أقام كهوفاً جديدة وشبكة حماية تحت الارض على قمم تلك الجبال. واعترف، من جانبه، حاجي محمد زمان، وهو قائد آخر يشارك في الهجوم على «القاعدة»، بأن قواته تواجه صعوبات، و«الامر ليس سهلا مع هؤلاء الناس. انهم يقاتلون منذ اربع سنوات. هم حوالي 1500 رجل والمنطقة شديدة الصعوبة».

وبدوره، قال الناطق باسم التحالف المناوئ للارهاب، الأميركي كينتون كايت، امس في آسلام اباد ان الحملة العسكرية على بن لادن واعضاء «القاعدة» في منطقة تورا بورا تحرز تقدما، مضيفاً أن «الخناق يضيق حول اسامة بن لادن. لم نلق عليه القبض بعد، ولكنها ليست الا قضية وقت». واوضح «ان الحملة الجوية متواصلة والقوات المناوئة لطالبان تتقدم في المنطقة بمشاركة قوات برية من التحالف» الدولي. وحول شهادات عن وجود زعيم «القاعدة» في المنطقة، اعترف كايت انه «لم نحصل على شهادة عينية موثوقة. لقد حصلنا على عدد كبير من الشهادات والاشاعات. (لكن) مستوى تقدم الحملة يجعل المناطق التي يمكن لمقاتلي القاعدة الاختباء فيها تتقلص كل يوم». وبحسب الناطق فان «اسامة بن لادن و(زعيم طالبان) الملا محمد عمر موجودان في افغانستان. وليس لدينا اي اثبات موثوق على مغادرتهما».

وفي جنوب البلاد، شوهدت امس نحو 30 دبابة ومدرعة عسكرية تتوجه من من قاعدة أميركية في ولاية هلمند، غرب قندهار، باتجاه هذه المدينة التي سلمتها طالبان يوم الجمعة الماضي. وافاد شهود وصلوا الى بلدة تشامان الحدودية الباكستانية كذلك انهم شاهدوا جنوداً أميركيين في قندهار، وبعضهم في مقر حاكم المدينة السابق، زعيم طالبان الملا محمد عمر. وبعد يوم على الاتفاق بين القائدين المحليين، غولا آغا والملا نقيب الله حول إدارة قندهار، ساد المدينة امس هدوء حذر على الرغم من سماع طلقات نيران متفرقة. وكان الرجلان قد توصلا بحضور الزعيم البشتوني حميد كرزاي، الى اتفاق تنازل بموجبه نقيب الله الى غول آغا الذي اصبح يدير شؤون المدينة. وقال شهود ان معظم متاجر المدينة لا تزال مغلقة خشية التعرض لعمليات النهب والسرقة. لكن كرزاي اكد امس ان قندهار أصبحت «آمنة» بعد تعرضها الى فوضى وقلاقل خلال الأيام القليلة الماضية. وكانت قوات طالبان قد سلمت أمس كذلك مدينة زابول، آخر مدينة كانت تقع تحت سيطرتها في أفغانستان، «لينتهي بذلك حكم طالبان نهائياً» وفق ما أفادت وكالة الانباء الافغانية.

وقد اقترب عناصر من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) امس من مدينة قندهار في اطار عمليات لقطع طرق الفرار على زعماء تنظيم «القاعدة» وقادة طالبان، الموجودين بالمعقل الذي سلمته الحركة. واوضح الكابتن ستيوارت اوبتون المتحدث باسم المارينز للصحافيين ان «ما شهدتموه هو تحريك مشاة البحرية ومعدات الى الشمال» بالقرب من قندهار، ويهدف «لسد المسالك والمنافذ المحتملة»، مضيفاً «اننا نواصل اجراء عمليات حول قندهار دعما لقوات المعارضة. ما زلنا نبحث عن القاعدة». واكد ان «اي افراد من طالبان لا يزالون يحملون السلاح سيموتون». وافاد اوبتون ان المارينز لن يدخلوا قندهار.

ولا تزال المعلومات متضاربة بشأن مكان وجود زعيم طالبان الملا عمر الذي قال نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني اول من امس انه لا يزال في منطقة قندهار، في حين اكدت صحيفة «ذي نيوز» الباكستانية نقلا عن عناصر من طالبان انه نجح في الفرار مع مجموعة من المقاتلين الى الجبال المجاورة. وقال حميد كرزاي الذي عين ليكون رئيساً للحكومة المؤقتة الجديدة، إنه يريد العثور على الملا عمر وإحالته الى العدلة بصفته «مجرماً»، مشدداً على انه لن يمنحه «أي عفو».

من ناحية أخرى، تمركزت عناصر من المارينز امس في مبنى السفارة الاميركية في كابل المغلق منذ 1989 واقاموا حواجز ترابية ونقاط مراقبة على سطح المبنى. وقالت القوات الاميركية ان المارينز دخلوا المبنى بهدف «توفير الحماية للفريق الذي ارسلته وزارة الخارجية الاميركية لتقويم الوضع». وقال فيك هاريس المتحدث باسم الجيش الاميركي من مدخل السفارة ان هذه العناصر «نصفها من المدنيين من وزارة الخارجية والنصف الاخر من العسكريين». ولم يتخذ اي قرار حتى الوقت الراهن في شأن اعادة افتتاح السفارة، بحسب المتحدث الاميركي.

إلى ذلك، أفادت الصحف الباكستانية امس ان مسؤولين سابقين في طالبان اعلنوا احياء «جمعية قدامى الفرقان» وطالبوا بالمشاركة في مجلس «لويا جيرغا» المقرر عقده في الربيع المقبل، وفق ما نص عليه اتفاق بون. واعلن عن احياء الجمعية القائمة منذ 30 عاما ارسلان رحماني، وزير التربية السابق، وعبد الرحمن حوطيق، نائب وزير الاعلام والثقافة السابق، ورحمة وحيد يار، النائب السابق لوزير شؤون اللاجئين، وعبد الحكيم مجاهد، الممثل السابق غير المعترف به لطالبان في الامم المتحدة، وحبيب الله فوزاي، القائم بالاعمال السابق في السعودية، وعبد الستار صدر الدين، النائب السابق لرئيس المحكمة العليا لطالبان. وابلغ هؤلاء المسؤولون الامم المتحدة برغبتهم في المشاركة في مجلس «لويا جيرغا» لانهم لم يمثلوا في مؤتمر بون حول مستقبل افغانستان. ونقلت صحيفة «ذي نيوز» عنهم قولهم ان «على الامم المتحدة الا تكرر الخطأ الذي ارتكب خلال مؤتمر بون، حيث تم استبعاد قبائل مهمة واحزاب سياسية واقليات». واكدوا تأييدهم تنظيم انتخابات عامة واقامة جمهورية اسلامية في افغانستان، وتشكيل «لويا جيرغا» تمثيلية بحيث يتاح لجميع المجموعات العرقية والاحزاب السياسية التعبير عن رأيها.

من جهة أخرى، قال ناطق باسم وزارة الدفاع في التحالف الشمالي امس انه لن يسمح للقوة الدولية المراد نشرها بتسيير دوريات في كابل. وقال محمد هابيل ان اعضاء هذه القوة الدولية «يمكن ان يحرسوا المباني الحكومية»، مؤكدا انه «قد تم الاتفاق على ان تتولى قواتنا الخاصة الامن في كابل». وينص اتفاق بون بين الفصائل الافغانية على نشر قوة دولية تنتدبها الامم المتحدة للمساهمة في حفظ الامن في كابل ومناطق اخرى «ان اقتضى الامر» وكذلك بنزع السلاح في المناطق التي ستنتشر فيها هذه القوة.

وأفادت الصحف البريطانية امس ان لندن ابدت استعدادها لقيادة قوة دولية لحفظ الامن في افغانستان قد تساهم بعشرة الاف رجل فيها. كما اعلنت المانيا امس ان بامكان بريطانيا تولي قيادة القوة الدولية في افغانستان. وقال المتحدث باسم الحكومة الالمانية اوي ـ كارستن هيي امس للصحافيين «من وجهة نظر لوجستية صرف، الحكومة البريطانية قادرة على تنظيم هذه المهمة في اسرع وقت ممكن». غير انه اضاف «لا معنى للتكهن حول هوية الدولة التي ستتزعم المهمة» طالما ان الامم المتحدة لم تحدد بعد اطار هذا التفويض. واوضح المتحدث «طالما ان مجلس الامن الدولي لم يستجب بعد لطلب المؤتمر الافعاني في بيترسبيرغ (بالقرب من بون) ولم يحدد التفويض، وحجمه والبلدان المعنية لتشكيل قوة سلام، فلا فائدة من النقاش». وتنشر الصحف الالمانية منذ عدة ايام تحليلات حول قدرة المانيا على نشر جنود في افغانستان في حين انها تشارك في قوات حفظ سلام في البلقان وذلك على خلفية تصريحات ادلى بها في الايام الاخيرة وزير الدفاع رودولف شاربينغ. وكان المستشار الالماني غيرهارد شرودر قد اكد الاربعاء الماضي في بون ان المانيا مستعدة للمشاركة في بعثة حفظ سلام في افغانستان واعلن بعد ذلك بيومين ان هذه المشاركة «وقف على تحديد طبيعة التفويض» الذي ستقرره الامم المتحدة.

وفي روما، اعلن ان الملك السابق ظاهر شاه (87 سنة) المقيم في المنفى منذ 1973 سيعود الى افغانستان في 21 مارس (آذار) المقبل الذي يصادف عيد رأس السنة 5000 عند الافغان. وكلف مؤتمر بون حول مستقبل افغانستان الملك ظاهر شاه بدور رمزي حيث سيرأس اول اجتماع لمجلس «لويا جيرغا» التقليدي في الربيع المقبل.

واعلن مسؤولون تاجيك امس ان عسكريين اميركيين وفرنسيين وايطاليين علاوة على طائرات مقاتلة سينتشرون ابتداء من 20 من الشهر الجاري في قاعدة قلياب التاجيكية الجوية وذلك في اطار الحملة العسكرية في افغانستان. وبحسب مسؤول عسكري تاجيكي فضل عدم كشف اسمه فان ما بين 40 الى 50 طائرة مقاتلة بينها الاميركية «اف ـ 15» و«اف ـ 17» والفرنسية «ميراج» سيتم نشرها في هذه القاعدة على بعد حوالي 100 كلم من الحدود الافغانية مع فرقة يمكن ان يصل عددها الى 4 الاف رجل. واشار نائب رئيس الوزراء التاجيكي المكلف الامن سيد امير زخوروف من ناحيته ان قاعدة قلياب ستوضع «مؤقتا تحت تصرف الاميركيين والفرنسيين والايطاليين اي حتى نهاية عمليتهم ضد الارهاب». واضاف «ان وزير الداخلية التاجيكي سيسهر على امن المطار ومحيطه بمساعدة عسكريين اميركيين وايطاليين وفرنسيين» دون توضيح عددهم.

ووصلت قوات استرالية كذلك الى افغانستان وبدأت القيام بدوريات دون المشاركة في اي عمل قتالي، وفق ما افاد متحدث عسكري استرالي امس. وقال غاري بورنهولت ان القوات الجوية الخاصة الاسترالية هبطت السبت الماضي في قاعدة رينو الاميركية لجنود المارينز وتقوم حالياً بدوريات في جنوب قندهار. وبذلك صار عدد القوات الاسترالية التي تم نشرها في جنوب افغانستان 150 جنديا.