أهالي غزة يفطرون ويستيقظون لتناول السحور على دوي الصواريخ الإسرائيلية

TT

تحولت المواعيد الرمضانية اليومية الثابتة في المناطق الفلسطينية الى مواعيد حددها الجيش الإسرائيلي بعناية لقتل الفلسطينيين وترويع الأطفال. وبدلا من ان يستيقظ الفلسطينيون خاصة في غزة على صوت المسحراتي لتناول السحور، يستيقظون على هدير الطائرات والدبابات الاسرائيلية وصواريخها مندفعين حفاة عراة الى خارج منازلهم خوفا من سقوط اسقفها فوق رؤوسهم ورؤوس اسرهم. ففي مدينة غزة، استيقظ الاهالي على صوت الصواريخ التي اطلقتها مقاتلات اف 16 على مبنى للشرطة الفلسطينية في حي الرمال الراقي.

ويوم الاثنين الماضي وقبل موعد الافطار بعشر دقائق حلقت الطائرات المروحية الإسرائيلية وبدأت بقصف جوي غير مسبوق بمثل هذه الشدة والضراوة وذلك بعد انتهاء اجتماع المجلس الوزاري المصغر الذي عقده رئيس الحكومة ارييل شارون فور عودته من الولايات المتحدة، كرد على العمليات الانتحارية في القدس وحيفا.

وأدى القصف الإسرائيلي العنيف الى انقطاع التيار الكهربائي بالكامل عن غزة، ولم يعد هنالك إمكانية حتى لسماع صوت المؤذن، فحنجرته كانت أضعف بكثير من دوي الصواريخ واعيرة الرشاشات الثقيلة التي كانت تطلقها بلا انقطاع الطائرات المروحية نحو مشاة في الشوارع.

وبعد حوالي 20 دقيقة من موعد أذان المغرب استطاع سكان غزة تناول طعام الإفطار في أجواء حزينة وسط مخاوف وتوقعات بسقوط عدد من الضحايا من المواطنين ورجال الأمن الفلسطينيين الذين استهدفهم القصف الجوي الإسرائيلي، حيث كانت اصوات سيارات الإسعاف والإطفاء تخرق الهدوء الذي يفترض ان يخيم على شوارع المدينة في مثل هذا الوقت.

وفي المناطق الفلسطينية يستطيع الإنسان سماع القذائف والصواريخ الأرضية والجوية بجميع أنواعها، باستثناء صوت قذيفة واحدة لا يمكن للفلسطينيين سماعها في مواعيد الإفطار والسحور، وهي قذيفة مدفع رمضان الذي يحظر الاحتلال استخدامه على الفلسطينيين منذ عام 1967 باعتباره مدفعا يهدد امن ووجود دولة إسرائيل.

يذكر أنه منذ اندلاع انتفاضة الأقصى لوحظ اهتمام قادة الجيش الإسرائيلي بتحديد مواعيد ثابتة لقتل الفلسطينيين، ففي عهد ايهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق كانت مواعيد القصف الجوي الإسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية مع اقتراب موعد النشرة الإخبارية للتلفزيون الإسرائيلي في الساعة السابعة مساء وحتى يضمن باراك مشاهدة الجمهور الإسرائيلي هذا «البرنامج المثير» ليلا، ثم يتكرر المشهد مع منتصف الليل ليشاهده الجمهور الإسرائيلي بدل برنامج «قبل ان تنام» الذي تبثه الإذاعة الإسرائيلية في إطار التسابق بين قادة إسرائيل على قتل الفلسطينيين وتدمير منشآتهم وممتلكاتهم.

وفي عهد شارون فضل قادة الجيش الإسرائيلي ساعات الفجر لقصف واقتحام المناطق الفلسطينية، حتى تحول سكان غزة الى الشعب الاقل استخداما لمنبه الإيقاظ في العالم. فلا يشعر سكان غزة أنهم بحاجة إلى المنبه لأنهم غالبا ما يقضون الليل وحتى ساعات الصباح وهم يسمعون صوت دوي الصواريخ والقذائف الثقيلة.

من جهة أخرى فإن قادة الجيش الإسرائيلي حددوا للاغتيالات موعدا ثابتا ومعروفا، فلم تشهد الانتفاضة الحالية اغتيال نشيط او كادر فلسطيني في أيام الجمعة باستثناء حالة واحدة شذت عن القاعدة وهي عملية اغتيال محمود ابو هنود قائد الجناح العسكري لحركة «حماس» الذي اغتيل في يوم جمعة، وعادة ما يمر هذا اليوم بهدوء خلافا لباقي أيام الأسبوع. وصباح يوم السبت يبدأ العد التنازلي لتنفيذ الاغتيالات.

وتجنب يوم الجمعة ليس احتراما لهذا اليوم ولكن المخابرات الإسرائيلية تجد صعوبة في يوم الجمعة في ملاحقة المطلوبين الذين يشغلون وقتهم في ذلك اليوم إما بصلاة الجمعة او عدم الخروج من الأماكن التي يختبئون بها، وبالتالي يصعب متابعة تحركاتهم.

وبدءا من يوم السبت تنطلق حمى الاغتيالات وفق تحركات المطلوبين من مكان الى آخر وبعضهم يتوجه في ذلك اليوم الى مكان عمله أو للقاء أشخاص آخرين، وعادة ما يكون يوم السبت يوما دمويا.

كما ان نشطاء حركات المقاومة الإسلامية يفضلون مساء يوم السبت عادة لتنفيذ العمليات الانتحارية حيث تشهد الأماكن العامة في إسرائيل ازدحاما بعد نهاية عطلة السبت اليهودي، والأمثلة عديدة مثل عملية القدس وسوباوروا وغيرهما.