الشرطة البوسنية تقتحم مكاتب جمعية «طيبة العالمية» الخيرية وتحقق مع موظفيها

السلطات الأميركية تبقي مدير «الإغاثة» قيد الاحتجاز وتوسع تحقيقاتها مع موظفي المؤسسة في الخارج

TT

اقتحمت القوات الخاصة التابعة للشرطة البوسنية امس، مكاتب مؤسسة طيبة الخيرية، وقامت بتفتيش جميع اقسامها، واطلعت على الملفات الموجودة فيها وصادرت بعضها، كما قامت بتفتيش بعض مساكن موظفيها في سراييفو، واستجوبت 7 كانوا داخل مكاتبهم، واقتحمت الشرطة الفيدرالية فجأة مقر المؤسسة بالعاصمة البوسنية، وطلبت من العاملين فيها الوثائق الشخصية التي بحوزتهم، وخاصة جوازات السفر ونوع الاقامة وشهادات العمل.

يذكر ان الشرطة البوسنية حصلت على اذن من المحكمة الاتحادية في سراييفو، يعطيها صلاحية تفتيش مكاتب واقسام المؤسسة. وقالت الشرطة ان عملية الاقتحام تأتي في اطار الحملة الدولية لمحاربة الارهاب، وحسب خطة اعدت داخل البوسنة والهرسك في هذا الخصوص.

وقال مصدر في الشرطة ان مصطفى ايت ايدير هو أحد الجزائريين الستة المتهمين بتهديد السفارتين الاميركية والبريطانية في البوسنة بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) الماضي هو احد العاملين بمؤسسة طيبة الخيرية.

وتعد مؤسسة طيبة المؤسسة الثانية التي يتم اقتحامها بعد دار الايتام التابعة للهيئة السعودية العليا بمنطقة اليجا (10 كيلومترات غرب سراييفو)، التي اقتحمتها قوات الكاربينيرا الايطالية قبل عدة اسابيع. واعترفت القوات الايطالية بانها لم تجد اي اثباتات تشير الى علاقة المؤسسة بالارهاب، او الجريمة المنظمة وعمليات التهريب واستخدام اسم المؤسسة في التجارة الشخصية. واعتذرت القوات الدولية في حينها للاشخاص الذين اعتقلتهم وقدمت لكل واحد منهم مبلغ 500 دولار تعويضا.

من جهته قال مصطفى تسيريتشل رئيس العلماء المسلمين في البوسنة في مقابلة تلفزيونية، انه سيحول دون ظهور «طالبان» في بلاده، وانتقد الملا عمر محمد زعيم طالبان قائلا «انه لا يملك اي شهادة جامعية، ولا يعبر عن حقيقة الاسلام»، واضاف «ان الخطب التي تلقى يوم الجمعة ستكون في اطار محدد، وسنحرص على تخريج ائمة ممتازين مسلحين بالعلم الشرعي في اطار التسامح والتعايش والسلام».

وقال «نسمع كثيرا اسئلة مكررة عن علاقتنا، نحن البوشناق المسلمين، وخاصة المشيخة الاسلامية في البوسنة والهرسك مع التنظيمات الارهابية، وهذا امر مستهجن، فكيف يكون ضحية الارهاب لمدة 10 سنوات صديقا للارهابيين؟!».

وعن العرب الذين قاتلوا الى جانب البوسنيين قال «اوروبا تعرف عنهم كل شيء، وكرواتيا تعرف اسماءهم وجميع المعلومات عنهم، فمن اوروبا وعبر كرواتيا قدموا الى البوسنة والهرسك، وكل ما قاموا به من اخطاء ندفع نحن ثمنه الان في البوسنة والمسؤولان عن ذلك هما الرئيسان اليوغوسلافي السابق سلوبودان والكرواتي الراحل فرانيو تودجمان اللذان اوقدا نار الحرب لاقامة صربيا الكبرى وكرواتيا الكبرى، وكنا الطرف الاضعف حيث مددنا ايدينا لكل من جاء لمساعدتنا». واضاف «القضية في البوسنة ليست موضوع بناء المساجد والكنائس والظهور بهذا المظهر او ذاك، ولكن القضية الاولى هي التحريات، فاذا كانت هناك حريات حقيقية فجميع المشاكل ستحل، وستبنى المساجد ويعود المهجرون، ويستتب الامن واوضح ان «سراييفو اليوم اكثر امنا من لندن وباريس وفرانكفورت وواشنطن ونيويورك، وبامكان اي شخص ان يتجول في سراييفو بعد منتصف الليل بدون ان يخشى على نفسه وماله وعائلته».

من ناحية أخرى، وسعت السلطات الاميركية من تحقيقاتها مع «مؤسسة الاغاثة العالمية» التي داهم المحققون الاميركيون مكاتبها في شيكاغو الجمعة الماضية. وبعد ان احتجزت سلطات الهجرة والتجنيس مدير المؤسسة رابح حداد، تم اعتقال شخصين آخرين من اصل عراقي يعملان بالمؤسسة لكن خارج الولايات المتحدة.

وقال محامي مؤسسة الاغاثة روجر سايمونس انه يعتقد ان المداهمة الخاطئة لمكاتب المؤسسة الأسبوع الماضي تمت بناء على رسالة فاكس بعث بها موظفو المؤسسة في يوغوسلافيا الى عمال إغاثة في بلجيكا يحذرونهم فيها من عمليات ارهابية محتملة. واضاف سايمونس «في هذه الاوقات من الاحداث الرهيبة، المكالمات البريئة يمكن ان تتم بشكل خاطئ وتقرأ كذلك بشكل خاطئ». واوضح ان الرسالة بعث بها عمال مؤسسة الاغاثة في كوسوفو الى رفاقهم في بروكسل لمجرد اتخاذ الحيطة.

وكانت الخزينة الاميركية قد جمدت الجمعة الماضية ارصدة «مؤسسة الاغاثة العالمية» و«مؤسسة بينيفولنس العالمية» قائلة انه يشتبه في علاقتهما بتنظيم «القاعدة». وفي نفس الوقت داهمت القوات الدولية مكاتب المؤسسة في كوسوفو واعتقلت عاملين فيها، كما حدثت عملية مشابهة للمؤسسة ذاتها في ألبانيا.

لكن مسؤولاً اميركيا قال اول من امس ان السلطات الاميركية لا تملك الادلة الكافية التي تدين اياً من المؤسستين بتمويل تنظيم «القاعدة». وشكك محامي مؤسسة الاغاثة في ان تقود التحقيقات الى شيء ما، وقال «لا اعتقد ان هناك أدلة» تربط بين المؤسسة والقاعدة.

وقد اعتقلت سلطات الهجرة والتجنيس رئيس مؤسسة الاغاثة رابح حداد، اللبناني الاصل، بعد ان اكتشفت انتهاء مدة صلاحية التأشيرة التي دخل بها البلاد. واوضح المحامي سايمونس ان «سلطات الهجرة قدمت الى منزل حداد حيث كان مع عائلته واقتادته مقيداً». واضاف سايمونس ان المحققين عثروا لدى حداد على بندقية كان يستخدمها «لصيد العصافير»، وانها قررت «عدم إطلاق سراحه سواء كان بضمان او بأي شيء آخر».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»