باريس ترفض «عزل» عرفات سياسيا وتعتبر مجيئه إلى فرنسا ممكنا

TT

اشارتان بارزتان أرسلتهما فرنسا خلال اليومين الأخيرين، باتجاه الولايات المتحدة واسرائيل تحملان من جهة «ضيق» باريس من السياسة الأميركية ازاء ما يجري في الأراضي المحتلة ومن الانحياز الأميركي شبه التام الى جانب الموقف الاسرائيلي، كما تعبّران، من جهة أخرى عن الرفض لسياسة القوة الاسرائيلية ولمحاولات اضعاف وربما التخلص من الزعيم الفلسطيني. وفيما تستمر واشنطن في ضغوطها على دول الاتحاد الأوروبي لكي تقطع اتصالاتها مع عرفات وتقفل ابوابها بوجهه، بادر الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أول من أمس، الى الاتصال بعرفات وكذلك برئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. وقد حرص شيراك، وفق الناطقة باسم قصر الإليزيه، على تكرار دعمه وتأييده للزعيم الفلسطيني لـ«القرارات التي اتخذها» والتي أعلن عنها يوم الأحد الماضي. وحرص قصر الاليزيه كذلك على القول ان نجاح السلطة الفلسطينية في تطبيق هذه القرارات (منع العمليات العسكرية) «يتطلب ان تتوافر لها الوسائل لذلك»، في اشارة مباشرة الى ما تقوم به اسرائيل ضد مؤسسات السلطة الفلسطينية والتي ينتج عنها حرمانها من ادواتها الأمنية والبنى التحتية العائدة لذلك.

وبالمقابل، كرر شيراك على مسامع شارون الموقف الفرنسي والأوروبي من ان السلطة الفلسطينية وعرفات «هي الشريك الشرعي الوحيد» لاسرائيل في البحث عن السلام. وذهبت المصادر الدبلوماسية الفرنسية الى وصف الضغوط الأميركية على الأطراف الأوروبية لدفعها الى مقاطعة عرفات بأنها «خاطئة وتسبب الصدمة».

ولا تفصل فرنسا بين هذه الضغوط من جهة وبين ما تفرضه اسرائيل على عرفات ومنعه من السفر الى الخارج أو حتى الانتقال من رام الله الى مكتبه في غزة. وأمس وصفت الخارجية الفرنسية هذه الممارسات الاسرائيلية بأنها «انتهاك لاتفاقية أوسلو». وذهبت ناطقة باسم الخارجية الى القول ان منع عرفات من السفر «لا يخدم هدف الأمن الاسرائيلي» ومذكرة بأن الاتحاد الأوروبي طلب من اسرائيل في قمة لايكن نهاية الأسبوع الماضي رفع كل القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني.

وفي السياق نفسه، قالت الخارجية الفرنسية امس ان «لا مانع يحول أبداً دون مجيء عرفات الى باريس» مما يحمل تأكيداً اضافياً لرفض باريس قبول المنطق الأميركي الداعي الى عزل عرفات على المسرح الدولي. غير ان الخارجية أوضحت انه ليست ثمة زيارة منتظرة للزعيم الفلسطيني الى العاصمة الفرنسية في المستقبل القريب. وبعكس ما تدعو اليه واشنطن وتل أبيب، فان باريس ترى ان اضعاف عرفات، بكل الوسائل، لا يخدم اطلاقاً مصلحة السلام بل يقوي الاتجاهات المتطرفة داخل المجتمع الفلسطيني، وكان لافتاً ان باريس طلبت من قنصلها العام في القدس دنيس بياتون، ان يزور عرفات في رام الله السبت الماضي كذلك فانها شجعت الزيارة الجماعية لقناصل الاتحاد الأوروبي أول من امس لعرفات في عملية ETLOواضحة للولايات المتحدة.