إسرائيل اقترحت على واشنطن ضرب سورية قبل العراق في حربها ضد الإرهاب

رئيس الموساد يرى علامات إيجابية في إيران.. لكن من الأقلية فقط

TT

خلال مناقشات «مؤتمر الحصانة القومية» المنعقد حالياً في مدينة هرتسليا الاسرائيلية (شمال تل أبيب)، لبحث الخطة الاستراتيجية للسياسة الاسرائيلية، كشف النقاب امس عن ان اسرائيل حاولت اقناع الادارة الاميركية بأن تستغل حربها الدولية ضد الارهاب بالضغط على سورية قبل العراق.

واكدت مصادر عليمة في القيادات السياسية والامنية الاسرائيلية ان الاقتراح لم يكن بتوجيه ضربة عسكرية ولا تفجير قصر الرئاسة او تدمير قواعد صواريخ سكود السورية، بل القيام بعملية ضغط سياسي حازم على القيادة السورية.

والاقتراح الاسرائيلي جاء في اطار المساهمة في النقاش الداخلي الدائر في الولايات المتحدة حول المرحلة المقبلة من الحرب ضد الارهاب. فالاميركيون فوجئوا بسرعة انهيار نظام حركة طالبان في افغانستان، ويريدون ان يملأوا الفراغ الحاصل بواسطة تقديم موعد تطبيق المرحلة الثانية. وهناك خلاف في البيت الابيض حول افضلية الاهداف، فالبعض يرى ان تهدف الضربة المقبلة الى تصفية مواقع حركة القاعدة المنتشرة في 60 دولة في العالم، وبعد ذلك معالجة دول اخرى مثل العراق والصومال والسودان وغيرها. وشهد بعضا من هذا النقاش، خلال المباحثات الاستراتيجية بين الطرفين الشهر الماضي، وفد حكومي اسرائيلي برئاسة الوزير دان مريدور ورئيس مجلس الأمن القومي، الجنرال عوزي ديار وغيرهما. وفي احدى الجلسات، اقترح احد اعضاء الوفد الاسرائيلي على النظراء الاميركييين، ان يسيروا على مبدأ «سورية اولا»، حتى قبل العراق. وعلل اقتراحه بالقول ان القيادة السورية اكثر حساسية للأوضاع الدولية، وبالامكان الضغط عليها حتى توقف دعمها لحزب الله.

واستمع مؤتمر هرتسليا، امس، لليوم الثالث على التوالي، الى الخطابات والتقارير المتعلقة بالسياسة الاستراتيجية لاسرائيل، ومن المتوقع ان يختتم اعماله اليوم. وقد وظهر امامه امس، رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو الذي اعرب عن اسفه لأن اسرائيل تضيع فرص التخلص من ياسر عرفات. وقال ان اسرائيل لن تعرف السلام والأمن اذا لم تدمر السلطة الوطنية الفلسطينية. وأضاف ان الضمان الأساسي لحصانة اسرائيل هو في قوتها العسكرية، وان المهمتين الاساسيتين امام اية حكومة الآن هما: اسقاط نظام عرفات والاستعداد لصد هجوم عراقي على اسرائيل، في حالة اقدام الولايات المتحدة على هجوم عسكري لتحطيم نظام صدام حسين في العراق. وقال نتنياهو ان ضربة اميركية قاضية على العراق غير متوقعة حاليا، لكن هذه خطوة حتمية في المستقبل، وينبغي على اسرائيل ان تكون مستعدة لذلك، اذ ان آخر ما قد يفعله صدام حسين قبل سقوطه هو اطلاق صواريخه باتجاه اسرائيل، كنوع من «فش الخلق» والانتقام.

وظهر امام المؤتمر ايضا رئيس الوزراء السابق ايهود باراك، الذي يعتبر الأب الروحي لهذا النشاط، فهو الذي بادر الى عقد المؤتمر الاول للحصانة القومية في اسرائيل، خلال حكمه في ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وتقرر ان يعقد المؤتمر سنويا لوضع خطة استراتيجية والبحث المستمر في تطويرها.

ورفض باراك فكرة نتنياهو حول عرفات والسلطة الفلسطينية، وقال ان الحل الوحيد الممكن حاليا هو الفصل بين اسرائيل وفلسطين، فصلا تاما: «نحن هنا. وهم هناك. لا اختلاط بيننا البتة. نحن نبني ونعمر ونطور دولتنا. وهم يبنون ويعمرون ويطورون دولتهم. فعندما تنضج الظروف، نتجه نحن وإياهم الى عقد اتفاق سلام».

كما ظهر امام المؤتمر رئيس اركان الجيش شاؤول موفاز، افراح يدافع عن سياسته الحربية، ويعتبرها ذات اهمية حاسمة لتصفية الارهاب مستقبلا.

وكان رئيس الموساد (المخابرات الاسرائيلية الخارجية) افرايم هليفي، قد القى الليلة قبل الماضية كلمته في المؤتمر، فقال ان التفجيرات في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، حققت لاسرائيل امتيازا واضحا. فقبل هذا الحدث كانت اسرائيل محشورة في الزاوية، بسبب سياستها ازاء الفلسطينيين. لكن هذا الحدث اعاد ترتيب الامور ووضع اسرائيل في مكانها الصحيح الى جانب الولايات المتحدة في التصدي للارهاب. وفي الوقت نفسه وضع الدول العربية في مكانة ادنى.

وقال هليفي ان الحرب العالمية الثالثة التي تدور رحاها اليوم، وضعت كل مركبات الارهاب الاسلامي في لوحة فسيفساء واحدة، واضحة المعالم. واربكت جميع الزعماء السياسيين في الدول العربية والاسلامية وفرضت عليهم تحديد مواقعهم بوضوح، مع او ضد الارهاب. وهذا الامر بحد ذاته وضع اسرائيل في مكانة عالية، ودفع بالسلطة الفلسطينية الى الحضيض.

وفاجأ هليفي مستمعيه بالقول انه يرى اشارات ايجابية في النظام الايراني تجاه اسرائيل، «فهناك اتجاه واضح لدى العديدين، بأنهم في حالة التوصل الى اتفاق سلام اسرائيلي ـ فلسطيني، لن يقفوا ضد اسرائيل ولن يروا فيها دولة غير شرعية». لكن رئيس الموساد اوضح انه في هذا الرأي يقف مع اقلية داخل المؤسسة الاسرائيلية.