سلطات الأمن الإيرانية تهاجم المشيعين وتستولي عنوة على جثمان المرجع الشيعي الراحل محمد الشيرازي وتدفنه في ضريح معصومة خلافا لوصيته

TT

أكد شهود عيان ان عناصر الامن التابعين لاستخبارات الحرس الثوري الايراني والمحكمة الخاصة برجال الدين خطفوا جثمان المرجع الشيعي البارز محمد الشيرازي عندما كان الآلاف من الاشخاص يشيعونه في مدينة قم امس.

ووقع الحادث بعد ان طاف المشيعون بالجثمان في ضريح السيدة معصومة وتوجهوا الى بيت الشيرازي لقراءة الفاتحة قبل نقل الجثمان الى مثواه الاخير. وأفاد احد الشهود في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مدينة قم بأن المرجع الراحل الذي توفي اول من امس عن 75 عاماً، طلب في وصيته دفن جثمانه في صحن بيته حتى تتوفر الظروف الملائمة لنقله الى مقبرة العائلة في مدينة كربلاء بالعراق، حيث ولد وعاش ما يزيد عن 40 عاماً.

وأضاف الشاهد انه تنفيذاً للوصية قرر آية الله صادق الشيرازي، شقيق المرجع الراحل وخليفته، وأبناء الفقيد نقل الجثمان في الصباح المبكر امس الى حرم السيدة معصومة لأداء صلاة الميت ومن ثم اعادة الجثمان الى بيت الشيرازي لدفنه في صحنه. وتابع قائلاً ان جنازة ضخمة لم تشهد مدينة قم مثلها الا قبل اكثر من اربعين عاماً خلال تشييع جثمان المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى حسين البروجردي، انطلقت من امام بيت الشيرازي في الساعة السابعة صباحاً وتوجهت الى ضريح السيدة معصومة وسط مدينة قم وكان يتقدمها شقيق الراحل وعدد من ابنائه. وبوصول الجنازة الى الضريح تصدى المئات من رجال الحرس والأمن للمشيعين محاولين منعهم من دخول الضريح وأداء الصلاة داخله، غير ان عائلة الشيرازي اصرت على إدخال الجثمان واداء الصلاة عليه داخل الضريح. وتم ذلك بعد اتصالات اجراها العقيد بيري قائد استخبارات الحرس في قم مع رؤسائه في طهران. وعقب الطواف بالجثمان اقيمت صلاة الميت بإمامة شقيقه الذي هدد بقطع الصلاة عندما رأى بعض عناصر الحرس الثوري يضعون صوراً للزعيم الايراني الراحل الخميني ومرشد الثورة الحالي آية الله علي خامنئي حول النعش.

وحسب تأكيد الشاهد العيان الذي ايد معلوماته بعض اقارب الشيرازي وصحافي ايراني كان يغطي أخبار الجنازة، فان ما لا يقل عن ثلاثين ألفاً من المشيعين، رافقوا جثمان المرجع الراحل من ضريح السيدة معصومة الى بيته. وبناء على طلب العائلة امتنع المشيعون عن ترديد شعارات سياسية في طريق عودتهم الى بيت الشيرازي، غير ان عناصر الحرس والأمن هاجموا مسيرة المشيعين عندما وصلت الى الشارع الذي يقع فيه بيت المرجع الشيعي الراحل آية الله محمد رضا كلبايكاني، ووقعت اشتباكات عنيفة بين رجال الحرس والأمن والمشيعين أسفرت عن سقوط بعض الجرحى، وحسب قول عدد من الشهود، فان احدى وحدات مكافحة الشغب التابعة للحرس الثوري هاجمت حاملي النعش الذين كانوا جميعاً من تلامذة الشيرازي وأقاربه، وبدا واضحاً ان رجال الحرس يريدون خطف الجثمان لمنع دفنه في بيت الشيرازي، ونتيجة لمقاومة حاملي الجثمان أمر قائد استخبارات الحرس في قم بالقاء القنابل المسيلة للدموع واستخدام الهراوات لتفريق المشيعين. وقد سقط التابوت، والجثمان داخله، بسبب المواجهة على الارض، وسرعان ما تدخل رجال وحدة مكافحة الشغب من جديد، حيث قاموا بتطويق التابوت ونقلوه بسرعة الى سيارة عسكرية كانت متوقفة منذ الصباح في الشارع.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان سلطات أمن مدينة قم ابلغت عائلة المرجع الراحل بعد ساعة من ذلك انه تم دفن جثمان المرجع الراحل في ضريح السيدة معصومة في انتهاك صريح لوصيته.

وعلق عالم ديني بارز في مدينة قم على ذلك بالقول «انه عمل اجرامي لم يشهد تاريخ الشيعة مثله». وقال حجة الاسلام حائري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من امام بيت الشيرازي «ان المرجعية تعرضت اليوم لأسوأ الاهانات، والنظام الذي يطلق على نفسه الجمهورية الاسلامية، تجاوز الخطوط الحمراء جميعاً ففي الامس القريب اساءوا الى المرجع الكبير آية الله شريعة مداري بنقل جثمانه في الليل سراً الى مقبرة مجهولة ودفنه خلافاً لجميع التقاليد والتعاليم الدينية في ظلام الليل دون حضور ابنائه وأسرته. وكانوا قد تصدوا ايضاً للمشيعين في جنازة اية الله الراحل محمد الروحاني، واليوم يفعلون بجنازة العالم الكبير الامام الشيرازي ما لم يفعله المغول بعلماء الدين».

واعتبر حجة الاسلام حائري الذي بدا غاضباً جداً ان البلاد لا يحكمها المرشد خامنئي ولا رئيس الجمهورية محمد خاتمي «وإنما استخبارات الحرس ومحكمة رجال الدين الخاصة». وتوقع حائري بأن تكون لخطف جثمان الشيرازي «انعكاسات وتفاعلات حادة» داخل الحوزة الدينية في قم وخارجها «اذ ان احداث اليوم اثبتت انه لا حرمة للمراجع وحتى لجثثهم في ظل حكم ولاية الفقيه».