يمني ومصري بين أسرى تنظيم «القاعدة» في تورا بورا

TT

بينما صارت آثار بن لادن تتلاشى مع كل يوم جديد، استعرضت مجموعة من اتباعه امام الصحافيين اول من امس، كمظهر من مظاهر الانتصار من قبل القادة العسكريين المعادين لطالبان. خرج السجناء التسعة من الكوخ الطينى، رؤوسهم محنية، واكتافهم محدودبة، وملابسهم ممزقة وملطخة بالدماء. ولف عجوز ملتح ضمادة ضخمة حول رأسه. وجرح اخر في قدمه اليسرى ورجله اليمنى.

وصاح احد الحراس وهو يجر رجلا حافيا وحزينا: (اليمن)، وكأن الوطن هو تعريفه الوحيد. وفي داخل الكوخ، بعيدا عن اعين الصحافيين، جلس ثلاثة من الاسرى ذوي الاصابات الاكثر خطورة. وكان من ضمنهم مصري فقد احدى عينيه في القتال، وكان والده قد توفي بالقرب منه في اليوم السابق. كان ثلاثتهم يبكون. قال المصري لحراسه مستعطفا: «ارجوكم، لا تأخذوني الى الخارج. لانه اذا صور الصحافيون وجهي وعرض في التلفزيون المصري، فان اسرتي ستصبح في خطر». وقد ابقى الحراس على الرجال الثلاثة بالداخل.

ولكن مقاتلي القاعدة الاخرين تم عرضهم كبرهان حي على النصر الكاسح على القاعدة في تورا بورا، وفي الجبال البيضاء المحيطة بها.

وربما يكون العرض نوعا من التعويض والعزاء، لان اسبوعين من القتال المتواصل وثلاثة اسابيع من القصف الاميركي المستمر، لم تنجح في كشف مكان اسامة بن لادن، الهدف الاول للحرب ضد الارهاب.

قال القائد العسكري حاجي ظاهر «لست في موقع يسمح لي بتحديد مكانه».

ومن الجانب الاخر تراجع الرئيس الاميركي جورج بوش عن تصريح سابق بان بن لادن موجود في افغانستان، بقوله يوم الاثنين، في لقاء مع اطفال للتلاميذ المسلمين احتفالا بعيد الفطر، ان «كل التكهنات موجودة حاليا. ونحن نتلقى تقارير تقول انه في هذا الكهف، او في ذلك الكهف، او انه هرب او انه لم يهرب. ولكن عندما ينقشع الغبار فاننا سنعرف مكان وجوده، وسنقدمه للعدالة».

وكانت بعض التقارير التي ظهرت الاسبوع الماضي قد زعمت ان تسجيلا بصوت بن لادن قد سمع في بث من افغانستان، مما حمل المسؤولين الاميركيين على القول انه موجود باحد الكهوف على الحدود الافغانية ـ الباكستانية. وقد حاول الناطق الرسمي باسم البنتاغون، الادميرال جون ستافلبيم، تخفيف اثار هذه التصريحات، يوم الاثنين، بقوله ان نبرة البث صارت خافتة في الايام الاخيرة. وقال ان هذا لا يعني ان الاعتقاد بوجوده في المنطقة المعينة قد تغير، ولكن البحث قد انحصر في منطقة واحدة. وأضاف «كانت هناك دلائل على وجوده هناك، والان هذه الدلائل غير موجودة. ولذلك ربما يكون موجودا هنا، وربما يكون قد قتل، وربما يكون قد هرب».

وكان بعض القادة الافغان قد صرحوا الاسبوع الماضي بأن بن لادن ربما يكون قد هرب الى باكستان.

من ناحية اخرى لم تستطع قوات التحالف او حلفاؤها من الافغان القبض على الملا محمد عمر القائد الاعلى لطالبان، الذي قام نظامه المتطرف بايواء بن لادن، وذلك رغم المطالب الدولية بتسليمه للمحاكمة على هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الارهابية على الولايات المتحدة.

وقال حاجي جلالاي، رئيس الاستخبارات الجديد في مدينة قندهار، ان محمد عمر عثر له على بعض الاثار في بعض الكهوف والجبال في منطقة باغران حوالي 100 ميل الى الشمال الغربي. وقال ان القائد السابق لطالبان معه 500 من المقاتلين وان قوات من البشتون ستهاجمهم نهاية هذا الاسبوع.

وتتركز الهجمات الاميركية الان على الطرق المحتمل استغلالها في الهروب الى باكستان، وليس على المواقع الامامية. ومع ذلك فان الصحافيين حرموا من الدخول الى مواقع العمليات الماضية. ولم يتوفر بالتالي دليل مستقل على مزاعم الشورى الشرقية بانهم كنسوا مواقع القاعدة في هذه المنطقة التي تمتلئ بمئات الكهوف الملغومة. وكما فعلوا طوال هذه المعارك فان القادة المختلفين يقدمون روايات متناقضة حول عدد الاسرى والقتلى والجرحى من الجانبين. ويختلفون كذلك حول الاماكن التي سيذهب اليها الاسرى. فيقول بعضهم انهم سيسلمون الى الولايات المتحدة، ويقول اخرون انهم سيسلمون للسلطات الافغانية. ولكن القادة والجنود يتفقون على ان العدد الاكبر من القتلى كان ضحية القنابل الاميركية. وقد تبعثرت اشلاؤهم في الاخاديد وقمم الجبال. وقالوا ان مقاتلي القاعدة الباقين في حالة سيئة نتيجة القصف.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»