أفغاني يعود إلى بلده بعد 20 عاما جنديا مع «المارينز» ليمثل الوجه الأميركي في قندهار

TT

لأول مرة منذ 12 سنة اصبح لدى الولايات المتحدة وجه رسمي في كابل، بعدما اعيد افتتاح السفارة الاميركية فيها الاسبوع الماضي. لكن في قندهار ثاني اكبر مدن افغانستان، والمعقل الروحي والسياسي لطالبان، فإن الوجه الاميركي هو الجندي في سلك مشاة البحرية «المارينز» أجمال عشقزاي.

وعشقزاي عضو في الوحدة الاستطلاعية رقم 15 ومقرها بنتدلتون في جنوب كاليفورنيا وهو من مواليد كابل ويبلغ من العمر 26 سنة ومهمته مزدوجة: توعية «المارينز» بخصوص افغانستان وشعبها، وفي الوقت ذاته تقديم انطباع ودي واعتيادي للسكان المحليين. ويقول عشقزاي انه حالما وطأت قدماه الارض الافغانية «شعرت بأن هؤلاء هم شعبي. لم ازر قندهار من قبل، ولكني اشعر بأنني في موطني. ففي اسرتي، كنا نتعلم دائما: لا تنس دينك (الاسلام) او من اين اتيت».

وقبل 20 سنة هربت اسرة عشقزاي بعد الغزو السوفياتي. اذ كان ابوه باحثا سياسيا مرموقا وكان مستهدفا بالتأكيد. اما امه فهي من قندهار، وهي منطقة زراعية حيث كانت تنتشر كروم العنب. ووجدت الاسرة مسكناً في منطقة هايورد فيرمونت في شمال كاليفورنيا، في حي اصبح يعرف باسم افغانستان الصغيرة. ثم انتقلت الاسرة في وقت لاحق الى سولت ليك سيتي. وبعد وصوله الى معسكر راينو، الذي اقامه «المارينز» في صحراء جنوب افغانستان في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان عشقزاي بين اول مجموعة من القوات تصل للمعسكر وتؤمن مطار قندهار المهجور الذي يستخدم حاليا لهبوط طائرات الشحن العسكرية ولاستقبال المساعدات الانسانية.

وعشقزاي واحد من قلة من «المارينز» تتحدث البشتونية وغيرها من اللغات الافغانية. وقد اصبح بطلا محليا وهو يرحب بالعمال في مدخل المطار ويذهب للمدينة لشراء الامدادات. وذكر عشقزاي «لقد صدمت مما شاهدته. شيوخ واطفال حفاة في البرد وانا اشعر بالدفء من الملابس الخاصة التي ارتديها. وتمنيت لو انني قدمت لهم ملابسي، ولكني اعلم ان ذلك غير ممكن». اما تأثير رحلاته للمدينة فمثير للدهشة ولا سيما عندما يتحاور باللهجة المحلية. وأوضح «يقولون انت واحد منا». وفي احدى الجولات التقى بشخص يعتقد انه تربطه به صلة قرابة من بعيد.

وبالنسبة للأفغان فإن رسالة عشقزاي بسيطة: «المارينز» هنا للمساعدة، ثم سيرحلون. فهؤلاء الناس الذين عانوا من الحروب لسنوات طويلة يشكون في الاجانب، حتى هؤلاء الذين ساهموا في اسقاط طالبان. وقال عشقزاي ان «معظم الناس، ربما 80 في المائة، سعداء بوجود «المارينز» والباقون في حيرة من امرهم، فهم لا يعرفون كيف يفكرون. وهناك نسبة تتراوح بين 2 و3 في المائة من الافغان لا يحبون اي اجنبي». ومع ازدياد عدد «المارينز» في مطار قندهار الدولي المدمر، فإن الخطاب الرسمي يؤكد انهم سيغادرون قريبا. واوضح المتحدث باسم «المارينز» الميجور كريس هيوز «لسنا قوات احتلال. «المارينز» هنا للقيام بعمل والرحيل. نريد مساعدة هؤلاء الناس على بدء اعادة بناء بلادهم».

وجزء من هذه الجهود يشمل اشراك السكان المحليين في اعادة بناء المطار. وتجدر الاشارة الى ان هذا المطار كان مركزا اقليميا للرحلات الجوية، لكنه اصبح الان حطاما. وقال العامل الافغاني مالك نبي زاده «ان الحياة كانت صعبة للغاية» في ظل طالبان. واضاف «لقد حلقوا رؤوس الصبية، وضربونا ووضعوا العديد منا في السجون». وقد مزح محمد صديق، وهو مهندس يساعد في تجديد شبكة المياه والمجاري في المطار، مع عشقزاي عندما بدأ عماله العمل تحت اشراف «المارينز» وامام أعين الصحافيين. وقال عشقزاي «لقد قال لي: مرحبا بك في وطنك». ومثل العديد من «المارينز» فإن عشقزاي يرغب في العودة للولايات المتحدة، ولكن هناك سبباً اخر: استكمال المهلة المطلوبة للحصول على الجنسية الاميركية بعد عدة اسابيع من عودته.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»