التحديات أمام الحكومة الأفغانية: 13 مليون لغم وشعب نصفه أمي وأطفال يموت ربعهم قبل سن الخامسة

TT

ركب الحاج عبد القدير سيارته، تويوتا البيضاء لاند كروزر، يوم الجمعة في رحلة استغرقت 6 ساعات الى كابل، وحمل معه كمية كبيرة من الوثائق ومجموعة من الجنود تكفي لمواجهة جيش صغير.

ومن المتوقع ان يلعب عبد القدير، حاكم اقليم نانغرهار، دورا اساسيا في حكومة حميد كرزاي المؤقتة التي أدت اليمين امس في العاصمة، وهو الأمر الذي ينهي رسميا حكم طالبان الذي استمر خمس سنوات، ولكنه لا يقلل من قيمة التحديات.

وقال الحاج عبد القدير، حيث كانت قافلته تنتظر «ندعو الله بأن ننجح في تحقيق الوحدة والسلام». وأضاف «هناك مشاكل، العديد من المشاكل، ولكن يجب الا نفقد هذه الفرصة. واذا حدث ذلك ماذا سيحدث لأفغانستان؟».

ووصل الى كابل العديد من شيوخ القبائل، رجال، وفي بعض الحالات المحدودة، نساء ـ يمثلون جماعات عرقية مختلفة، ومصالح مختلفة ورؤى مختلفة للمستقبل، ولكنهم يشاركون في عامل مشترك: هم مواطنون لبلد، بعد 23 سنة من الحرب، وثلاث سنوات من الجفاف وسنوات لا تحصى من الفساد وسوء الادارة والاستغلال من العالم الخارجي، يتعرض لكارثة ذات أبعاد افريقية.

وذكر موظف في منظمات الاغاثة عندما «ترى ما يحدث هنا، لا يمكن الا ان تفكر في الصومال وانغولا وجنوب السودان». واضاف «من المؤكد ان الافغان، ولنقل الانغوليين لديهم الاحلام ذاتها ـ السلام وتعليم اولادهم، والفرصة لتحسين الاوضاع الاقتصادية. واعتقد انني توصلت لقناعة عبر السنوات ان الانسانية في كل مكان لديها نفس الرغبات ـ والقدرة ذاتها على افشالها».

الجدير بالذكر ان العاملين في مجال الاغاثة ليست لديهم الثقة بامكانية انقاذ افغانستان من ذاتها ومن منافساتها القبلية. كما لا يبدو في الافق اي حل سريع للمشاكل التي تنتظر القيادة الجديدة فواحد من كل اربعة اطفال (اي ربع اطفال افغانستان) يموت قبل سن الخامسة. ونصف عدد البالغين لا يمكنهم القراءة ولا حتى كتابة اسمائهم. وهناك 13 مليون لغم ارضي تنتشر عبر البلاد تقتل وتصيب 500 شخص شهريا. كما ادى الجفاف الى خفض الانتاج الزراعي بنسبة النصف.

ولم يسمع فيصل كريم الذي يدير مصنعا صغيرا للطوب في ضواحي جلال اباد، وهي المركز التجاري بالنسبة لثلاثة اقاليم، بلقاء كابل. فمدينته ليست فيها خدمات هاتفية، ولا صحف ولا تستقبل ارسالا اذاعيا او تلفزيونيا.

لكنه يعرف ان جماعة طالبان وضيوفها من تنظيم القاعدة الذي يقوده اسامة بن لادن قد ضرب إن لم يدمر كلية، وان افغانستان تقف على مفترق الطرق.

وذكر كريم «قبل ان يهاجمنا الروس وقبل ان تصل طالبان الى السلطة، كانت اوضاع الاعمال افضل. كنا نبيع الطوب في جميع انحاء الاقليم. وهو ما لا يحدث الآن».

واوضح كريم «ولكن اذا حدث استقرار ستعود المنظمات غير الحكومية وستبني مستشفيات وتشيد المباني، وبدلا من وجود 8 عمال، ربما سيكون لدي 16 عاملا.

ومن المفارقة ان طالبان حققت الاستقرار، ولكن الثمن الذي دفعه الافغان كان القهر. وكان عبد الغفار عمدة جلال اباد في مكتبه يوم الجمعة، تتجاذبه مشاعر القلق. فقد وضع يده اليمنى على قلبه بطريقة التحية الافغانية التقليدية، وقدم اكواب الشاي الى ضيوفه. وهز رأسه نفيا وصمت قليلا عندما سأله البعض عن اولويات جلال اباد اذا ساد الاستقرار والحرية الشخصية.

وأخيرا قال «كل شيء... نريد تنظيف المدينة فهي قذرة... ونريد مد الطرق. فهي محطمة واريد مرتبات للموظفين فلم يحصلوا الا على مرتب واحد في 6 اشهر، لانني ادفع المرتبات من جيبي الخاص. وتوجد اسلحة اكثر من اللازم. المدن آمنة، ولكن الريف غير آمن، وتنتشر فيه الفوضى».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط»