رئيس الحكومة الأفغانية الجديدة كرزاي.. شغل بالجهاد والسياسة فكاد ينسى الزواج

TT

كابل ـ وكالات الأنباء: يعتبر الزعيم البشتوني حميد كرزاي، الذي ادى اليمين الدستورية امس في بدء تسلم مهامه كرئيس للحكومة الانتقالية في أفغانستان، من المقربين لواشنطن التي كافأته بهذا المنصب على مواقفه المساندة للضربات الاميركية منذ اللحظة الاولى. وهو الى ذلك واحد من الذين شغلوا منذ وقت مبكر بالجهاد فلم يتزوج الا بعد الأربعين.

ويرى مراقبون ان انتماءه الى احدى قبائل البشتون المعروفة (بوبلزاي) في جنوب افغانستان كان عاملا رئيسيا للتوافق عليه خلافا لزعماء التحالف الشمالي الذين ينتمون الى الاقليات الثلاث في البلاد وهم التاجيك والاوزبك والهزارة. ويضاف الى رصيده ايضا انه من المجاهدين القدامى الذين قاتلوا الجيش الاحمر الى جانب القادة التاريخيين للبلاد في التحالف الشمالي وخارجه.

ولد كرزاي في 24 ديسمبر (كانون الاول) 1957 في قندهار بجنوب أفغانستان، وهو الرابع بين سبعة أبناء. درس في كابل قبل أن يتوجه إلى الهند ويستكمل دراسته الجامعية في العلوم السياسية. وهو يتحدث الانجليزية بطلاقة.

التحق عام 1982 بالمجاهدين ضد السوفيات، وسرعان ما اصبح قائدا للعمليات في جبهة التحرير الوطني الافغاني. شغل بقضايا الجهاد والسياسة فلم يتزوج إلا قبل عامين من طبيبة امراض نساء وتوليد افغانية كانت نشطة في مجال العمل مع اللاجئين في باكستان. امضى جانبا كبيرا من حياته منفيا في بيشاور حتى عام 1992 عندما عاد الى كابل ليشغل منصب نائب وزير الخارجية بعد سقوط النظام الشيوعي السابق. وعندما وصلت حركة طالبان الى السلطة على دباباتها عام 1996 بدا حميد كرزاي مستعدا للتعاون مع هذه الحركة التي ينتمي معظم قادتها الى قبائل البشتون. وقد عرضت عليه قيادة طالبان ان يكون ممثلها لدى الامم المتحدة، لكنه رفض، معتبرا في اول خلاف علني له مع الحركة ان قادتها ليسوا في الواقع سوى عملاء للاستخبارات الباكستانية.

وقد اخذت معارضة كرزاي لطالبان منحى حادا بعد ذلك خصوصا في اعقاب اغتيال والده النائب السابق عبد الحق كرزاي في كويتا (غرب باكستان) عام .1999 وعلى الرغم من ان احدا لم يعلن مسؤوليته عن عملية الاغتيال هذه، فان حميد كرزاي كان متيقنا ان طالبان هي التى تقف وراء الجريمة، وقرر منذ ذلك الوقت ان يعمل على اسقاط نظام طالبان متجاوزا كل الاعتبارات القبلية.

وقد تولى حميد كرزاي، خلفا لوالده، شؤون القبيلة التي راح نفوذها يتعاظم في جنوب افغانستان وكذلك علاقاتها المتينة بالملك المنفي محمد ظاهر شاه الذي كان جده رئيسا للمجلس الوطني في عهده حتى .1973 وفي منتصف اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، دخل حميد كرزاي الاراضي الافغانية سعيا وراء تأييد قبائل البشتون واستكمال الدعوات التي كان يطلقها من المنفى لعودة الملكية وانعقاد المجلس القبلي الافغاني «لويا جيرغا» لتقرير مستقبل البلاد. لكن حركة طالبان راحت تلاحقه وتضيق عليه حتى اضطرته الى الفرار مجددا الى باكستان. وقد تفاخر الاميركيون على لسان وزير الخارجية دونالد رامسفيلد بانهم هم الذين انقذوه من براثن طالبان وساعدوه على الفرار الى خارج البلاد، الا ان عائلة كرزاي نفت الرواية الاميركية نفيا قاطعا. وقبل ذلك باسبوع واحد فقط كانت طالبان اعدمت احد كبار المجاهدين ضد السوفيات عبد الحق الذي كان يسعى هو الآخر الى تأليب البشتون على طالبان. وهو المصير نفسه الذي كان كرزاي سيلقاه لو وقع في قبضة طالبان.

ومنذ سقوط كابل في ايدي قوات التحالف الشمالي في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد خمسة اسابيع من بدء الضربات الجوية الاميركية، عاد كرزاي الى جنوب افغانستان على رأس قواته التي تشارك في العمليات العسكرية الى جانب غول آغا محافظ قندهار السابق لاسقاط آخر معقل لطالبان في هذه المدينة.