تعديلات «جوهرية» على قانون الإعلام اللبناني تتيح تملك الأجانب في التلفزيون والإذاعة

TT

برز على الساحة اللبنانية اخيرا اتجاه لتعديل قانون الاعلام المرئي والمسموع المعمول به في لبنان منذ 1994 يسمح بشكل اساسي بمنح غير اللبنانيين حق تملك الاسهم في المؤسسات الاعلامية، بالاضافة الى احداث نقلة نوعية في مهمة المجلس الوطني للاعلام تعطيه صلاحيات تنفيذية في الرقابة بدلاً من صفته الاستشارية الحالية.

ويتوقع ان تحظى فكرة التعديل بالكثير من النقاشات على الساحة اللبنانية، ظهرت بوادرها مع النائب المعارض جورج قصارجي الذي اصدر امس بياناً حذر فيه من «مؤامرة للنيل من الاعلام ووسائله ومن الحريات العامة»، معتبراً ان «ظاهر هذه التعديلات محاولة لتشجيع الاستثمارات» اما باطنها فهو «تمرير صفقة الـ«إم.بي.سي» وجني ملايين الدولارات بتعديل المادة المتعلقة بتملك غير اللبنانيين على حساب وسائل الاعلام الحرة وعلى حساب تعريضها لضغوطات الرأسمال العربي».

وشدد قصارجي على ضرورة «عدم تمرير مشروع تعديل قانون الاعلام الا بعد ان تضع وسائل الاعلام اللبنانية مجتمعة مشروعها ورأيها وافكارها، وهي صاحبة الرأي الاول وهي ام الصبي، وبعد ان تدلي بدلوها في القانون المطبق». ودعا «وسائل الاعلام للاجتماع في ما بينهم في أقرب وقت ممكن واتخاذ الموقف الموحد مما يحاك ضدهم في ظلام الصفقات المشبوهة».

وأشار النائب قصارجي الى انه اطلق «صرخته لإنقاذ ما يمكن من المؤسسات اللبنانية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ان تلفزيون لبنان الرسمي لم يعد يبث تصريحاته لانه نائب معارض، فكيف اذا اصبح ملكاً لـ«ايه.آر.تي» وكذلك غيره من المحطات التلفزيونية». واعتبر ان المشروع هو لافساح المجال امام «شراء الـ«إم.بي.سي» لتلفزيون «المستقبل» والـ«ايه.آر.تي» لـ«تلفزيون لبنان»، مبدياً رفضه الشديد لاعطاء الاجانب حق تملك المحطات الاعلامية.

وأكد رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبدالهادي محفوظ وجود «ضرورة لتعديل القانون الذي اصبح متخلفاً عن مواكبة التطورات الحاصلة والحاجة الى عمليات الدمج واستقدام الرساميل لتوظيفها في لبنان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ان رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري متفقون على ضرورة تعديل القانون». وكشف انه «كلف رسمياً بإعداد المشروع بأقصى سرعة ممكنة».

وإذ أشار محفوظ الى ان المجلس الوطني كلف لجنة تضم متخصصين ورجال قانون لاعداد التعديل، قال «ان اكثر من جهة قدمت تعديلات للقانون من بينها قانون اعدته وزارة الاعلام في الحكومة السابقة التي كان يرأسها الدكتور سليم الحص وآخر اعده وزير الاعلام الحالي غازي العريضي، بالاضافة الى الاقتراحات النيابية بهذا الخصوص، مما يؤكد الحاجة الى تعديل هذا القانون لمواجهة المنافسة التي بدأت تطل بوادرها في عدد من الدول العربية». ولخص عناوين التعديلات التي ستطال القانون، مشيراً الى انها ستطال بشكل اساسي صلاحيات المجلس الوطني للاعلام لجهة منح التراخيص ومراقبة تطبيق القانون من قبل المؤسسات، بالاضافة الى ضرورة انشاء مخطط توجيهي عام للاعلام المرئي والمسموع غير موجود حتى الآن، لأننا نعمل وفق نظام مؤقت مما أدى الى وجود اذاعات تعمل بشكل غير مرخص (16 اذاعة)، وكذلك ضرورة انشاء هيئة البث الاذاعي والتلفزيوني، بالاضافة الى المجالات الجديدة التي طرأت بعد اقرار القانون كالصحف والنشرات الالكترونية والاذاعات التي تبث على الانترنت».

واوضح محفوظ ان المجلس الوطني واللجنة المكلفة بإعداد مشروع التعديل تدرس القانون الفرنسي للاعلام الذي عدل اخيرا للافادة من التجربة الفرنسية، لكون القانون اللبناني مأخوذاً اصلاً عن القانون الفرنسي. وقال «اياً كانت التعديلات التي ستقر، الا انها ستسمح بتملك العرب والاجانب لحاجات لها علاقة بالعولمة والمنافسة وفتح المجال لتوظيف مالي وعربي». واشار الى «وجهتي نظر تتنازعان حول الموضوع احداهما تقول بضرورة حصر تملك غير اللبنايين بنسبة مئوية معينة (49 في المائة) وأخرى تدعو لترك المسألة مفتوحة». ولمح الى تأييده للفكرة الثانية «لان هناك امكانية للتحايل على القانون كما يحصل الآن، ولأن المحك الفعلي هو الضوابط التي سيضعها القانون لعدم افساح المجال امام السيطرة الخارجية على المؤسسات الاعلامية». وقال «ان الضوابط المتعلقة بالبرامج ضرورية لعدم المس بالنظام العام والثوابت الوطنية وعلاقات لبنان الاقليمية والعربية»، مؤكداً ان «الحل الفعلي هو بمثل هذه الضوابط».

وينتظر ان يعلن النائب ناصر قنديل الخميس المقبل اقتراحاً لتعديل القانون يلحظ السماح لغير اللبنانيين بتملك اسهم في المؤسسات الاعلامية بنسبة لا تتجاوز 49 في المائة، كما يلحظ الاقتراح اعطاء المجلس الوطني للاعلام صلاحيات تقريرية بدلاً مما يتيحه القانون الحالي من صلاحية ابداء الرأي فقط، بالاضافة الى مواضيع تتعلق بالاعلانات.