رئيس مؤقت للأرجنتين وقاضيان يمنعان الرئيس المستقيل ووزير داخليته وقائد الأمن من مغادرة البلاد

TT

حل رئيس مجلس الشيوخ الأرجنتيني رامون بويترا، مكان رئيس الجمهورية المستقيل فرناندو دي لاروا، الذي اضطر إلى التنحي عن منصبه وسط أزمة اقتصادية متفاقمة ومظاهرات شعبية عارمة. وعقد أعضاء الكونغرس جلسة ثانية مساء امس وكان مقررا ان ينتخبوا رئيسا جديدا لمدة 3 اشهر خليفة لدي لاروا.

وكان الحزب البيروني الارجنتيني قد رشح امس ادولفو رودريجيز سا حاكم اقليم سان لويس لرئاسة الارجنتين بصفة مؤقتة الى ان يتم انتخاب رئيس جديد في الثالث من مارس (اذار) القادم. وبعد استقالة دي لا روا قال كبار زعماء الارجنتين انهم قرروا بالاجماع ترشيح رودريجيز ساكي يصبح رئيس الارجنتين المؤقت.

وقال رودريجيز سا الذي يمثل الحزب البيروني اكبر قوة سياسية في البلاد انه سيعلن: «اجراءات جديدة». واضاف وقد وقف الى جانبه زعماء الحزب البيروني: «اتعشم ان يدرك الجميع ان المهمة التي ستسند لي صعبة للغاية وتأتي في لحظة خطيرة جدا بالنسبة للبلاد».

وفي مفاجأة لم تكن متوقعة اعلنت مصادر قضائية ان قاضيين ارجنتينيين منعا الرئيس المستقيل من مغادرة البلاد بسبب اعمال القمع التي تعرض لها المتظاهرون وادت الى سقوط 27 قتيلا. واوضحت ان القاضيين الفيدراليين ماريا سيرفيني دي كوبريا ونوربرتو اوياربيدي قدما طلبهما الى دائرة المدعي العام التي وافقت عليه.

ويستهدف هذا الاجراء ايضا وزير الداخلية رامون ميستر ومدير الامن هنريكي ماثوف والمسؤول عن الشرطة الفيدرالية روبين سانتوس. واعتبر المدعي العام هؤلاء الثلاثة بالاضافة الى دي لا روا المسؤولين عن عمليات القمع التي تعرض لها المتظاهرون في بوينس ايرس. وكان دي لاروا قد غادر مبنى الحكومة بطائرة هليكوبتر يوم الخميس الماضي بعد أن أمضى يوما واحدا يراقب المواجهات بين المحتجين ورجال الشرطة في الشوارع. وفي آخر قرار له كرئيس للبلاد، رفع دي لاروا حالة الطوارئ التي فرضها الأربعاء الماضي أثناء الاحتجاجات الأخيرة في الشوارع التي خلفت 20 قتيلا. وقرر الكونغرس إجراء انتخابات جديدة خلال 90 يوما. ويقول المراقبون إن مهمة الرئيس القادم ستكون صعبة للغاية بسبب تخبط البلاد في أزمة سياسية واقتصادية خانقتين. وقد عاد الرئيس المستقيل بشكل مفاجئ إلى مبنى الحكومة اول من امس وألقى باللائمة على الحزب البيروني المعارض لرفضه الدخول في حكومة وحدة وطنية. وتعتبر الاحتجاجات الأسوأ منذ عودة الديمقراطية إلى الأرجنتين عام 1983، إذ خرج إلى الشوارع آلاف الأشخاص احتجاجا على الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي اسفرت عن مقتل 27 شخصا. وتصدت الشرطة في وقت سابق للمتظاهرين بالخيول وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. واعتقلت أكثر من ألفي متظاهر. كما فقدت سيدة كعبها بعدما سحقتها خيول الشرطة، بينما نقل آخرون وهم يصرخون في الطريق إلى مقار مصالح الأمن. وبالمقابل أضرم متظاهرون النار في مبنى وزارة المالية واثنين من البنوك الرئيسية. وفي المدن الكبرى نهب مشاغبون عددا من المنازل والأسواق والمحلات التجارية. ويعود سبب الاحتجاجات إلى إجراءات تقشفية اتخذتها الحكومة لإنعاش الاقتصاد الذي يعاني من ثقل الديون وارتفاع معدلات البطالة التي بلغت 20%. وقد قدم كل أعضاء حكومة الرئيس دي لاروا استقالتهم، على الرغم من أنه لم يقبل إلا استقالة وزير الاقتصاد دومينجو كافالو. وقالت مصادر رسمية إن هناك جهودا حثيثة لوضع سياسة اقتصادية بديلة. ومن المقترحات المطروحة ارتباط العملة الأرجنتينية بالدولار الأميركي، وهذا يعني خفضا لقيمة العملة وعجز البلاد عن تسديد ديونها البالغة 132 مليار دولار.

وساد الهدوء امس بعد عدة ايام من النهب والشغب بشكل متقطع ، واندلعت اعمال العنف من جراء سوء الاحوال الاقتصادية من تقشف وفقر الا ان رودريجيز تعهد باعلان خطة تقشف صارمة جديدة. ومن المحتمل ان تثير الاجراءات التقشفية الجديدة غضب المواطنين الذين تسببت الاضطرابات التي قاموا بها في اسقاط دي لا روا بعد خفضه اجور الموظفين ورفعه الضرائب وكبح حريات البنوك في محاولة لتفادي العجز عن سداد ديون البلاد البالغة 132 مليار دولار وسط ركود دخل الآن عامه الرابع.

وفي واشنطن دعا الرئيس الاميركي جورج بوش الرئيس الارجنتيني الجديد لاتخاذ اجراءات تقشفية يطالب بها صندوق النقد الدولي ويراها ضرورية لحماية الدائنين في البلاد واعادة الاستقرار والنمو. وقال بوش ان الاجراءات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي «قاسية جدا ولكنها واقعية وضرورية».

واضاف «حسب معلوماتي، فان صندوق النقد الدولي مستعد لمنح الارجنتين قرضا جديدا في حال تم تطبيق اجراءات التقشف».

وكان بوش وقع خلال النهار بيانا مشتركا مع الرئيس المكسيكي فيتشنتي فوكس ورئيس الوزراء الكندي جان كريتيان اعربوا فيه عن «قلقهم وتعاطفهم» بعد اعمال العنف التي وقعت في الايام الاخيرة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»