مسؤولون باكستانيون: التحقيقات مع أسرى «القاعدة» تصطدم بنقص المتحدثين باللغة العربية ورفض المحتجزين التعاون مع المحققين

كشفوا عن مشاركة سعوديين ومصريين في استجواب المعتقلين الذين نفوا صلتهم بابن لادن أو الالتقاء به

TT

تعتقل القوات المناهضة لطالبان في افغانستان حوالي سبعة آلاف من مقاتلي «طالبان» و«القاعدة» ممن يجري التدقيق في قابليتهم على تقديم معلومات، او بهدف مقاضاتهم من جانب السلطات في الولايات المتحدة، وفقا لما ذكره مسؤولون اميركيون اول من امس.

ويجري احتجاز الاسرى، بينما يسعى المحققون الاميركيون، الذين يعملون مع القوات المناهضة لطالبان، الى تحديد مَنْ مِنَ السجناء لديه معلومات مفيدة عن زعماء القاعدة، وفرز اولئك الذين لم يكونوا الا «متعاطفين» او «ملتحقين حديثا» عن اولئك الذين كانوا يشغلون مواقع المسؤولية في حكومة طالبان او القاعدة ممن «تلطخت اياديهم بالدماء»، كما اوضح المتحدث كينيث كيث.

وأكد كيث، السفير الاميركي السابق الذي ارسل الى اسلام اباد للتحدث باسم الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب ضد الارهاب، ان رقم سبعة آلاف هو مجرد تقدير جرى التوصل اليه من خلال عدد من القوات الافغانية. غير ان الاعلان عنه وفر أول معرفة علنية عن مدى جهود الولايات المتحدة للتحقيق مع سجناء طالبان و«القاعدة» بهدف الحصول على معلومات عن اسامة بن لادن وآخرين ممن قد يتحملون مسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على نيويورك وواشنطن.

وابلغ كيث الصحافيين بأن «هذه عملية تستغرق وقتا».

وقد اقامت قوات البحرية الاميركية سجنا مؤقتا قرب قندهار جنوب شرق افغانستان لاحتجاز بعض الاسرى ممن يقدر انهم يتمتعون بقيمة بالنسبة للتحقيقات اللاحقة التي يجريها مسؤولون اميركيون. وقد ارسل عدد من افراد مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) الى قندهار للمشاركة في عملية التحقيق.

وتعتزم السلطات الاميركية اقامة مركز احتجاز آخر في قاعدة باغرام الجوية على بعد 35 ميلا شمال كابل.

وهناك مجموعة اخرى من الاسرى، بينهم اميركي قاتل الى جانب طالبان، يجري احتجازهم على ظهر سفينة للبحرية الاميركية في بحر العرب.

ولم يكن كيث ومسؤولون اميركيون آخرون قادرين على تحديد احتجاز السبعة آلاف أسير على يد القوات الافغانية، او الظروف التي يعيشون فيها. وكانت مجموعة كبيرة من مقاتلي طالبان و«القاعدة»، قدر عددها سابقا بحوالي 500 أسير، محتجزة لأسابيع من قبل قوات عبد الرشيد دوستم، القائد الاوزبكي، في قلعة بمزار الشريف شمال افغانستان.

وفي الايام الاخيرة اعتقل جنود باكستانيون وحراس حدود شبه عسكريين حوالي 300 من مقاتلي «القاعدة» ممن كانوا يحاولون اللجوء الى باكستان بعد هروبهم من مخابئهم النائية بالجبال البيضاء شرق افغانستان، وفقا لما ذكره مسؤولون باكستانيون. ولم تعلن حكومة الجنرال برويز مشرف عن العدد الكلي للأسرى مراعاة لمشاعر التعاطف التي ما يزال يبديها كثير من الباكستانيين مع التجربة الافغانية في الحكم الاسلامي المتطرف.

وتتوق ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الى الحصول على معلومات من السجناء الذين ألقي القبض عليهم اخيرا في باكستان، لانه يعتقد ان أسامة بن لادن كان معهم في منطقة الجبال البيضاء قبل ان يختفي.

وتتمثل الفكرة في ان أتباعه الأسرى يمكن ان تكون لديهم معلومات عن مكان وجوده، وقد يكون بينهم ايضا زعماء كبار في «القاعدة».

ويظل الإخفاق، حتى الآن، في القبض على بن لادن أو الملا محمد عمر، زعيم طالبان، غيمة داكنة في سماء حرب الادارة الاميركية في افغانستان. فقد جرى تحطيم شبكة القاعدة وتفكيك حكم طالبان في أفغانستان. وتولت ادارة مؤقتة يترأسها الزعيم البشتوني حميد كرزاي، وهو من أنصار الملك السابق، مقاليد الامور في كابل رسميا ابتداء من يوم امس. ووصلت مجموعة اولى من افراد قوات البحرية الملكية البريطانية اول من امس في طليعة قوة أمن دولية ينتظر ان يصل عددها الى ستة آلاف.

ولكن طالما ان بن لادن ما يزال في حالة هروب، فإن الادارة الاميركية لم تحقق هدفها الواضح والرمزي: اعتقال او قتل بن لادن، الذي تحمله المسؤولية عن قتل ما يزيد عن ثلاثة آلاف من الاميركيين في 11 سبتمبر، والرجل الذي شنت الحرب ضده في افغانستان في السابع من اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

ووفقا لمسؤولين في الامن الباكستاني، بدأ ضباط من مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) والاستخبارات المركزية الاميركية (سي. آي. ايه) المشاركة بانتظام في التحقيق مع مقاتلي تنظيم «القاعدة» الاسرى، مع ضباط من وكالة الاستخبارات الباكستانية. ويجري التحقيق في عدد من مراكز الاحتجاز على الحدود الشمالية الغربية.

وقد نشرت باكستان حوالي 60 ألف جندي، سوية مع عدد مماثل من حراس وشرطة الحدود لمنع مقاتلي القاعدة من الهروب. وكانت مجموعة من المقاتلين الاسرى قد استولت على شاحنة سجن كانت تقلهم الاربعاء الماضي، وبدأ الاسرى اطلاق النار، فقتلوا ما يزيد على 10 أشخاص بينهم خمسة من افراد قوات الامن الباكستانية.

وذكر مسؤولون محليون ان ثلاثة افراد آخرين قتلوا الخميس الماضي عندما كانت قوات الامن تلاحق الهاربين ممن شاركوا في صدام اليوم السابق.

وعلى الرغم من الانتشار الواسع، يقدر مسؤولون أمنيون باكستانيون ان 200 آخرين من افراد «القاعدة» الهاربين تسللوا عبر مناطق حدودية من دون ان يجري الكشف عنهم، ووجدوا اماكن للاختفاء بمساعدة جماعات قبلية باكستانية محلية. ويقوم الجنود وحرس الحدود بحراسة المنطقة، وهي جبال وعرة تقع مباشرة جنوب الحدود الافغانية قريبا من مدينة باراشينار، في محاولة لتعقب الهاربين والقاء القبض عليهم.

وقال مسؤول في الاستخبارات الباكستانية «لدينا معلومات ملموسة بأن عشرات من العرب قد سلكوا طرقا آمنة نحو أماكن اختفاء في باكستان عبر دفع مبالغ مالية كبيرة الى من ساعدوهم». واضافوا ان التحقيقات لم توفر سوى معلومات قليلة حتى الآن، فلا وكالات الاستخبارات الباكستانية ولا الاميركية لديها ما يكفي من المتحدثين باللغة العربية، او معلومات محددة لتجعل السجناء يتحدثون، وفقا لما ذكره مسؤول باكستاني كبير. وقال ضابط استخبارات كبير «كيف يمكنك ان تحمل ارهابيا المسؤولية اذا لم تكن لديك معلومات عن خلفيته، بل اذا لم تكن قادرا على التحدث بلغته؟»، مضيفا ان «المسؤولين الاميركيين لا يمتلكون اكثر من عشرات من الاسماء، ولا سبيل أمامهم لمقارنة هذه الاسماء مع الناس الذين نحتجزهم هنا».

ويساعد محققون سعوديون ومصريون، الباكستانيين في عمليات التحقيق، طالما ان الكثير من مقاتلي القاعدة هم من السعوديين او المصريين، وفقا لما ذكره مسؤول باكستاني. ولكنه اضاف ان الاسرى يرفضون، بعناد، التعاون مع المحققين، مشيرا الى ان «كل واحد منهم لديه دوافع قوية بحيث انهم اعلنوا، بشكل جماعي تقريبا، ان لا صلة لهم بالقاعدة، وانهم لم يروا اسامة بن لادن مطلقا».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»