بن لادن يفلت من رقابة المخابرات الأميركية.. بالتضليل

TT

قالت مصادر مطلعة ان وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.إيه) جندت قبل اربع سنوات من هجمات سبتمبر (أيلول) الارهابية فريقا من 15 من العملاء الافغان وكلفتهم بمراقبة كل حركات بن لادن. وقد حقق الفريق نتائج تتراوح بين النجاح المبين والفشل المزري. وكان الفريق يبلغ كل شهر تقريبا عن وجود بن لادن في مكان ما، وكانت المخابرات الأميركية تتاكد من صحة المعلومات عن طريق الاقمار الصناعية. ومع ان الفريق زعم انه اطلق النار على قافلة بن لادن في مناسبتين على الاقل الا ان الوكالة لم تتأكد من ذلك بوسائلها الخاصة.

ومع ذلك فان بن لادن كثيرا ما يفلت من الرقابة لمدة اسبوع كامل في بعض الاحيان. وقد ظل وجود هذا الفريق سرا محصورا في اضيق نطاق. مما يوضح ان «سي.آي إيه» كانت تبذل مجهودا في مطاردة بن لادن اكثر مما كان معروفا من قبل. ولكن الولايات المتحدة لم تشن أي هجوم على بن لادن بناء على المعلومات التي وفرها ذلك الفريق. ويظل بن لادن طليقا الان رغم سقوط نظام طالبان الذي كان يؤويه ووجود مئات الجنود من القوات الخاصة الأميركية. ويقول المسؤولون الأميركيون انهم لا يعرفون اين يوجد الآن.

كان تكوين ذلك الفريق جزءا من خطة الولايات المتحدة لقتل بن لادن او القبض عليه التي بدأت منذ رئاسة الرئيس السابق بيل كلينتون وتواصلت في عهد الرئيس جورج بوش. وتقول المصادر ان بوش كان يفكر في خطة طموحة لتدمير بن لادن حتى قبل الهجمات الارهابية.

وكان مجلس الامن القومي قد وضع خطة سرية تنفذها «سي.آي.إيه»، وتكلف حوالي 200 مليون دولار في العام. وتتكون تلك الخطة من جزءين اساسيين: الجزء الاول هو تكليف «سي.آي.إيه» بزعزعة النظام في أفغانستان. والجزء الثاني هو تنفيذ برنامج يؤدي الى تحطيم شبكة «القاعدة» على النطاق الدولي. وكانت الخطة جاهزة لتقديمها الى بوش عندما وقعت الهجمات. ومنذ الهجمات اجاز بوش برنامجا اكثر قسوة لتحطيم بن لادن. ويكلف ذلك البرنامج اكثر من مليار دولار. ويعتبر بن لادن اكثر الشخصيات خفاء في التاريخ، ويشعر الجنود الاميركيون الذين يجوبون جبال ووديان أفغانستان بالاحباط الشديد وهم يفقدون أي اثر يدلهم عليه. ومع ان بن لادن ظل موجودا بصورة اساسية في منطقة قندهار الا انه كان يتحرك كثيرا وباشكال مختلفة وعلى غير نمط ثابت ولا يترك وراءه اثرا، وكان في بعض الاحيان يسير قوافل كاملة للتضليل، كما كان يتحرك في بعض الاحيان عن طريق سيارات الاسعاف وغير ذلك من الطرق غير المعهودة.

ورغم ان الفريق المذكور كان يقدم تقارير منتظمة الا ان الأميركيين لم يكونوا يثقون فيها كليا لانه لا يوجد مصدر مستقل ليؤكد صحتها. وهذا ما منع الهجوم عليه. كما ان سرعة حركته وفجائيتها كانت تجعل المغامرة بضرب كوخ معين لانه كان فيه في لحظة من اللحظات عملية غير مضمونة العواقب وربما تعود بابلغ الضرر.

والواقع ان المحاولة الأميركية المعروفة لقتل بن لادن لم تكن قد اعتمدت على معلومات من الفريق المذكور. وفي أغسطس (آب) 1998 امر الرئيس كلينتون بشن هجوم بصواريخ توماهوك على بن لادن. واطلقت على الاقل 70 صاروخا على معسكر خوست بالقرب من الحدود الباكستانية حيث كان من المفترض ان بن لادن كان يحضر مؤتمرا لشبكة القاعدة. لكنه غادر المعسكر قبل ساعة او نحو ذلك من سقوط الصواريخ. وكانت المعلومات لهذه الغارة قد جاءت اساسا من معلومات استخبارية حول ان بن لادن كان يعقد مؤتمرا لمنظمته.

وبالرغم من الفشل في القبض على بن لادن الا ان الفريق ظل يعمل وظل هو المصدر الاساسي للمعلومات حوله حتى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الارهابية.

كان ذلك الفريق يقدم تقاريره التي يمكن ان تكون يومية في بعض الاحيان، لمحطة تابعة لـ«سي.آي.إيه»، تسمى «محطة بن لادن». وتقول المصادر ان الفريق كان يتكون من عناصر جريئة وشجاعة وانهم كانوا محبوبين تماما من الوكالة.

وبعد هجمات الصواريخ اصبح الوصول الى بن لادن اكثر صعوبة وذلك لأنه كان يحيط نفسه بغطاء واق من مقاتلي طالبان، ويعيش دائما وسط حماية داخلية من مقاتلي القاعدة. وبالتالي فقد اصبح الوصول اليه محفوفا بالمخاطر لان ادارة كلينتون وادارة بوش قبل هجمات سبتبمر لم تكونا ترغبان في التورط بحملة كبيرة.

وقال احد المسؤولين ان الفريق تحول الان الى مقاتلين، وان المفارقة هي انه بدلا من 15 صار الان هناك المئات الذين يطاردون بن لادن.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»